أكد مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات في جمعية الدراسات العربية بالقدس المحتلة خليل التفكجي، أن قانون "القدس الموحدة" المعدل، جزء من مشروع يميني إسرائيلي كبير لعام 2050 لإعادة رسم هوية المدينة دينياً وديمغرافياً واقتصادياً واجتماعيا، بما يقضي نهائياً على الوجود الفلسطيني في القدس.
وقال التفكجي لصحيفة "فلسطين"، إن الاحتلال استولى عبر القانون على شرق القدس وغربها "بما يؤكد أنه لا يرى ضرورة لأن تكون المدينة مقسمة أو عاصمة لدولتين إحداهما فلسطينية".
وصادق "الكنيست" الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي بالقراءتين الثانية والثالثة على تعديل قانون "القدس الموحدة"، الذي يمنع أي حكومة إسرائيلية من التفاوض على أي جزء من القدس المحتلة إلا بعد موافقة غالبية نيابية استثنائية لا تقل عن ثمانين عضوا من أصل 120.
وكانت دولة الاحتلال، أعلنت بموجب القانون عام 1980 ضم شرقي القدس المحتلة تحت سيادتها، وأثار ذلك زوبعة ضخمة من الانتقادات والتحركات، وكان السبب المباشر لصدور قرار مجلس الأمن رقم (478)، الذي أدان القانون واعتبره منعدماً وباطلاً، وطالب الدول بعدم التعاطي معه، أو إقامة أي بعثات دبلوماسية في المدينة، وقد استجابت في حينه 13 دولة كان لها سفارات في القدس، وقامت بنقل سفاراتها.
ونبه التفكجي إلى أن سكان المدينة المقدسيين سيصبحون بموجب القانون في "مهب الريح، متحكماً بمصيرهم ووجودهم".
وأشار إلى أن سكان القدس، هم أحد أهداف حكومة الاحتلال، وعمل فعليا منذ عدة سنوات وعبر سلسلة من القرارات والقوانين والإجراءات على إبعادهم عن المدينة المقدسة، فيما جرى مؤخرا إخراج أحياء تضم الآلاف منهم خارج إطار حدود بلدية القدس الاحتلالية.
ويتيح التعديل الجديد لبلدية القدس الاحتلالية بأن تعيد تعيين حدودها بما يسمح باستثناء الأحياء السكانية الفلسطينية الخالصة من نطاقها، مثل حي الشيخ جراح ومخيم شعفاط، وهي أحياء مفصولة عن المدينة قسراً بجدار الفصل العنصري.
كما يسمح القانون بإلحاق المستوطنات الإسرائيلية في محيط مدينة القدس ضمن نطاق البلدية، فيما يسمى بمشروع "القدس الكبرى 2020".
وبين التفكجي أن سلطات الاحتلال تعمل جاهدة وبعد سيطرتها على الجزء الأكبر من أراضي القدس على تهويد المدينة ديمغرافيا بجعل سكانها الفلسطينيين أقلية لصالح أغلبية يهودية من المستوطنين بحلول عام 2020.
ومشروع القدس لعام 2020، يقضي بإقامة 58 ألف وحدة استيطانية جديدة، وإحداث تغيير ديمغرافي جذري، واعتبار القدس المركز الديني وقلب الحياة الثقافية والروحانية لأقسام كبيرة من سكان العالم، وأنها قلب الشعب اليهودي ومجمع روحي لكل اليهود في العالم والدولة.
وأشار التفكجي إلى أن الاحتلال لا يكتفي بهذا المشروع إذ رسم اليمين الإسرائيلي مخططات مستقبلية للقدس حتى عام 2050.
ويضع مشروع 5800 لعام 2050، مخططا جديدا للمدينة لرسم حدودها في عقول الجمهور الصهيوني ووعيه بالهوية الإسرائيلية، وهي رؤية ثانية لليمين للمشاريع طويلة الأمد للقدس ومستقبلها بعد 25 عاما.
ويهدف المخطط إلى إقامة مطار دولي كبير في منطقة البقيعة القريبة من مدينة أريحا والبحر الميت، ولا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن المدينة، وربط المنطقة بشبكة من القطارات، وإقامة مناطق صناعية وتجارية وفنادق، وتوسيع حدود بلدية القدس لتصل إلى أريحا شرقا وغوش عتصيون (بين الخليل وبيت لحم) جنوبا، وموديعين (اللطرون) غربا، وتتجاهل هذه الخطة السكان الفلسطينيين واحتياجاتهم، وتظهر المدينة كمدينة دولية مزدهرة، وفقاً لتقارير إعلامية.
وفي هذه الخطة سيعيش في المدينة ومحيطها خمسة ملايين شخص، ويزورها 12 مليون سائح سنويا، وتكون مكتظة بالسياح والفنادق، وفيها مواصلات متطورة.
وشدد التفكجي على أن قانون القدس الموحدة المعدل "أغلق باب مفاوضات الحل النهائي (...) وأطلق فعليا رصاصة الرحمة الأخيرة على هذه العملية".