فلسطين أون لاين

​بعد تعيين شخصيات معادية لهم بمناصب مهمة لدى الاحتلال

العداء الأمريكي للفلسطينيين سيتصاعد في عهد ترامب

...
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب (أ ف ب)
رام الله / غزة - حازم الحلو

توقع محللون سياسيون أن يطرأ تغيير كبير في مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية، لناحية المواقف الأكثر تطرفا وكرها وتنكرا للحقوق الفلسطينية، وذلك في ضوء التعيين المرتقب لليهودي الأمريكي ديفيد فريدمان كسفير لواشنطن في دولة الاحتلال.

كما حذرت شخصيات فلسطينية من أن تعيين فرديمان يعد رسالة خطيرة للفلسطينيين والعالم حول نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة، مشيرة إلى أن الأخير يمتلك سجلا حافلا بالمواقف المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني وطموحه في التحرر من الاحتلال.

وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قال إنه قرر تعيين المحامي فريدمان المؤيد لليمين الإسرائيلي المتطرف في منصب سفير الولايات المتحدة لدى (إسرائيل).

وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن فريدمان مؤيّد قوي للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وسبق له أن قال إن الولايات المتحدة "لن تؤيد دولة إرهاب فلسطينية في الضفة الغربية"، وهو يقيم علاقات وثيقة مع مستوطني الضفة.

وكان فريدمان قد قال إنه يتطلّع وينتظر بفارغ الصبر للقيام بمهمته في نقل مقر السفارة من (تل أبيب) إلى القدس "عاصمة (إسرائيل) الأبدية"، على حد تعبيره.

وكان مساعدو الرئيس ترامب قد بدؤوا الأسبوع الماضي بإجراء اتصالات مع سلطات الاحتلال حول نقل مقر السفارة إلى القدس المحتلة، كما تعهد ترامب قبل انتخابه.

وأكدّت كيليان كونواي من كبار مساعدي ترامب، أنّ نقل مقرّ السفارة إلى القدس يحتلّ مكاناً بارزاً في سلّم أولويات الرئيس المنتخب.

مجاهرون بالعداوة

بدوره، أكد المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض، أن قائمة الشخصيات التي تستعد لتسلم مفاصل الحكم في البيت الأبيض لا تبشر بخير تجاه القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن كثيرا من تلك الشخصيات تجاهر بعداوتها ورفضها لإقرار الحقوق الفلسطينية.

وذكر عوض في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن التصريحات التي تفوه بها ترامب شخصيا، إضافة إلى ما يردده مساعدوه من تبنٍ كامل ومطلق للرواية الإسرائيلية بخصوص الوضع مع الفلسطينيين، تشير إلى أن هذه الطرح الإسرائيلي حول الحكم الذاتي يمكن أن يلقى قبولا لدى الإدارة الأمريكية الجديدة.

ونوه الى أن الرؤساء الأمريكيين السابقين لم يقوموا بنقل مقر السفارة، على الرغم من فترات الشد والجذب في العلاقة مع الفلسطينيين، الأمر الذي يعني تغيرا جوهريا في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن موجة التعيينات التي يقوم بها ترامب استعدادا لتولي دفة الحكم في البيت الأبيض، تشتمل على شخصيات أمريكية معروفة بمناهضتها للفلسطيني وتأييدها المطلق للسياسة الإسرائيلية.

وأوضح أن الأداء الرديء المتوقع من قبل أركان النظام الأمريكي الجديد من شأنه أن يسهل اعتماد رؤية الاحتلال الإسرائيلي القاضية بوأد حل الدولتين والإبقاء على فكرة دولة إسرائيلية واحدة لليهود، وفي المقابل منح الفلسطينيين فتات حكم ذاتي.

وذكر أن العجز العربي وانعدام الرؤية الفلسطينية الموحدة من شأنهما أن يساعدا في بلورة الفكرة الإسرائيلية وجعلها قابلة للتحقيق على الأرض، موضحا أن وجود السلطة أصبح مرتهنا للقرار الإسرائيلي الذي لن يجد بدا من دفنها إذا ما رأى أنها لم تعد ذا فائدة له.

وقال إن هذا السلوك الأمريكي المتوقع، يجب أن يدفع الفلسطيني للتفكير مليا في خياراته المتبقية لمواجهة التكالب الأمريكي الإسرائيلي، مؤكدا أن أي خيار يتبناه الفلسطينيون لن يكتب له النجاح في حال لم يتم إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة القائمة على حفظ الثوابت والحقوق.

ثوب الخداع

من ناحيته، أكد المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن الإدارات الأمريكية السابقة لم تكن بعيدة عن الخط الإسرائيلي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنها كانت تناور وتخادع حينما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية.

وذكر عنبتاوي في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن إدارة ترامب الجديدة سوف تتخلى عن ثوب الخداع والمرونة لكي تسفر عن وجهها الحقيقي المعادي لكل ما هو فلسطيني أو عربي، معتبرًا أن المرحلة القادمة ستكون صعبة جدًا على الطرف الفلسطيني.

ولفت إلى أن الطرف الأمريكي كان وما زال منحازًا لصالح الاحتلال، منوها إلى أن واشنطن كانت دائما تضع مصلحة دولة الاحتلال فوق أي اعتبار سياسي، وظلت على موقفها الداعم لها في كل المجالات.

وأشار إلى أن فترة ترامب التي ستبدأ مطلع العام القادم، سيتم خلالها رفع مستوى الدعم الذي تقدمه واشنطن لدولة الاحتلال وذلك في ضوء تصريحات مساعدي ترامب الذين تعهدوا ببذل كل جهد ممكن لتمكين وجود الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.

وأوضح أن مسار السياسة الأمريكية سيقوم ترامب برسمه وفقًا لمخططاته ووعوده الانتخابية، في ظل امتلاكه لأغلبية في مجلسي الشيوخ والكونغرس، وعليه لن يجد صعوبة في تمرير ما يريد وما يخطط له بالنسبة للصراع الفلسطيني مع الاحتلال.

وقال عنبتاوي إن فريق ترامب أرسل رسائل واضحة لدولة الاحتلال يؤكد فيها متانة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وأن ما ستقدمه إدارته سيكون أكثر مما قدمته الإدارات السابقة، وأن باكورة هذه العلاقة الجديدة سيكون نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة.

ودعا السلطة الفلسطينية إلى وقف مراهنتها على الدور الأمريكي في عملية التسوية، مشيرًا إلى أن تلك المراهنة لم تفلح سابقا في تحصيل أي مكاسب للشعب الفلسطيني، بل زادت حجم التنازلات السياسية التي لم تعد بفائدة على الفلسطينيين.

تدمير التسوية

بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، سيؤدي إلى تدمير عملية التسوية.

وأضاف عريقات في رده على تصريحات السفير الأمريكي المعين لدى دولة الاحتلال: إن "هذه التصريحات تعتبر تطورا في غاية الخطورة، وإن تنفيذها سيدفع المنطقة إلى أتون العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء".

وشدد لدى استقباله سفير روسيا لدى فلسطين الكسندر رادكوف، أمس، على أن مجرد إطلاق مثل هذه التصريحات يستحق الإدانة الشديدة من المجتمع الدولي.

وأكد أن اللجنة الرباعية العربية تبحث مضمون وتوقيت طرح مشروع قرار لمجلس الأمن حول الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي بأسرع وقت ممكن.

من ناحيته، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تيسير خالد، إدارة ترامب إلى التصرف بمسؤولية واحترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية حول شرقي القدس.

وأعرب في تصريح صحفي مكتوب، عن قلق الفلسطينيين من تعيين هذه الإدارة لليهودي الأمريكي المتطرف فريدمان سفيرًا لها في (إسرائيل) بفعل سجله الحافل بالمواقف المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني.

وأضاف: "إذا كانت إدارة الرئيس ترامب ترى في تعيين فريدمان شأنا من شؤون السيادة لا ينازعها فيه أحد، فإن وفاء هذه الإدارة بتعهدات ترامب في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس لا يمكن أن يكون شأنا سياديا دون الإخلال بالتزامات الولايات المتحدة نحو الأمم المتحدة وميثاقها وقوانينها وقراراتها".

ونوه إلى أن خطوة من هذا النوع من شأنها أن تشيع شريعة الغاب في العلاقات الدولية وأن تشجع حكومة الاحتلال على مزيد من التطرف والتصرف كدولة استثنائية لا تعير القانون الدولي الحد الأدنى من الاحترام، وما يترتب على كل ذلك من تداعيات خطيرة تدفع بالأوضاع نحو انفجار حتمي تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤوليته.

تأييد الاستيطان

من جهته، قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن تعيين فريدمان يرسل رسالة خطيرة للفلسطينيين والعالم حول نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة.

وأضاف في تصريح صحفي مكتوب، أمس، أن فريدمان معروف بتأييده المطلق للاستيطان غير الشرعي ويدعو بشدة إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما أنه سبق أن دعا إلى ضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية المحتلة لدولة الاحتلال، علاوة على أنه ساهم عبر منظمته في دعم مستوطنة "بيت ايل".

وتابع البرغوثي أن إقدام الولايات المتحدة على نقل سفارتها للقدس سيجعلها مشاركة في خرق القانون الدولي، ومبدأ أساسي في العلاقات الدولية بتحريم ضم أراضي الغير بالقوة.

وأضاف أن ما يجري يؤكد عبثية المراهنة على المفاوضات وضرورة تبني استراتيجية وطنية بديلة وموحدة تعالج حالة الضعف الفلسطيني بتغيير ميزان القوى عبر مقاومة المخططات الإسرائيلية وفرض العقوبات عليها.