تتواصل جلسات الاستماع العلنية لضحايا الاستبداد التي تنظمها "هيئة الحقيقة والكرامة" اليوم السبت 17-12-2016 يوم ذكرى إحراق محمد البوعزيزي نفسه في 17 كانون الاول/ديسمبر 2010، في حادثة أطلقت شرارة الثورة في تونس.
وكانت هذه الجلسات استؤنفت مساء الجمعة بعد الشهادات الأولى في جلستي 17 و18 تشرين الثاني/نوفمبر في إطار عمل "هيئة الحقيقة والكرامة" التي أنشئت في 2013 من أجل تفعيل "قانون العدالة الانتقالية" في تونس.
وكلفت هذه الهيئة "كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان" في تونس منذ الأول من تموز/يوليو 1955، أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي وحتى 31 كانون الاول/ديسمبر 2013.
وقالت سهام بن سدرين، رئيس هيئة الحقيقة والكرامة (دستورية مستقلة)، خلال افتتاح الجلسات وقبل الاستماع لعينة من الضحايا، إن "هؤلاء الضحايا عينة صغيرة من بين الآلاف الذين تعرضوا لشتى أنواع الانتهاكات"، مشيرة إلى أن "هذه الجلسات تهدف الى تفكيك منظومة الفساد".
وأضافت بن سدرين إن "هؤلاء الذين يقدمون شهاداتهم بشكل علني، يتكلمون بصوت آلاف الضحايا".
وخلال الجلسة، تم عرض عدة شهادات بشأن الانتهاكات السياسية التي تعرض لها عدد من المعارضين والناشطين التونسيين في عهدي الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقالت "لا يمر يوم بدون أن أتذكر ما عشته في غرفة التعذيب في وزارة الداخلية (...) عرفت كل أشكال التعذيب إلى درجة أنني كنت أتمنى الموت".
وأضافت باكية أمام الحضور من سياسيين وممثلين للمجتمع المدني وأقرباء ضحايا بدا عليهم جميعا التأثر أن "الحرية ليست أمرا سهلا. نحن الآن نتنفس الحرية وعليكم حمايتها".
وبعد شهادة نجوى رزقي (44 عاما) التي عذبت أيضا في عهد بن علي، روى سالم كردون وهو مسؤول عسكري سابق رحلة العذاب التي عاشها في مكاتب جهاز أمن الدولة.
وكان متهما بالتورط في قضية "براكة الساحل" التي تحمل اسم بلدة تبعد حوالى 45 كيلومترا عن العاصمة التونسية وتعود إلى 1991 عندما تحدث نظام بن علي عن اجتماع لضباط كبار للإعداد لانقلاب.
وبثت القناة الوطنية الأولى مباشرة وقائع الجلسة التي تواصلت مع روايتي ضحيتين أخريين لانتهاكات حقوق الإنسان أحدهم شقيق مدرس قتل بالرصاص في كانون الثاني/يناير 1984 خلال أعمال شغب على إثر مضاعفة أسعار الخبز.
وقال "لن أسامح وعائلتي لن تسامح. أمي تريد أن تعرف من قتل ابنها. يجب أن تجري ملاحقة قضائية ومحاكمة المذنبين".
وستنظر الهيئة خلال جلسات علنية أخرى، تتواصل لأكثر من سنة فيما يفوق 65 ألف شكوى وملف، بعد أن قامت بحوالي 12 ألف جلسة سرية للاستماع إلى ضحايا الانتهاكات منذ بداية أعمالها وحتى اليوم.
ويستأنف الاستماع إلى الجزء الثاني من هذه الشهادات السبت 17 كانون الاول/ديسمبر 2017، أي بعد ست سنوات تماما على إحراق البائع المتجول محمد البوعزيزي نفسه ما أطلق شرارة الثورة التي أدت إلى سقوط نظام بن علي وهربه مع عائلته إلى السعودية.
و"الحقيقة والكرامة"؛ هيئة دستورية مستقلة تم تأسيسها بمقتضى قانون صدر في 24 ديسمبر/كانون أول 2013، والمتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، بهدف ضمان مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وتشرف الهيئة على تطبيق قانون العدالة الانتقالية للنظر فيما يتردد عن تجاوزات حقوق الإنسان بين 1 يوليو/ تموز 1955 (الاستقلال الداخلي)، و24 ديسمبر/كانون أول 2013 (تاريخ صدور قانون تأسيس الهيئة)، ويشمل عملها حكم بورقيبة (1957- 1987)، مرورا بعهد بن علي (1987- 2011)، وانتهاء بحكومة الترويكا (2011- 2013).