أكد مختصون اقتصاديون أن الإدارة الأمريكية تستغل المساعدات المالية التي تقدمها لخزينة السلطة الفلسطينية لتمرير أجندات سياسية معينة غالبها لصالح الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على ضرورة انعتاق الفلسطينيين من "المال المشروط" والاعتماد على الذات.
وحثوا السلطة على مكافحة الفساد المالي والإداري في مؤسساتها، وخفض النفقات، وتحسين الإيرادات، والبحث عن عمق عربي وأصدقاء من الأسرة الدولية مناصرين للقضية الفلسطينية.
وكان مجلس النواب الأمريكي أقر الثلاثاء الماضي مشروع قانون "تايلور فورس" الذي تخفض واشنطن بموجبه مساعدات قدرها 300 مليون دولار تقدمها الولايات المتحدة سنويا للسلطة الفلسطينية ما لم تتخذ خطوات لوقف مدفوعات وصفها مشرعون بالمكافأة على جرائم العنف.
ويعتقد المختص في الشأن الاقتصادي علي أبو شهلا، أن مشروع القانون، قد يعلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذا الوقت الذي تشهد فيه الساحة العربية والدولية ردود مناوئة لقراره الأخير نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة.
وبين أن "مشروع القانون" يُعرض على مجلس النواب، ثم مجلس الشيوخ، ثم على الرئيس الأمريكي، ليُعطي أمر بالموافقة أو الرفض، أو التأجيل.
وطالب أبو شهلا في حديثه لصحيفة "فلسطين" السلطة بالخروج من دائرة "الصدقة المشروطة" والاعتماد على الذات حفاظًا على الحق الفلسطيني وكرامته.
وقال:" إن مبلغ 300 مليون دولار الذي تلوح واشنطن بخفضه لا يشكل 10% من الموازنة السنوية للسلطة المقدرة بــ4 مليارات دولار، لذا على السلطة ألا تستجدي أي طرف عربي أو دولي على تقديم أو استئناف المساعدة، لا بد من الاعتماد على الذات والابتعاد عن سيف المساعدات المسلطة على أعناقنا".
وأشار إلى أن واشنطن أكثر من مرة أرجأت تنفيذ مشاريع أموالها مرصودة في مناطق السلطة في إطار الضغط على الفلسطينيين للقبول بالإملاءات السياسية، لافتًا في إلى أن واشنطن قد تعطي الضوء الأخضر الآن لتنفيذ جزء من هذه المشاريع كمحاولة لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني.
وكانت تل أبيب قدمت قانون مشابه إلى الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، يقلص تحويل أموال الضرائب إلى السلطة، ويدعو نص القانون "جميع الدول المانحة" إلى "وقف الدعم المباشر للميزانية إلى أن تتوقف السلطة الفلسطينية جميع المدفوعات التي تحفز "الإرهاب"، ويطالب السلطة بإلغاء أي قوانين تؤدي إلى تعويض عائلات الأسرى ومنفذي الهجمات.
ويتفق المختص في الشأن الاقتصادي د. هيثم دراغمة مع سابقه بأن المساعدات الأمريكية "تُدرج في إطار المال المشروط والمسيس ترهن واشنطن دفعه ووقفه أو خفضه بحجم الرضا الإسرائيلي عن السلطة الفلسطينية".
وبين لصحيفة "فلسطين" أن قيمة المساعدات المالية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيس السلطة وحتى العام الماضي نحو 5 مليارات دولار، 80% منها على هيئة مشاريع -لسنا بحاجة ماسة لها- ينفذها ويشرف عليها طواقم أمريكية.
البحث عن بدائل
ونوه إلى أن حجم الاستفادة الفعلية للفلسطينيين من أي مشروع ينفذ بأموال أمريكية، لا تتعدى 20%، والنسبة الكبرى تذهب رواتب للطاقم الإداري والعاملين الأمريكيين، وللاحتلال الذي يشترط شراء مستلزمات المشروع من سوقه.
وأشار إلى أن المساعدة المالية الأمريكية السنوية غير ثابتة، توقفها أحيانًا وتجمدها أحيانًا أخرى.
وحث السلطة على البحث عن بديل يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية لا يقدم أموالًا مشروطة، في التوازي تحارب السلطة الفساد المالي وتحاسب مرتكبيه، وتخفض نفقاتها المرتفعة وتحسن إيراداتها.