دأب كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلال مدينة القدس _لاسيما شطرها الشرقي عام 1967م_ على اتخاذ سلسلة إجراءات ميدانية، تحت مظلة قوانينه وتشريعاته التي تصبّ باتجاه السيطرة الجغرافية والديموغرافية الكاملة على المدينة.
وضمن سياسته الإستراتيجية في التعامل مع وضع المدينة وجد الاحتلال "هدم منازل السكان الفلسطينيين المقدسيين" خطوة هامة على طريق فرض سياساته، وإحكام سيطرته على المدينة، وطرد سكانها الأصليين.
وكانت مؤسسات إحصائية رسمية سجلت زيادة "جنونية" طرأت على أعداد المنازل الفلسطينية التي هدمها الاحتلال في القدس خلال العام الماضي 2016م، بلغت (114%) مقارنة بعام 2015م.
يقول مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمدينة المقدسة زياد الحموري: "خلال العام الجاري أكثر من 100 منزل هدمت تحت ذريعة عدم توافر تراخيص البناء اللازمة".
"تطهير عرقي"
وعلى وفق معطيات نشرتها صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية أخيرًا إن السكان الفلسطينيين في القدس يشكلون 40% من مجمل عدد السكان، لكنهم في المقابل يحصلون على 7% فقط من تصاريح البناء، وتتمركز معظم التصاريح التي تمنح في حيٍّ واحدٍ فقط، هو "بيت حنينا".
وينبه الحموري إلى أن بلدية الاحتلال في القدس تضع عراقيل جمة أمام محاولات سكان المدينة الفلسطينيين للحصول على تراخيص إذن للبناء، وهو ما يعني أن كل منزل يبنى هو عرضة للهدم في أي لحظة وأي وقت.
ويشير إلى أن المئات من المنازل في مدينة القدس المحتلة وصل إليها إنذارات فعلية من بلدية الاحتلال، "ما يعني أن إشارة البدء العملي لهدمها تسير في إطار تدريجي ضمن خطة واضحة، حسب ما تراه البلدية".
ويلفت إلى أن أخطر قرارات هدم المنازل وأقساها هي تلك التي تجبر المواطن المقدسي على هدم منزله ذاتيًّا بيده، تفاديًا لدفع غرامات تتسبب باعتقال من يرفض دفعها، وذلك في محاولة لإذلال صاحب المنزل، ودفعه إلى البحث عن سكن خارج نطاق القدس.
وعلى وفق ما يرى الحموري إن سياسة هدم المنازل تمثل "خطوة تطهير عرقي بحق الفلسطينيين في القدس، ومحاولة لاقتلاعهم ومعاقبتهم على تشبثهم بمدينتهم ودفاعهم عن مقدساتها"، ما يصل في نهاية المطاف إلى تحقيق أكذوبة "القدس مدينة يهودية خالصة".
لمواجهة "الأغلبية الفلسطينية"
بدوره يذكر مدير مركز القدس للمساعدة القانونية رامي صالح أن بلدية الاحتلال بمدينة القدس هدمت 1209 منشآت منذ شهر كانون الثاني (يناير) من عام 2011م حتى منتصف العام الجاري، وهدمت 988 منشأة بين عامي 1999م و2014م في المدينة، جلها تحت ذريعة عدم الترخيص.
ويبين صالح لـ"فلسطين" أن ما يزيد على 90 ألف فلسطيني مقدسي يسكنون شرقي القدس المحتلة بمنازل غير مرخصة ويهددها الهدم، في وقت يتعمد فيه الاحتلال اتخاذ إجراءات وسياسات معقدة، للوقوف في وجه أصحاب هذه المنازل "حجر عثرة" لعدم منحهم أي تراخيص.
ويؤكد أن سياسة هدم المنازل شرقي القدس تطورت إلى حد كبير خلال العام الجاري، بإنذار عمارات سكنية كاملة وتهديدها بالهدم في أي وقت، كما جرى في حي "كفر عقب"، و"شعفاط" خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
ويذكر صالح أن نحو 330 ألف مواطن مقدسي يعيشون في شرقي القدس يراهم كيان الاحتلال خطرًا لابد من إزاحته بسياسة الهدم، لاسيما أن الدراسات تشير إلى أنهم سيكونون أغلبية خلال سنوات قليلة قادمة، في حين سيصبح المستوطنون الذين يصل عددهم اليوم إلى 515 ألف نسمة أقلية.