بالتزامن مع الجرائم التي يمارسها بحق المسجد الأقصى ومصليه لا يتوانى الاحتلال الإسرائيلي لحظةً واحدة عن محاولة فرض جبروته على جنود السلطة الرابعة هناك.
الصحفيون المقدسيون أيضًا تُنتهجُ بحقهم أعتى أساليب القمع، فيتعرض لهم الاحتلال بالاعتداء المباشر بالضرب، وتقييد الحركة، والمنع من تغطية الأحداث، خصوصًا تلك التي تحدث في محيط البلدة القديمة وفي داخلها، متعمدًا بذلك حجزهم عن توثيق ورصد الانتهاكات بحق المدينة المقدسة.
المصور الصحفي محمد حروب والصحفية رائدة سعيد يحكيان لـ"فلسطين" تفاصيل العمل، في أرضٍ كل شارعٍ فيها ملغّم بجنديٍ أو حاجز.
الإيمان بالقضية
يقول المصور حروب: "أن تكون صحفيًّا فلسطينيًّا وبالأخص مقدسيًّا يعني أن الكثير من المتاعب ستواجه، فحرية ممارسة العمل الصحفي محدودة، والعقبات التي يضعها الاحتلال أمام الوصول إلى المعلومات ونقل الأحداث كثيرة، هذا فضلًا عن الاعتقالات والانتهاكات بحق الصحفيين".
حروب الذي يعمل مع بعض المؤسسات والمواقع الإخبارية المحلية والخارجية طاله كثيرًا كما غيره من المصورين والصحفيين في مدينة القدس الاعتقال والضرب والاعتداء، يعلق على ذلك بقوله :"مع ذلك يبقى لهم دور واضح في نقل الحقيقة إلى العالم، وما يلقاه أهل القدس من اعتداءات وانتهاكات وقمع بشتى الطرق، دون انحياز إلى جهة معينة دون أخرى".
ولم تعد ذاكرة حروب تتسع للأحداث والانتهاكات التي ارتكبت بحقه وحق زملائه منذ بداية حياته المهنية، فغير الضرب والاعتقال واحتجاز المعدات مُنع كثيرًا من التصوير، وحال الجنود بينه وبين الوصول إلى مناطق الأحداث مرارًا، لكن "إيمانه بقضيته" _حسبما يصف_ وحبه لمهنته هما اللذان يدفعانه إلى المتابعة، من أجل إعلاء صوت الحق، وإيصال المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال إلى العالم أجمع.
مما يعيق عمل الصحفيين في القدس أيضًا، وفي الوقت نفسه يسهله "وسائل التواصل الاجتماعي"، كونها سيفًا ذا حدين، على حد تعبيره، "إذ ساعدتهم على نقل الحقيقة بصورة فعالة وممتازة خلال احتدام المواجهات، في حين كانت سببًا في اعتقال العديد من الشبان والناشطين حتى الصحفيين بتهمة التحريض، أو بتهمة الوجود في الميدان والمشاركة في التظاهرات".
جو غير آمن
أما الصحفية (بالنظام الحر) رائدة سعيد فعملها ينشط في أوقات الأحداث مع مواقع محلية، وهذا ما يجعلها في مرمى استهداف القمع الإسرائيلي أكثر من غيرها؛ "فتبعًا للنظرة الإسرائيلية إلى وسائل الإعلام المحلية، كلها محرّضة".
تقول لـ"فلسطين": "جنود الاحتلال يعرفون الصحفيين بأسمائهم، ومع إرهاصات وجود أحداث نسمعهم بآذاننا يتلقون الأوامر بالبدء بالصحفيين والمصورين، ولاشك أن الهدف الأساسي هو منعنا من نقل مجريات الأحداث وتصديرها إلى العالم الخارجي".
ولتتجنب الاعتداء عليها تستخدم الهاتف المحمول بدلًا من الكاميرا، وسيلة تستطيع بها إيصال صورة أو نقل خبر.
تضيف: "الصحفيون لهم دور كبير، خاصة أن الصهاينة ينقلون صورًا كاذبة، ويظهرون للعالم أنهم على حق".
تبين سعيد أن اعتداءات الاحتلال على الصحفيين تعد خرقًا للقانون الدولي، فهذه الممارسات تخلق جوًّا غير آمن لممارسة العمل، مكملة: "أيضًا يجعلني أفكر كثيرًا قبل إقدامي على أي خطوة، أجازف بحياتي من أجل القدس، لكن بقاءنا خارج إطار الاعتقال شيء مهم".
ومع الاعتقال والاستدعاء والاعتداء تصر على أداء رسالتها الوطنية والمهنية التي يحملها كل صحفي مقدسي، وهذه الرسالة تتطلب منه تجاهل آلام المهنة والاستمرار في أداء المهمة وخدمة القدس وأهلها.