ازداد الحديث عن صفقة القرن, مجهولة المعالم حتى الآن، كمشروع للتسوية في المنطقة، والتي نسمع عنها ولا نعرف معالمها, سوى ما ظهر منها حتى الآن بالإعلان الأمريكي عن القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة لها، وهو آخر مشاريع التسوية في المنطقة بعد 26 عامًا من التسوية بين منظمة التحرير والاحتلال برعاية أمريكية.
أبناء الثلاثين وما دون من الفلسطينيين قرروا إسقاط مشروع التسوية قبل انطلاقه, سواء كان هناك صفقة القرن أو الصفقة الكبرى من خلال ما نشاهده اليوم, من جيل انتفاضة الحجارة الذي تفتحت عيونه على مقاومة الاحتلال, ونجحوا في العام 2005 في إنهاء الاحتلال في قطاع غزة، ثم إفشال كافة مشاريع التسوية لصالح مشروع المقاومة، هو الجيل ذاته الذي ولد في الانتفاضة, أو قاد الانتفاضة عام 1987, وهو من قرر اليوم إسقاط مشروع التسوية بغض النظر عن مسمياتها وخاصة في ظل الموقف الأمريكي الوقح.
الصورة فلسطينيًا أصبحت واضحة, بأن كافة المراهنات على مشاريع التسوية قد انتهت، ولسنا بحاجة لكثير من الدلائل لإثبات ذلك، وهذا باعتراف مَن قاد هذه المشاريع على مدار 26 عامًا من المفاوضات ومشاريع التسوية الوهمية، حيث ذكر ذلك على لسان رئيس السلطة محمود عباس ومسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير، على الرغم من أنه جاء متأخرًا, ودفع ثمن ذلك الشعب الفلسطيني كثيراً, من تهويد للقدس وتدنيس للأقصى, ومصادرة للأراضي في الضفة الغربية وقتل وتهجير للفلسطينيين.
الانتفاضة الحالية هي السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي بتدفيع الاحتلال ثمن جرائمه, والانحياز لخيار الشعب الفلسطيني.
وتجارب الشعوب تاريخيًا بأن المقاومة والانتفاض في وجه الاحتلال هي السبيل لتحرير الشعوب من براثن الاحتلال، ودليل ذلك ما نشاهده اليوم من انخراط كافة مكونات وفئات الشعب الفلسطيني في الانتفاضة والمشاركة فيها بأشكال مختلفة, تبدأ بالتظاهر بالقرب من حواجز ونقاط التماس مع الاحتلال, أو توجيه الضربات والعمليات المسلحة التي من المتوقع ارتفاعها في الفترة المقبلة.
عندما تشتعل الانتفاضة ستهوي كل الصفقات الكبرى والصغرى ومشاريع التسوية, وعناوينها ورموزها, وسيبقى المنتفضون يسجلون الانتصارات وتطهير الشعوب العربية والإسلامية من المطبعين وغيرهم من المستنفعين من تلك المشاريع محليًا وإقليميًا.