وافق يوم أمس ، ذكرى استشهاد أسطورة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، محمود أبو الهنود، والذي سطر برصاص بندقيته مسيرة من أروع ملاحم البطولة والفخار ضد جنود ومستوطني دولة الاحتلال.
وصفه أعداؤه (إسرائيل) بأنه ذو أرواح سبعة، لكنه المجاهد الماهر، والمقاوم الصنديد الشجاع، الذي طالما ألحق الفشل تلو الفشل لوحدات جيش الاحتلال المختارة كما يسمونها، ومرّغ أنوف المستوطنين وعملائهم عندما طاردوه لاعتقاله أو قتله ليصنع النصر بأمجاده.
ولد الشهيد القسامي أبو الهنود بتاريخ 01/07/1967، وأكمل دراسته الثانوية في القرية "عصيرة الشمالية"، والتحق في عام 1995م بكلية الدعوة وأصول الدين بالقدس المحتلة حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية.
ومع اندلاع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987م، سارع أبو هنود وكغيره من الشباب الفلسطيني الثائر للمشاركة في فعالياتها، فأصيب في عام 1988م بجراح خطيرة جراء إصابته بعيار ناري خلال المواجهات مع جنود الاحتلال، وتم اعتقاله لاحقًا لعدة شهور في معتقل مجدو.
وبعد إطلاق سراحه أصبح أبو الهنود عضوًا ناشطًا في حركة "حماس" في منطقة نابلس، وفي شهر كانون أول عام 1992م كان هو وخمسة آخرين من بلدته عصيرة الشمالية أبعدوا إلى مرج الزهور برفقة 400 عضو من حركة حماس والجهاد الإسلامي.
لم تثنِ عملية الإبعاد أبا الهنود، فواصل نشاطه في صفوف الحركة الإسلامية، بل انخرط بعدها في النشاط العسكري، وأصبح أحد أعضاء الجهاز العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام البارزين بعد استشهاد القائد القسامي محيى الدين الشريف المطلوب رقم واحد لأجهزة أمن الاحتلال والسلطة على حد سواء.
وزادت أهمية المطارد أبو الهنود في عام 1996م عندما اعتقل إلى جانب نشطاء حركة حماس في حملة شنتها أجهزة الأمن الفلسطينية في ذلك الوقت إلا أن أبا الهنود أُطلق سراحه وقيل إنه فر من السجن في شهر أيار من العام ذاته.
اتهم الاحتلال الشهيد أبو الهنود بالوقوف وراء تجنيد الاستشهاديين الخمسة الذين فجروا أنفسهم عام 1997م، وتبين أن معظمهم خرج من قرية عصيرة الشمالية شمال نابلس الخاضعة للسيطرة الأمنية لدولة الاحتلال.
محاولات الاغتيال
وضع الاحتلال القائد أبو الهنود على رأس قائمة المطلوبين لديه، حيث تعرض لمحاولة اغتيال في 26-8-2000م، ولكنه أصيب بجراح وتمكن من الفرار بعد أن أجهز على أكثر من ثلاثة من جنود الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال "دوفدوفان"، وأصاب العديد منهم بجراح مختلفة، مما ساهم في زيادة الحنق عليه، وجعل من وحدات جيش الاحتلال المختارة أضحوكة وسائل الإعلام المختلفة.
وعلى الرغم من أنه أفلت من قبضة الاحتلال بحنكته وثباته رغم إصابته، حيث أكمل جهاز الأمن الوقائي مهام الاحتلال فقام برصد ومتابعة واعتقال كل ما يتحرك وله صلة بأبي الهنود، واستطاع بعدها الهنود الوصول لمدينة نابلس، لتلقي سلطة التنسيق الأمني القبض عليه، وتصدر محكمة أمن السلطة حكما بسجنه لمدة 12 عاما، لمقاومته الاحتلال.
وكانت المحاولة الثانية لاغتياله بتاريخ 20-5-2001م، بعدما قصفت الطائرات الحربية من نوع "F16" الإسرائيلية لأول مرة السجن المركزي لمدينة نابلس بالضفة المحتلة، حيث كانت تحتجزه السلطة، وللمرة الثانية ينجو، ويخرج أبو الهنود حيا من تحت الأنقاض، وهو لا يزال يمسك بيديه مصحفًا كان يقرأ فيه القرآن لحظة القصف.
وبعد جهاد طويل آن للفارس أن يمتطي صهوة ما سعى إليه طويلًا وتسابق مع رفاقه عليه، فبعد سبع سنوات من الملاحقة الدؤوبة، تم استهداف القائد القسامي أبو الهنود واغتياله، في أثناء انتقاله من مخبأ إلى آخر في منطقة نابلس.
فقد كان من المقرر أن يقوم أيمن حشايكة، صديق أبو الهنود، بنقله من مخبأه إلى مكان آخر، بعد الإفطار، وقد استقلا معًا سيارة نقل ركاب تعود لشقيقه مأمون، وقد تخفى أبو الهنود في زي فلاح في أثناء انتقاله، حيث ارتدى قنبازًا وحطة وعقالًا.
ولدى خروج السيارة التي قادها مأمون من قرية ياصيد 12 كيلو متر شمال نابلس، واتجهت صوب منطقة الفارعة وطوباس، وعند حوالي السابعة مساء، لاحقتها مروحية "أباتشي"، وأطلقت عليها عدة صواريخ، ما أدى لاستشهاد القائد القسامي محمود أبو الهنود "35"عامًا، إضافة إلى الشقيقين أيمن، "35" عامًا، ومأمون، "28" عامًا.