ثلاثون عاما مرت على انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مرت خلالها بمحطات ومنعطفات صعوداً وهبوطاً، لم تنجح كل محاولات استئصالها واجتثاثها، حتى باتت اليوم حجر زاوية أساسي في إدارة الصراع مع الاحتلال والمشروع الوطني الفلسطيني.
فحماس التي تنظر لنفسها كامتداد لثورة الشهيد عز الدين القسام عام 1936، انطلقت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" وذلك في 14 ديسمبر/ كانون أول عام 1987.
وواجهت بعد عامين من انطلاقتها حملة اعتقالات كبيرة، طالت ثلة من مؤسسيها على رأسهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وصلاح شحادة، وعبد العزيز الرنتيسي.
ورغم ذلك مثل عام 1990، محطة مفصلية بتاريخ الحركة، بتأسيس الجهاز العسكري الذي عرف لاحقا باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، ليتحول خلال ثلاثة عقود من بعض مقاتلين إلى "جيش شعبي" يشار له بالبنان.
وواجهت حماس، اتفاقية "أوسلو" عام 1993، والتي مثلت علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، بالرفض، ولا تزال تعتبرها أسوأ ما مر بالقضية الفلسطينية باعتبار ما ترتب عليها من اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
لتواجه كصوت سياسي معارض لم يسع للسلطة سماعه، بحملة استئصال سياسي من المجتمع الفلسطيني، فكان ما عرف في حين بـ"ضربة 96"، حيت اعتقلت أجهزة أمن السلطة المئات من كوادر الحركة.
غير أن تلك الضربة لم تسقط حماس، فكانت انتفاضة الأقصى عام 2000 عنواناً آخر لتنامي قوة حماس سياسياً وعسكرياً، لتتحول إلى أيقونة عربية مع علو نجم عملياتها الاستشهادية التي هزت منظومة الأمن الإسرائيلية، فما كان من الأخيرة إلا أن تشهر سلاح الاغتيال لخمسة من قادتها المؤسسين، لترتسم بذلك مرحلة سياسية جديدة.
فازت حماس في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 بأغلبية كبيرة، وأقصت بهذا الفوز حركة فتح عن تصدر المشهد الفلسطيني لعقود طويلة، واجهت على إثر ذلك ضغوطا داخلية وخارجية لإفشالها، توجت بحصار سياسي واقتصادي لم يزل مستمراً منذ أكثر من عقد.
وخلال العقد الأخير استطاعت "حماس" إبرام صفقة تبادل للأسرى في 11 تشرين الأول/ أكتوبر هي الأكبر في تاريخ القضية الفلسطينية، مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، الذي أسرته كتائب القسام منتصف عام 2006، وواجهت خلال تلك السنوات ثلاث حروب عدوانية خلال الأعوام 2008، و2012، و2014.
تلك المراحل وما طوته في داخلها مما لم يذكر، يرى فيها الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أنها السمة العامة للحركة التحررية بما تحمله من أيديولوجية إسلامية "كانت ستنهار سريعاً فيما لو تعرض لها أي حزب آخر، فباتت الحركة اليوم أكثر ثباتا وتجذرا وحنكة سياسية".
وعن واقع الحركة بعد 30 عاما، بين أن الحركة اليوم تعمل في إطار رؤية سياسية متكاملة، منفتحة على الجميع، بوصفها حجر زاوية في المشهد السياسي الفلسطيني والإقليمي والدولي.
تحدٍ رئيس
ويرى الصواف، أن وحدة الصف الفلسطيني، أحد أهم التحديات التي تواجه "حماس" لمواجهة مشاريع التصفية لقضية فلسطين، قائلاً "حماس تفهم ما يريده الإقليم, تعلم ماذا تريد والآخرون يعلمون ما يريدونه منها".
وتبعا لكلام الصواف، تؤمن حماس بأن أي مشروع سياسي يجب أن يحقق للفلسطينيين كل ما يسعون إليه من تحرير، وإقامة دولة وعودة لاجئين وطرد الاحتلال.
وقال "في الواقع السياسي الفلسطيني لا غنى أن تكون حماس لاعبا أساسياً في أي مشروع لتسوية القضية ما لم يكن على حساب وحقوق الشعب الفلسطيني".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن الأربعاء قبل الماضي، مدينة القدس المحتلة، عاصمة لـ(إسرائيل)، في إطار صفقة سياسية لحل القضية الفلسطينية، الأمر الذي قوبل برفض شعبي وسياسي رسمي على مستوى العالم.
ويرى المختص بالشأن الإسرائيلي، فرحان علقم، أن حماس كحركة تحرر ذات مرجعية اسلامية، جعلها عصية على الاحتواء سياسياً من طرف الاحتلال.
وقال: "الاحتلال يرى في حماس حركة غير عشوائية، تعمل بالمستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وتملك قدرة وحرية اتخاذ القرار الذي يناسبها".
وأضاف "تبني حماس لاستراتيجية عدم التدخل في دول الجوار، ومراعاتها لحسابات موازين القوى الإقليمية والدولية، جعل منها حركة غير قابلة للاحتواء سياسياً، الأمر الذي يعطيها قدرة على الثبات والصمود".