من المقرر أن تبت محكمة الاحتلال اليوم، في قرارها ما إذا كانت ستفرض على الأسيرين أنس شديد وأحمد أبو فارة، المضربين عن الطعام منذ نحو ثلاثة أشهر، التغذية القسرية التي اقترحتها على نيابة الاحتلال أول من أمس.
وكانت محكمة الاحتلال قررت الأحد الماضي تأجيل اتخاذ قرار حول الأسيرين إلى اليوم بعد تكليف طبيب من مستشفى ولسون بتقديم تقرير طبي عن حالتيهما، لاسيما وأن الأسيرين يمتنعان عن شرب الماء لليوم الثامن على التوالي ما يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم.
إنجاز صفقة
الأسير المحرر، الصحفي محمد القيق، والذي خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة 90 يوماً قبل أن يتم الافراج عنه بعد التوصل إلى صفقة مع الاحتلال، يرى أن تلويح محكمة الاحتلال بالتغذية القسرية ما هو إلا مناورة للدفع نحو إتمام صفقة.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "تحاول محكمة الاحتلال اعطاء فرصة للمخابرات الإسرائيلية ممثلة في النيابة العامة وللأسيرين المضربين ممثلين بمحاميهما، لإجراء صفقة عن طريق الترهيب وليس الترغيب".
وأشار إلى سعي الاحتلال الإسرائيلي إلى ابرام هذه الصفقة بعيداً عن أروقة القانون وقبل جلسة اليوم والتي من المفترض أن تحسم محكمة الاحتلال فيها قرارها بالتغذية القسرية للأسيرين شديد وأبو فارة.
واستبعد القيق أن يقدم الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ التغذية القسرية بحق الأسيرين، وأضاف: "إن المرحلة القادمة هي مرحلة عصيبة جدًا وساعات تفصلنا عن اتفاق بين محامي الأسيرين وبين نيابة الاحتلال، وغير ذلك سيكون الأمر معقد جدًا، والاحتلال الإسرائيلي لا يمكن له أن يتحمل ملف المضربين عن الطعام، وتدهور وضعهم الصحي لدرجة خطيرة جدًا".
وأكد أن قرار التغذية القسرية للأسرى ليس بيد مخابرات الاحتلال وإنما هو بيد أعلى المستويات السياسية في دولة الاحتلال ويتصل بنقابة الأطباء الإسرائيليين وصورتها أمام العالم، وهي بنفسها ترفض التغذية القسرية وكذلك اتحاد الأطباء العالميين.
جريمة جديدة
وفي السياق، يشير الناطق الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات، رياض الأشقر، إلى أن التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام عبر الوريد، استخدمت مع العديد من الأسرى المضربين في الشهور الأخيرة.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "إن قرار التغذية القسرية كان يصدر عن إدارة السجون أو ما تعرف بـ(لجنة الأخلاق) والآن للمرة الأولى توصي محكمة الاحتلال العليا بتغذية أسرى مضربين قسريًا".
وطالب الأشقر مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بالتحرك العاجل؛ لإنقاذ حياة شديد وأبو فارة قبل فوات الأوان، معتبراً إجبارهم على التغذية القسرية بأنه "جريمة جديدة وشكل من أشكال التعذيب وسوء المعاملة" التي يتلقاها الأسرى في سجون الاحتلال والتي يُحرمها القانون الإنساني.
اتفاقيات جنيف
من جهته، يوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة الأزهر، عبد الرحمن أبو نصر، أن موضوع التغذية القسرية تناولته اتفاقية جنيف، سواء الاتفاقية المتعلقة بأسرى الحرب أو الاتفاقية المتعلقة بموضوع المعتقلين.
وقال في حديث مع صحيفة "فلسطين": "كلتا الاتفاقيتين أعطت الأسير أو المعتقل حق الخصوصية الكاملة، والتعبير عن نفسه بحرية كاملة، واعتبرت أن الأسير هو الذي يسير حياته اليومية".
وتابع: "وبحسب نص الاتفاقية فإنه على الجهة الحاجزة – حسب اللفظ الذي ورد في القانون الدولي- أن تعمل على حماية الأسير أو المعتقل الخارجي، وألا تكون هي سببا في التأثير على حياته أو المساس فيها، وأنها تتحمل مسؤولية ما يحصل له".
وبين أن هذا الموضوع لم يتم تناوله صراحة وتخصيصه في القانون الدولي، وأن المعالجة القانونية له ذات طابع عام، وبالتالي فإن الأحكام المترتبة عليه هي أحكام عامة، وتشمل أي تدخل أو مساس بحرية الأسير.
وختم حديثه بالقول: "كما ينص القانون على أنه من حق الأسير أو المعتقل أن يتخذ من الإجراءات ما يراه مناسباً بالنسبة لطريقة احتجازه والتعبير عن نفسه ومواقفه وآرائه التي كفلها له القانون الدولي".