فلسطين أون لاين

​كاميرات المراقبة.. عيونٌ تنتهك خصوصية المقدسيين

...
غزة - هدى الدلو

يسعى الاحتلال الإسرائيلي بكل ما أوتي من قوة لإحكام قبضته على مدينة القدس وضواحيها، بمختلف الطرق، بهدف التنغيص على سكانها وصولًا لتهجيرهم، ومن وسائلهم في ذلك، كاميرات المراقبة في كل زاوية وعلى كل عمود..

تُنصب الكاميرات على الأعمدة والأبواب، وبسبب كثرتها عند "باب العامود"، أطلق عليه البعض لقب "استديو باب العامود"، وكذلك تُنصب على رؤوس الجبال كجبل الزيتون الذي يلتقط صورا لساحات المسجد الأقصى بكفاءة عالية، وكثيرًا ما تستخدم تسجيلاتها في محاكمة المقدسيين.

عن هذه الكاميرات وأثرها سألت "فلسطين" الناشط المقدسي أسامة برهم..

انتهاك أخلاقي

قال برهم: "في البلدة القديمة، لا توجد أرقام حقيقية لعدد الكاميرات، ولكن نقدّرها بثلاثة آلاف كاميرا، وهذا ضمن مخططات الاحتلال الأولية، ولاحقا سيركّب المزيد منها لتكون أكثر من 10 آلاف كاميرا، هذا عدا عن الكاميرات الموجودة في باب العامود والزاهرة والأحياء الإسلامية، والمناطق الأكثر سكنًا".

وأضاف لـ"فلسطين" أن تأثير كاميرات المراقبة يزداد في البلدة القديمة، نظرًا لطبيعتها الجغرافية ولتلاصق بيوتها.

وتابع برهم: "وبنصب الكاميرات تم ضرب كل الأخلاق عرض الحائط، فبيوت البلدة القديمة مبنية بأساليب معمارية مختلفة، فمثلا البيوت الإسلامية تتميز بالنوافذ الصغيرة لأجل السِتر، ولكن بعض البيوت ذات نوافذ كبيرة، ومنها ما هو مكشوف، وقد توصل أهل البلدة لتفاهم بين الجيران للحفاظ على ستر البيوت، ولكن الاحتلال انتهك ذلك من خلال نصب كاميرات في باحات (حوش) بعض البيوت رغم عدم وجود مبرر".

وأوضح: "على الصعيدين الأخلاقي والاجتماعي، تنتهك الكاميرات حقوق الإنسان وخصوصية الأفراد، فمنها ما هو منصوب بالقرب من غرف النوم".

وبيّن: "أما على الصعيد الاقتصادي، فالاحتلال ينصب كاميرا عند بوابة كل محل تجاري، لصالح عملية جني الضرائب، بدلا من جنيها بالاعتماد على سجلات البائع لمعرفة البضائع المُباعة، يفحص الاحتلال تسجيلات الكاميرات لمعرفة كل ما يخرج من المحلات عبر متابعة ما يحمله المشترون أثناء خروجهم منها".

وبحسب برهم، فقد فكر بعض المقدسيين بتجربة الكاميرات لأهداف أخرى، فطلبوا من مراكز شرطة الاحتلال الاطلاع على تسجيلات الكاميرات لمتابعة عملية سرقة، وكان الرد بأنها متعطلة، وفي ذلك رسالة بأنها تعمل لأجل الاحتلال فقط ولن تخدم المواطن الفلسطيني.

ونوه إلى أن الاحتلال يسخر الكاميرات للترويج لروايته، سعيًا لجلب التضامن العالمي، لذا ينتقي ما يعرضه من تسجيلاتها، فمثلا يعرض صورا لعمليات ينفذها فلسطينيون، لكنه يمتنع عن عرض مشاهد الفلسطينيين الذين تم اغتيالهم بدم بارد.

وحدة تصوير أيضًا

ولفت برهم إلى أن بعض الملثمين كانوا يتحركون لتكسير الكاميرات في بداية الحراك، ولكن حاليا لم يعد ذلك ممكنا، بسبب زيادة عددها، ولأن كلا منها تكشف الأخرى، واصفا إياها بأنها "سيف مسلط على رقاب المقدسيين".

وقال: "رغم كل الكاميرات الموجودة في القدس، إلا أن جنود الاحتلال ترافقهم وحدة تصوير، وكثيرًا ما يُطلب من الشباب المقدسي عدم ارتداء الطاقية حتى تظهر ملامح الوجه على الكاميرات بشكل واضح، وفي حال شك المراقبون للكاميرات بشخص بسبب مشيته أو ملابسه، فإنهم يوجهون إشارة لجنود الاحتلال على الفور".

وأضاف: "الكاميرات الموجودة تتمتع بتقنيات عالية، وعددها كبير، ومع ذلك لم ينجح الاحتلال في إحباط عدد كبير من العمليات قبل تنفيذها، ومنظومة الكاميرات أثبتت فشلها أمام شعب عنيد ويمتلك إرادة".