أمام كاميرات وسائل الإعلام الدولية والمحلية يمعن جيش الاحتلال الإسرائيلي في استخدام القتل العمد بحق أبناء الشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وقطاع غزة، دون حسيب ولا رقيب وبصمت دولي مُطبق شجعها على ارتكاب جرائمها.
ووثقّت العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية قيام جيش الاحتلال بجريمة القتل العمد دون وجود خطرٍ يهدد حياة الجنود، الأمر الذي اعتبره قانونيان في حديثٍ مع "فلسطين"، أنه مخالفٌ للأعراف والمواثيق الدولية كافة، مما يتوجب محاسبته على الجرائم التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
واستشهد وأصيب خلال الأسابيع الماضية المئات من المواطنين الفلسطينيين أحدهم المقعد الشهيد إبراهيم أبو ثريا، بعد إطلاق الرصاص المباشر عليهم.
مخالفة قانونية
يقول الخبير في القانون الدولي حنا عيسى، إن القانون الدولي والإنساني يُجرم قيام جيش الاحتلال باستهداف الفلسطينيين من "نقطة صفر"، ودون وجود خطر حقيقي يهدد حياة الجنود، مما يُعد جريمة حربٍ، بل جريمة ضد الإنسانية.
وأكد عيسى لصحيفة "فلسطين" أن جيش الاحتلال يُمارس سياسة القتل العمد بحق المدنيين الفلسطينيين في مخالفةٍ واضحة لقواعد وأعراف القانون الدولي.
وبين أن اتفاقية جنيف الرابعة، البروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف لعام 1977، وأنظمة الجيوش التي تنظمها اتفاقية لاهي لعام 1907، وتُعرف بالاتفاقية العرفية، تدعو لمنع قتل المدنيين وتعتبر قتلهم بمثابة اعتداء على القانون الدولي ووجبت المحاسبة، كما قال الخبير في القانون الدولي.
ويشير إلى أنه بإمكان عائلات الشهداء التوجه لمحكمة الجنائية الدولية، ورفع شكوى ضد الاحتلال لمعاقبته على جريمة قتل أبنائهم، ومن ثم يقوم المدعي العام للمحكمة الجنائية فاتو بن سودة، بإجراءات التحقيق اللازمة. وأكمل أنه "في حال قامت سلطات الاحتلال بمحاكمة الجندي الذي ارتكب عملية القتل العمد وفق القانون الوطني الإسرائيلي يصبح الذهاب للمحكمة الجنايات الدولية من عدمه".
ويؤكد عيسى، أن الاحتلال الإسرائيلي يتخذ عقوباتٍ شكلية بحق جنوده ويطلع العالم عليها، في محاولة منه لإظهار عدالته وأنه يرعى حقوق الإنسان، ويحاسب جنوده في حال تغولّهم عليها، داعيًا لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الساحات القانونية وكشف جرائمه، في مقدمةٍ لمعاقبته.
صمت دولي
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان محمد صيام، إن جيش الاحتلال صعدّ من عمليات القتل والإعدام خارج القانون بحق الفلسطينيين، مؤخرًا.
وأضاف صيام لصحيفة "فلسطين" أن جنود الاحتلال يسارعون إلى إطلاق النار دون وجود خطرٍ حقيقي يهدد حياتهم، ويقتلون الأشخاص رغم قدرتهم على اعتقالهم أو توقيفهم، مؤكدًا أن تلك الإعدامات تمثل انتهاكًا صارخًا للمواثيق والأعراف الدولية كافة.
واعتبر أن عامي 2016-2017 شهدا انتهاكاتٍ عدة أقدم عليها جيش الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بالحق في الحياة، مبينًا أنه تم تسجيل العديد من عمليات القتل المباشر بحق الفلسطينيين على الهواء مباشرة، لافتًا إلى أن تلك الحالات تمثل جريمة من الجرائم الدولية، وانتهاك لميثاق روما الأساسي، وتخضع لمحكمة الجنايات الدولية.
وأكد أن الاحتلال يُخالف الإعلان العالمي لحقوق الانسان والنصوص التي تكفل الحق في الحياة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، جراء ممارسة سياسة القتل العمد والمباشر، مضيفًا: "لكل إنسان الحق في ممارسة نشاطه اليومي دون التعرض له أو المساس بحياته بشكل رئيسي".
وقال: "إن الذي شجع الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة سياسة القتل المباشر على الهواء وأمام عدسات الكاميرات الدولية هو الصمت الدولي وعدم ملاحقته من قبل المجتمع الدولي، مضيفا: "لو كان هناك رادع ما لما تجرأ الاحتلال على مواصلة سياسة القتل العمد بحق المدنيين والأبرياء العُزّل".
وذكر أن المرصد الأورومتوسطي تقدّم بشكوى لوزراء خارجية الدول الأوربية، وأصدر تقارير توضح الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتدعو لضرورة التحرك لوقف الجرائم الممارسة والمخالفة للأعراف والمواثيق الدولية كافة.
إدانات واسعة
من جانبه قال الناطق باسم الصحة، أشرف القدرة، إن انتهاج الاحتلال سياسة القنص المباشر باستخدام أعيرةٍ نارية مُتفجرة أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء والمصابين بين صفوف المدنيين العُزّل.
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، وفقاً لوزارة الصحة؛ بل استخدم بشكلٍ مكثف قَنابل غازٍ مجهولة النوعية، أدت إلى إصابة عشرات المواطنين بالإجهاد والتشنّجات والتقيؤ والسعال والتسارع في نبضات القلب.
وطالب القدرة بمتابعةٍ عاجلة من الجهات المعنية؛ للكشف عن طبيعة هذه الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال ضد المتظاهرين العزل.
من جانبها اتهمت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "جرائم حرب" بحق المدنيين المحتجين على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبينت أن استمرار إقدام قوات الاحتلال على الإفراط في استخدام القوة وتنفيذ عمليات الإعدام خارج القانون، يعد جريمة حرب وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني، لاسيما المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين ومقتضيات نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.
ودعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف للتدخل لوقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتصاعدة، والعمل على توفير حماية دولية للفلسطينيين، والتحرك العاجل والفوري لمسائلة قوات الاحتلال عن جرائهما المتكررة في قطاع غزة.
وفي السياق نفسه أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، استخدام الاحتلال "للقوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحذر المركز الفلسطيني من استمرار التداعيات الخطيرة للإعلان الأمريكي، كونه يؤجج المشاعر الدينية للمسحيين والمسلمين حول العالم، وليس في فلسطين فقط، ويظهر ذلك بوضوح من ردة الفعل المحلية والدولية الواسعة.