فجرت كتائب القسام، أمس، مفاجأة من العيار الثقيل بإعلانها أن الشهيد التونسي المهندس الطيار محمد الزواري، هو أحد قادتها، وكان له دور رائد في الإشراف على مشروع طائرات الأبابيل القسامية من دون طيار التي كشفت عنها مسبقًا، وهو ما يطرح استفسارًا ملحًا تحاول صحيفة "فلسطين" عبر تحليل سياسي الإجابة عنه فيما يتعلق بالرسائل التي أراد القسام إيصالها من خلال هذا التبني.
واغتال مسلحون في مدينة صفاقس التونسية رميًا بالرصاص المهندس الطيار الزواري، بينما كان في سيارته، وأمام منزله، وقد جرت تلميحات إعلامية وسياسية داخل دولة الاحتلال إلى أن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" هو من يقف وراء عملية الاغتيال، وذلك لمساعدته أذرع المقاومة الفلسطينية بغزة.
المحلل السياسي إبراهيم المدهون، قال إن "كتائب القسام وفي إعلانها عن الشهيد الزواري أنه أحد قادتها، فإنها تريد بداية أن تسير على نفس الدرب الذي تعلنه مفتخرة بكل شهيد يرتقي من داخل منظومتها العسكرية".
وأشار المدهون لـ"فلسطين"، إلى أن الشهيد الزواري هو أول عربي يترجل شهيدًا ضِمن صفها العسكري، وقد قدم ما تفتخر به حقًا فيما يتعلق بمشروع طائرات "الأبابيل" من دون طيار.
ورأى أن كتائب القسام أرادت أن توصل من هذا الاعلان عدة رسائل، أولها يتعلق بإيصال رسائل لعقول الشباب العربي والإسلامي، أن اقتدوا بهذا الشهيد وأن عليكم أن تسيروا على نفس دربه بتسخير جهده وعلمه وطاقته وتخصصه الدقيق بما يخدم القضية الفلسطينية.
وأضاف المدهون: "هناك رسائل تحدٍ أيضًا للاحتلال، بأن جريمته لن تمر مرور الكرام، وأن القسام لن يبتلع الجريمة بصمت، وأنه قبل التحدي وسيقوم بالرد المناسب والأقوى عليها وهو الاستمرار في تطوير طائرات من دون طيار ومنظومته المقاومة عبر استثمار الطاقات العربية والإسلامية".
وذكر أن القسام كذلك الأمر أراد أن يوحي عبر تبنيه الشهيد "الزواري" أن يقدم رسالة مفادها أن قضية فلسطين ليست قضية محصورة في الفلسطينيين ومقاومتهم فقط، وأن هناك عمقا عربيا وإسلاميا كبيرا، يجب أن يتم تفعيله بصورة أو أخرى.
ولفت إلى أن القسام في تبني الشهيد يحقق معادلة قوة، ويرسل عبر بيانه أنه ماضٍ في طريقه ودون خشية من الاحتلال وعملائه، وقد انتقل فعليًا من المرحلة السرية والاختباء للمواجهة والاعلان عن كوادره التي يتمّ اغتيالها من دون أي تحرج.
أما المحلل السياسي حمزة أبو شنب، فرأى أن بيان كتائب القسام الذي أعلن فيه تفاصيل أن الشهيد الزواري كان قائدًا في صفوفها، وعمل في إطار مشروع طائراتها من دون طيار، وهو بيان احتوى على رسائل مختلفة.
وأشار أبو شنب لـ"فلسطين"، إلى أن القسام وجه وبصريح العبارة في بيانه رسالة للاحتلال الإسرائيلي، أنه لن يصمت على سلوكه، وأن هذا السلوك الإجرامي، ربما يدفعها إلى تغيير استراتيجيتها وتكتيكها في التعاطي والتعامل معه.
ولفت إلى أن القسام فاجأ الاحتلال بما لم يتوقعه عبر إعلانه عن تبني الشهيد.
وذكر أن الاحتلال وبعد هذا الإعلان سيعيد تقديراته وحساباته بشكل مؤكد، لافتًا إلى أن القسام لا يتعامل في ردة فعله بالصورة الانفعالية والعاطفية، بقدر ما أنه يمارس مقاومته بصورة متقنة ومدروسة.
ورجح أبو شنب أن تغير عملية الاغتيال قواعد اللعبة مع الاحتلال، فيما أن قوة ستضاف للقسام إلى جانب قوتها عبر تأكيدها بأن القضية الفلسطينية وقضية المقاومة لها من العمق العربي والإسلامي ما يمكن أن يؤدي دورًا رائدًا يساهم في العمل المقاوم بالطاقات اللازمة بدلاً من إهدارها في النواحي الأخرى.