"لا يجوز لأحد أن يتحدث عن أن سلاح المقاومة قابل للتفاوض، وهذه مسألة محسومة تاريخيا في الساحة الفلسطينية"، تشدد على ذلك عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليلى خالد، مؤكدة أن إنهاء التنسيق الأمني القائم في الضفة الغربية بين السلطة و(إسرائيل) هو المسألة الأساسية، كما ترى أن إصلاح منظمة التحرير وتفعيلها لتضم كافة الفصائل يشكل البوابة الرئيسة للمصالحة.
المناضلة خالد، التي ارتبط اسمها بعملية خطف طائرة العال الإسرائيلية عام 1970م، تقول في حوار مع صحيفة "فلسطين": "طالما نحن تحت الاحتلال فالمقاومة لها حق مشروع في أن يكون لديها سلاحها للدفاع عن شعبنا وثورتنا وقضيتنا.. ولا يحق لأي كان أن يأتي ليتحدث عن أن هناك سلطة واحدة وسلاح واحد شرعي وكأن المقاومة ليست شرعية. هذا غير مقبول".
وكان رئيس السلطة محمود عباس قال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي خلال لقاء تلفزيوني: "هناك دولة واحدة بقانون واحد بسلاح واحد"، مضيفا: "كل شيء يجب أن يكون بيد السلطة الفلسطينية".
لكن خالد ترى أن "المسألة الأساسية هي أن تنتهي فكرة التنسيق الأمني المستند إلى أوسلو"، مؤكدة أن اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993 فشل في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.
وتضيف: "حتى نجري عملية إنهاء الانقسام، ونحقق مصالحة ووحدة وطنية يجب أن تتغير المسائل الأساسية التي أنتجت هذا الوضع"، مبينة أن اتفاق أوسلو أنتج في النهاية بالنسبة للإسرائيليين مزيدا من الاستيطان والاعتقالات والقتل الميداني بحق الشعب الفلسطيني، وتهويد القدس المحتلة.
وتتابع: "لا يجوز أن يتشبث أولئك (السلطة الفلسطينية) الذين يعتقدون أن أوسلو يمكن أن ينتج شيئا للفلسطينيين أو تعطي حقوقا لشعبنا"، مشيرة إلى تجربة السلطة على مدار 24 سنة وحتى اللحظة التي أثبتت أن منهج الأخيرة لم يقدم الشعب الفلسطيني خطوة نحو حقوقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة وعاصمتها القدس.
وتطالب خالد، مُوَقِّعي اتفاق أوسلو بأن يعترفوا بأنه لم ينتج شيئا بل ألحق الضرر الكبير بشعبنا الفلسطيني، حتى نبني وحدة حقيقية.
وتؤكد أن بناء هذه الوحدة يكون من خلال وجود الجميع في منظمة التحرير بوصفها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وهي الإطار الذي يمكن لكافة الفصائل أن تتواجد فيها.
صراع مستمر
وتقول خالد: "نحن في مرحلة تحرر وطني، وفي مرحلة التحرر الوطني لا يتحدث أحد عن طمأنة العدو. أنت في عملية صراع مع العدو، إذًا هذا الصراع مستمر حتى تتحقق أهداف النضال وحقوق شعبنا".
وبشأن نتائج اجتماعات الفصائل التي انعقدت في القاهرة الثلاثاء الماضي، وشهدت توجها فتحاويا للتركيز على "تمكين" حكومة رامي الحمد الله بدلا من الملفات الرئيسة كمنظمة التحرير –بحسب مسؤولين فلسطينيين حضروا المباحثات- تقول القيادية في "الشعبية"، إن هذه الاجتماعات كان من المفترض أن تكون لمناقشة الملفات المنصوص عليها في اتفاق القاهرة 2011 بمعنى وضع آليات التنفيذ.
وتصف البيان الذي صدر عن الاجتماعات بأنه "عام" ولم يعط الشعب الفلسطيني آفاقا بأنه تم إنهاء كل أشكال الانقسام، لكنها تعتبر أن هذه الاجتماعات "خطوة يجب أن تتلوها خطوات أخرى من أجل بحث آليات تنفيذ اتفاقات القاهرة لعام 2011".
وتعيد التأكيد، على أنه كان يجب وضع آليات لتطبيق ما يتعلق بملف منظمة التحرير، الذي تصفه بأنه "الموضوع الكبير" حتى يتوحد الشعب الفلسطيني حول "ممثله الشرعي والوحيد"، وأن تجتمع اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني.
وترى أن ذلك سيعطي المصالحة البوابة الرئيسة التي يمكن من خلالها أن تتوحد كافة القوى حول برنامج سياسي وحول كل القضايا المتعلقة بالمنظمة.
وتشير إلى أن الحديث المتكرر من مسؤولين في حركة فتح يدور حول "تمكين الحكومة"، فيما حركة حماس أجابت بأنها سلمت المعابر والوزارات، وأنه ليأتي الوزراء ويستلموا غزة حتى يديروا العمل ما المطلوب منا أكثر من ذلك؟
ويشار إلى أن حماس بادرت في 17 من سبتمبر/أيلول الماضي في القاهرة، بإعلان حل اللجنة الإدارية الحكومية في غزة؛ "استجابة للجهود المصرية الكريمة"، ودعت حكومة الحمد الله إلى القدوم إلى غزة؛ لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا.
ووقعت حركتا حماس وفتح في 12 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي اتفاق مصالحة برعاية مصرية.
ورغم تسلم الحكومة وزارات ومعابر القطاع، فإن الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة منذ مارس/آذار الماضي وطالت رواتب موظفيها في غزة دون الضفة الغربية، والكهرباء ومناحي إنسانية أخرى، لم ترفع بعد. وترفض حكومة الحمد الله منذ تشكيلها في أبريل/نيسان 2014 صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم الحكومة السابقة برئاسة هنية في قطاع غزة.
وتتابع خالد: "نحن قلنا لفتح عندما تتحدثون عن التمكين من يمنعكم من أن تأتوا لتتسلموا الوزرات؟ الوزراء أتوا لغزة لمرة واحدة وعادوا. كيف يمكن أن تُحدثوا هذا التمكين دون أن تتواجدوا على الأرض وتستلموا الوزارات؟".
وتردف: "لكن يبدو أن في ذهن فتح قضية أخرى، هي قضية الأمن. هم يقولون الحكومة لا يمكن أن تجري عملية تمكين للوزارات دون تسلم الأمن وهذه مسألة من الأساس في الحوارات الثنائية السلاح والأمن هذا موضوع خارج البحث في هذه المرحلة".
الضغط الأمريكي
من جهة ثانية، تقول خالد إن تقييد واشنطن تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير هو وسيلة من وسائل الضغط على السلطة الفلسطينية.
وتضيف أن الحديث عن "صفقة القرن" لتسوية القضية الفلسطينية هو "كلام"، مبينة أنه لم يتم تقديم أي مبادرة أو مشروع.
لكنها تشدد على أن الإدارة الأمريكية لم تقدم شيئا للشعب الفلسطيني بل بالعكس تدعم (إسرائيل)، متسائلة: "إذًا، على من نعول على الإدارة الأمريكية أم على شعبنا؟ ونُخرج كل الطاقات الكامنة في هذا الشعب الذي مازال مستعدا من أجل أن يتقدم باتجاه حقوقه من خلال نضال متواصل ومستمر على المستويات كافة سواء المقاومة بكل أشكالها بما فيها الكفاح المسلح أم العمل السياسي والدبلوماسي".
وتطالب خالد بعدم رهن القضية الفلسطينية بيد واشنطن، ليس فقط بناء على التجربة العملية، بل أيضًا بناء على تقييم موقف الولايات المتحدة ودعمها المستمر والدائم والاستراتيجي لدولة الاحتلال.
وتشير إلى مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتطبيع بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي، وهو ما سيشكل مزيدا من الضغط على الجانب الفلسطيني لقبول أي مقترحات تقدمها الإدارة الأمريكية.
وتقول خالد إن "على الكل الفلسطيني أن يعي أولا أن أمريكا هي في خندق الأعداء وليس الأصدقاء، وهي ليست راعية للسلام بل مؤيدة بكافة المجالات للسياسة الصهيونية وأن يبقى هذا الكيان هو الأقوى في المنطقة".
وتشير إلى التطبيع بين أنظمة عربية و(إسرائيل)، وتصريحات الأخيرة التي تقول إن لها علاقات مع هذه الأنظمة في السر والعلن.
وتضيف: "يمكن أن نقلب الطاولة على الجميع (ما يحاك ضد القضية الفلسطينية)، عندما نقول إن المقاومة هي الطريق الوحيد لشعبنا الفلسطيني".
وترى خالد أن مقاطعة (إسرائيل) هي الرد الأنسب على التطبيع، مبينة أن دولة الاحتلال تعتبر المقاطعة خنجرا في خاصرتها.
وبشأن القدس المحتلة، توضح القيادية في "الشعبية" أن (إسرائيل) ضمت القدس بشرقيها وغربيها منذ سنة 1967، وتحتفل سنويا بضمها "كعاصمة أبدية" –على حد زعم قادة الاحتلال- وتهوّد المدينة وتهدم منازل الفلسطينيين بذريعة عدم الترخيص.
وتطالب السلطة بفتح ملفات جرائم الاحتلال بمحكمة الجنايات الدولية، مذكرة بأن القانون الدولي يؤكد أن المستوطنات غير شرعية، وأنه لا يمكن للمحتل أن يغير الجغرافيا، بينما (إسرائيل) تنتهك كل ذلك، وتعتبر نفسها فوق القانون الدولي.
وتتساءل: "متى يمكن لهذه السلطة أن تستفيد من القانون الدولي وتذهب لمحاكمة (إسرائيل) في محكمة الجنايات الدولية؟".
وتتمم عضو المكتب السياسي "للشعبية"، بأن القادة الإسرائيليين بمن فيهم رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرئيل شارون أكدوا انتهاء اتفاق أوسلو، مشددة على أنه يتوجب على السلطة تصويب البوصلة عبر التوجه للمحكمة الدولية.