بعد أكثر من خمسين عاما من نزوحه عن أرضه التي ولد وترعرع فيها في جبال كشمير، لا يزال الحاج محمد فيضان مسكونا بالنضال والجهاد في سبيل استعادة القدس فهو يعرف ماذا يعني اغتصاب الوطن وانتهاك الحقوق وتشريد الأهالي واستيلاء الغرباء على الديار.
اصطحب الحاج فيضان بنيه وحفدته إلى حديقة "لياقت باغ" في راولبندي اليوم الجمعة للمشاركة في اعتصام حاشد لأجل القدس، وليزرع في نفوسهم أنه مهما اختلفت المسميات فالقضية واحدة سواء كانت في كشمير أو فلسطين.
يحدث المسن فيضان أحفاده عن المسجد الأقصى وعن مكانته كأولى القبلتين وثالث أقدس مقدسات المسلمين في العالم.
ويروي لهم أن المسلمين يرزحون تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول طمس معالم المدينة وتهويدها واتخذها عاصمة له رغم وقوف العالم كله ضد مطامعه الخبيثة.
ومنذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) لم تتوقف الاحتجاجات العارمة في جميع المدن الباكستانية الكبرى مثل لاهور وكراتشي والعاصمة إسلام أباد.
وشهد حشد اليوم مشاركة عشرات الآلاف قدموا من كل حدب وصوب إلى وسط راولبندي، حيث بدأ الاعتصام قبيل صلاة الجمعة بحضور من مختلف الجهات الرسمية والأحزاب السياسية والجماعات الدينية والفعاليات الشعبية.
نبض الأمة
وقد شارك في الحشد ممثلون عن مجلس دفاع باكستان وجماعة الدعوة وحزب الرابطة الإسلامية وجمعية أنصار الأمة، و ألقيت خطابات وكلمات تؤكد رفض قرار الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لـ(إسرائيل).
ويقول فيضان إنه يخرج مع جميع أبنائه وأحفاده في المظاهرات الأسبوعية لدعم القضية الفلسطينية في باكستان فهي "التي توحد نبض الأمة وتجمع الشعب حين تفرقه الخلافات السياسية التي تغدو أمام هذه القضية أحداثا عابرة".
ومثل فيضان، أكد المشاركون دعمهم لنضال المقدسيين وصمودهم في وجه المطامع والسياسات الإسرائيلية، ومؤازرة الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة، وسط التكبير والتهليل والتضامن مع القدس وأهلها.
وأقيمت صلاة الجمعة في الميدان حيث احتشد فيه الشبان والشيوخ والأطفال من شتى الأعمار ورفعت الأعلام والرايات الفلسطينية وصور كبيرة للمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة.
وحمل المشاركون لافتات بالعربية والإنجليزية تؤكد أن القدس عاصمة أبدية لفلسطين. وأكد أمير جماعة الدعوة الشيخ حافظ سعيد في خطبة الجمعة وقوف الشعب الباكستاني إلى جوار الشعب الفلسطيني.
تنسيق المواقف
ودعا حكومة باكستان إلى لعب دور فعال في إجبار الولايات المتحدة على التراجع عن "القرار الظالم"، والانصياع للإرادة الدولية، انطلاقا من دور باكستان "كأقوى قوة عسكرية في العالم الإسلامي، وباعتبارها الدولة التي قامت على أساس الإسلام وما يوجبه عليها هذا الأمر من منع تهويد مدينة القدس".
ودعا رئيس جمعية أنصار الأمة الشيخ فضل الرحمن خليل إلى تشكيل مجلس موحد ينهض بشأن القدس والقضية الفلسطينية ويتابع مع الحكومة الباكستانية والمؤسسات الدولية تنسيق الفعاليات والأنشطة والمواقف.
وقد استمرت المظاهرة الحاشدة حتى غروب الشمس وسط دعوات إلى إقامة هذه الأنشطة بشكل دائم.
ورغم تقدمه في العمر، فإن فيضان أكد أنه سيشارك مع أحفاده في أي نشاط مقبل لدعم القدس، "لتوجيه رسالة إلى الشعب الفلسطيني أنهم ليسوا وحدهم وأن الأمة من ورائهم".
وليست التظاهرات وحدها هي آلية فيضان للتعبير عن حبه للقدس إنما يعلق في بيته خريطة كبيرة لفلسطين وصورا للقدس والمسجد الأقصى، حتى "لا يتمكن المحتل من تزوير التاريخ والجغرافيا لهذه الأرض المقدسة".