يدفع المقدسيون فاتورة باهظة من كرامتهم وجيوبهم حين يهدمون بيوتهم بأيديهم تفادياً لخسائر مادية باهظة تفرضها المحاكم الاسرائيلية عليهم لصالح بلدية الاحتلال؛ والتي تستفيد من هذه المخالفات في بناءِ مشاريع في المدينة المحتلة .
المقدسي جمال أبو طير هدم منزله بعد أن استأجر عمالاً على حسابه الشخصي؛ بدا الأسى واضحاً في عينيه وهو يقول: "نحن في القدس نختلف عن أي مدينةٍ بالعالم، فالسكن محظورٌ علينا والاحتلال يمنعنا من الترخيص ويضع عوائق كثيرة حتى لا نحصل على الترخيص اللازم".
ويشير إلى أنه في يوم الخميس الماضي تم إنذاره لهدم ما بناه داخل منزله بمساحةٍ تقدر بــ 40 متراً، فما كان منه إلا أن يهدم بيديه خشية عقابٍ مُضاعف من البلدية التي تتربص بهم ليل نهار.
يقول فخري أبو ذياب من بلدة سلوان وعضو لجنة الدفاع عن القدس، لــ "فلسطين": "يتعمد الاحتلال إذلال المقدسيين إلى هذا الحد حين يهدمون بيوتهم بأنفسهم، إنه عقاب له تداعياته المؤلمة، وفي "سلوان" حي البساتين بأكمله مُهددٌ بالهدم وتم إزالة جزء كبير منه من أجل إحلال المستوطنين مكان المقدسيين، فمنطقة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى ومنها يخرج أكبر نفق أسفل المسجد الاقصى من الناحية الغربية وهو نفق "الحشمونئيم".
وفي السياق نفسه يقول الخبير المقدسي بالجغرافيا والديمغرافيا المهندس د. جمال عمرو: "أنا من ضحايا قرارات الهدم، حين رفضت قرار المحكمة بأن أهدم منزلي؛ جاؤوا حينها بــمُعدّاتهم المختلفة وأجهزتهم الأمنية وبعدها هدموا البيت، وحتى الآن في انتظار الفاتورة الباهظة التي سُتفرض عليّ من قبل سلطات الاحتلال".
وأضاف: "أن يقوم المقدسي بهدم بيته بيده أمام أولاده فتلك رسالةٌ فاجرة من الاحتلال لأهالي القدس أن السكن محظور لغير اليهود، ومن لا يروق له الأمر سيهدم بيته بنفسه وعلاوةً عليه سيدفع غراماتٍ باهظة".
وتابع: "آلية فرض الغرامات مقصودة من قبل الاحتلال؛ وتتم من خلال استدراج المواطن المقدسي إلى النواحي القانونية والمحاكم، وهنا يدفع المواطن مبالغ طائلة للمحامين والمحاكم، وعند صدور القرار النهائي يكون المواطن قد أُرهق نفسياً ومادياً ومن ثم يأتي بعد ذلك قرار الهدم، وحينها يقوم القاضي الصهيوني بتخيير المواطن إما أن تقوم البلدية بهدم المنزل ويترتب عليه مبالغ طائلة أو أن يهدم المنزل بنفسه وبالتالي يتجنب خسائر فادحة، حينئذ اخترتُ عدم هدمي بيتي بنفسي وقلت لهم:" لن أهدم بيتي.. كيانكم هو من يجب أن يُهدم وسخر من كلامي".
وعن التكاليف التي يتكبدها المقدسي جراء هدم "قطعة من قلبه": "تُحتسب أجرة الجرافات؛ وكذلك أجرة الحراسات عليها وإغلاق الشوارع؛ وإذا كانت هناك مواجهات يتم إضافة المزيد نتيجة تحمل أجهزة الأمن عبء المواجهات".
وأضاف: "هناك 22 ألف منزل مُهدد بالهدم في القدس المحتلة تُفرض عليها غرامات بعشرات الملايين من الدولارات وجميعها تذهب الى خزينة البلدية التي توظفها في بناء مشاريعٍ حيوية وسيادية في القدس؛ مع توظيف آلاف جدد؛ أي أن ملف الأبنية المخالفة مربح للبلدية وهو بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً".