قائمة الموقع

بانتظار تنفيذ الوعود.. عمال النظافة في مأزق

2018-01-04T08:26:29+02:00

"طُردت من البيت الذي استأجرته، وانتقلت للعيش في بيت أهلي مع أبنائي الثلاثة بسبب الأزمة".. بهذه الكلمات لخّصت عاملة النظافة "لبنى الأزرق" حالتها الحالية نتيجة عدم دفع وزارة الصحة المستحقات المالية لشركات النظافة منذ أربعة أشهر، فهي اليوم، كحال غيرها من العمال، لا تستطيع تلبية احتياجات أسرتها، بل حتى إعطاء أولادها مصروفهم المدرسي نتيجة هذه الأزمة.

الأزرق التي تعيش حاليًا في بيت والدها بمخيم النصيرات، بالكاد تستطيع التوجه إلى غزة لأداء عملها، بعد أن تستدين قيمة المواصلات من أهلها وجيرانها، الذين تستعير منهم كذلك ملابس مدرسية لأولادها، كما تقول لـ"فلسطين".

الجمعة بلا طعام

"إن لم تدفعوا آخر الشهر ستطردون".. بهذا هدد صاحب البيت العاملة إنعام الطويل التي تعيل سبعة أبناء، إذ إن زوجها عاطل عن العمل.

ولا تخفي في حديثها لـ"فلسطين" أن عائلتها أمضت الجمعة الماضية دون وجبة طعام، وأن هذه الظروف أجبرتها على العمل يوم الجمعة، حتى توفر ما يمكن توفيره من متطلبات أسرتها، وتتساءل: "من وين بدي أطعميهم بدون راتب؟".

هنا، الجرح عميق.. عاملة النظافة عبير الصاوي، أم لثمانية أبناء معظمهم طلبة جامعيون، تسكن في بيت ممتد على مساحة 50 مترا مربعا ومكون من غرفة ونصف، ومقام على أرض حكومية شمال غرب مدينة غزة بمنطقة "الكرامة"، عادت إلى بيتها بعد أن أنهكها العمل، وما أن همت بالجلوس لأخذ قسط من الراحة، حتى وجدت ابنتها، وهي طالبة جامعية، تغطي وجهها بيديها كانت تجهش بالبكاء.

"هل يحق للجامعة طرد ابنتي من قاعة الامتحان لأنها لم تدفع الرسوم؟".. بحرقة على حال ابنتها تطرح هذا السؤال، وكلها أمل أن تُحل مشكلة عمال النظافة وتقوم وزارة الصحة بتحويل رواتبهم.

في هذا البيت الذي لم يحمي أهله من أمطار المنخفض الجوي الأخير التي تسببت بانهيار سقفه المكون من ألواح "الزينكو"، ما زالت العائلة تكتب معاناةً تلو الأخرى سببتها أزمة يُفترض أن تكون بسيطة، فرواتب كل عامل لا تتعدى 700 شيكل.

مساواة بعمال الضفة

"آمال أبو فول" إحدى عاملات النظافة بمستشفى الشفاء بمدينة غزة، لديها طفلة مريضة تحتاج إلى حقنة مرّة كل يومين، كانت هذه المعاناة في العائلة سببا في توجه أبو فول للعمل، لكنها اليوم غير قادرة على توفير متطلبات هذا الحمل المادي الواقع على كاهلها، فتقول لـ"فلسطين": "اليوم، وبعد أربعة أشهر على هذه الأزمة لا نستطيع حتى إعطاء أولادنا مصروفً يوميا".

بصرخة المتألم على واقع الحال، رفعت صوتها ثم طالبت بمساواة رواتب عمال النظافة في غزة الذين يتقاضون 700 شيكل شهريا، أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية الذين يتقاضون 1400 شيكل شهريا.

تقول: "نريد رواتبنا.. لا نتسول أو نطلب منة من أحد فهذه حقوقنا المالية وعلى وزارة الصحة وضع الخلافات جانبا".

لكل واحد منهم قصة ومأساة، بعضهم تعرض للسجن نتيجة عدم دفع الالتزامات المالية المتراكمة، أسعد الأسود أحدهم، يقول لـ"فلسطين": "كنت أسكن في بيت بالإيجار، والآن عدت إلى منزل عائلتي لعدم تمكني من الالتزام بدفع المستحقات المالية، إذ تعرضت للسجن مرتين لهذا السبب، ولولا تدخل أهل الخير لدفع صاحب البيت للتنازل عن القضية إلى أن تُحل مشكلة الرواتب لبقيت بالسجن".

خرج الأسود من معاناة، وذهب لخوض تفاصيل معاناة أخرى، إذ يوضح: "أعيل الآن بالإضافة لأطفالي الأربعة، والدي وشقيقتي من ذوي الاحتياجات الخاصة".

ويشاركه الحال زميله العامل محمد البردويل، وهو متزوج وأب لابنين في رياض الاطفال، فقد عاد لمنزل عائلته لذات السبب.

تقف عاملة النظافة "أم صقر" وهي تنظر للعمال المضربين عن العمل من حولها، وتتساءل: "إلى متى هذا الحال؟ لماذا لا يوجد رواتب لعمال بسطاء، ماذا تنتظر الحكومة؟"، وهي أيضا ممن تراكمت عليها الديون.

ننتقل إلى وجه مأساوي آخر للأزمة، فبعد أن خطب عامل النظافة محمد البلعاوي عاملة أخرى، وطلب من عائلتها منحه مدة عامين لكي يتمكن من توفير تكاليف الزواج، تفاجأ بأزمة الرواتب بعد انتهاء تلك المدة مما سبب خللا في البرنامج الذي أعده لإتمام مراسم الزواج.

بنبرة صوت امتزجت بالمرارة يقول لـ"فلسطين": "اليوم لا نستطيع الزواج الذي طال انتظاره بسبب أزمة الرواتب.. أتمنى من وزارة الصحة تحويل رواتبنا حتى نتزوج ونفرح كباقي الناس".

بانتظار التنفيذ

المتحدث باسم شركات النظافة أحمد الهندي يقول لـ"فلسطين": "إن وزارة الصحة وعدت بتحويل مستحقات الشركات اليوم، وفي حال وصلت المستحقات فإن الشركة ستقرر تهدئة الأوضاع"، موضحا أن الحوالة المالية لن تحل أوضاع عمال النظافة لأن الشركات ستصرف راتب شهر فقط من أصل أربعة شهور لم يتقاض فيها العمال رواتبهم.

ويبين أن إجمالي المستحقات المالية من شركات النظافة على الوزارة تبلغ 3 مليون و700 ألف شيكل، منوها إلى أن الوزارة وعدت بصرف حوالة مالية عاجلة عن مستحقات شهر واحد فقط والبالغة 934 ألف شيكل لشركات النظافة، على أن تقوم الشركات بالعودة للعمل لإعطائها فرصة لمعالجة الأزمة.

وأعلنت شركات النظافة في 28 ديسمبر/ كانون أول الماضي تعليق العمل في جميع المستشفيات في قطاع غزة، احتجاجا على عدم وزارة الصحة لمستحقاتهم منذ أربعة أشهر مما سبب معاناة كبيرة على حياة العمال، لكنها وبعد وعود من الوزارة استمرت بالإضراب الجزئي لمدة ساعتين يوميا.

اخبار ذات صلة