تحتفل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومعها الشعب الفلسطيني والأمة، بالذكرى التاسعة والعشرين لانطلاقتها، في ظروف سياسية صعبة، تمر بها القضية الفلسطينية، وتمر بها الأمة.
وفي وقت تشهد المنطقة الإقليمية والعالم تغيرات سياسية صعبة، تنعكس على محيطنا، فتترك آثاراً يطول معالجتها. لكن أمام هذا الواقع، ولأن فلسطين تبقى الأولوية، فإن حركة حماس تعمل في ظروف داخلية وإقليمية ودولية، ضمن رؤية واضحة، وهذا ما جعل الحركة تبذل الكثير، وتقدم جهوداً سياسية وعسكرية واجتماعية ضخمة، وتبقى اليوم هي حارسة الحلم الفلسطيني، ومحط أمل الأمة بالتحرير والعودة، وذلك لأن الحركة تملك رؤية استراتيجية شاملة، هنا أبرز محاورها:
1- القضية الفلسطينية قضية سياسية إنسانية حضارية عادلة، تخص الفلسطينيين والأمة، وجميع المسلمين والمسيحيين والأحرار في هذا العالم، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو احتلال إرهابي وحشي، لا يمتلك أحقية قانونية أو تاريخية للسيطرة على فلسطين، والخطر الصهيوني خطر كبير على الفلسطينيين والمنطقة والعالم، وهو يمثل تهديداً استراتيجياً، ولن يشعر العالم بالهدوء والسلام إلا بعد تفكيك دولة الاحتلال.
2- وحدة الشعب الفلسطيني، في الداخل والخارج، ووحدة القضية، بكل مكوناتها، ووحدة الأرض، والمكانة المتساوية للفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين، والمقيمين خارجها، في النضال السياسي والصمود والمقاومة، والمشاركة في القرار، وتوفير الدعم الكبير لكل الفلسطينيين الثابتين في أرضهم رغم ممارسات الاحتلال وإرهابه.
3- المقاومة خيار استراتيجي لتحقيق حرية الشعب الفلسطيني والتخلص من الاحتلال وإرهابه، وتقرير المصير، وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة، وللمقاومة دور أساسي في الدفاع عن الأرض والإنسان، وحماية المدنيين، وضرب الاحتلال وبنيته العسكرية والاقتصادية والأمنية، بهدف منعه من تنفيذ أهدافه المتمثلة في السيطرة والترحيل وتغيير الهوية.
وإن الانتفاضة، المدنية، وانتفاضة الحجارة، وعمليات الطعن والدهس، وأعمال المقاطعة التجارية والثقافية للاحتلال، هي جهد استراتيجي كبير، وإنجاز من إنجازات الشعب الفلسطيني، وشريحة الشباب. وهي تتكامل مع الجهود الأخرى في الدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية.
4- عمل المقاومة، يتكامل مع الأعمال الإنسانية الأخرى التي تهدف إلى حماية الإنسان الفلسطيني، وتقديم ما يمكن من حاجات أساسية، وخاصة الجهود التعليمية والصحية والرعاية الاجتماعية، والتثقيف.
والمقاومة معنية بتوفير ما يمكنها تجاه ما يعزز قيمة الإنسان ويحفظ بقاءه ودوره في أرضه، أو في بلاد اللجوء، من أجل دوره الأساسي في مشروع التحرير والعودة.
5- تعمل حركة حماس من أجل وحدة الرؤية الفلسطينية، وتوحيد الموقف، وتحصين الساحة الفلسطينية الداخلية، وهي تؤكد على أهمية القرار الفلسطيني الموحد، وبناء آليات مؤسساتية صالحة لاتخاذ القرار الذي يصب في خانة المصالح الفلسطينية العليا. من هنا تؤكد حماس دوماً على أهمية المصالحة الفلسطينية، والحوار الداخلي، وإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وإشراك جميع القوى والاتجاهات الفلسطينية في اتخاذ القرار، وتسعى لصياغة برنامج سياسي وطني فلسطيني مشترك، يشكل رافعة للعمل الفلسطيني ونقطة أمل لجميع الفلسطينيين.
6- تنظر حركة حماس إلى مجتمع اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين، من زاوية المساواة والمواطنة والشراكة الكاملة، وتحرص الحركة على دور فاعل لمجتمع اللاجئين في المقاومة والمحافظة على الهوية والتراث. وتقدر التضحيات الكبيرة التي بذلها اللاجئون في أعمالهم السياسية وصمودهم ومقاومتهم للاحتلال. وتعمل الحركة على حماية الوجود الفلسطيني في دول اللجوء، وإبقاء مسارهم نحو فلسطين، وتدافع عن حقوقهم الإنسانية، وتتبنى مطالبهم الاجتماعية، وترفض أي محاولة خارجية لأخذهم نحو الصراع مع محيطهم.
7- ترى حركة حماس وجوب إقامة علاقات سياسية قوية وواضحة مع جميع الدول والأنظمة والحكومات والأحزاب والتيارات الإسلامية والقومية والوطنية، وإن هذه العلاقات ترتكز على دعم القضية الفلسطينية ومساندة مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، ورفض التسوية مع الاحتلال، ورفض التطبيع، والمحافظة على أكبر قدر ممكن من القواسم المشتركة. والعلاقة السياسية مع أي مكون سياسي ليست مناقضة للمكونات الأخرى.
وترفض حركة حماس مبدأ القطيعة السياسية، ولا تستخدم الإساءة للرد على إساءة رسمية أو غير رسمية، وتصر على مبدأ الحوار المباشر لمعالجة نقاط الاختلاف من خلال قنوات التواصل السياسي وليس من خلال وسائل الإعلام.
8- تؤكد حركة حماس على شمولية علاقاتها، واتساع دائرة مصالحها، وتعتبر نفسها مركزاً يجمع مكونات الأمة، ويوحد جهودها. من هنا كان موقفها المعارض للاصطفافات المحلية والإقليمية، وللعبة المحاور، ومعارضتها للصراعات المحلية والطائفية والمذهبية، ولكل أشكال الاقتتال الداخلي المدمر.
9- ترفض حركة حماس العنف الداخلي، والاقتتال بين الإخوة، في فلسطين وخارجها، وتتمسك برفض معاقبة الشعب الفلسطيني على خياراته السياسية، وهي تتحرك دائماً من أجل كسر الحصار عن الفلسطينيين وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وتتمسك بحرية العمل والانتقال والتجارة.
10- تعتبر حركة حماس نفسها حركة مؤسساتية، تمتلك مؤسسات منتخبة، شورية، تنفيذية ورقابية. وهذه المؤسسات هي التي تصوغ رؤية الحركة، وتحدد مسار عملها الاستراتيجي، وتدير أعمالها التنفيذية، وتمارس الرقابة بشكل علمي.
وترى حركة حماس نفسها اليوم أنها حركة موحدة، قوية، متكاملة، حافظت على رؤيتها، وتمسكت بمشروعها الاستراتيجي، وأنها صمدت في أصعب الأوقات، رغم اعترافها بالظروف الصعبة التي عاشتها، من محاولات حصار واستهداف واغتيال واعتقال.
ولا شك أن هناك تباينات في الرأي، داخل صفوف الحركة، لكن هذه التباينات لا تمس الرؤية الاستراتيجية، ولا جوهر الموقف السياسي.
لكن حماس تعتبر أن وحدة الرؤية، والتفاف أبناء الحركة حول هذه الرؤية، وضخامة التضحيات التي قدمها الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلون، ومختلف العاملين في المؤسسات السياسية والإعلامية والإنسانية، التي تكمل ما بذله الفلسطينيون من أفراد ومؤسسات وفصائل وقوى، هو ما يحصن الموقف الفلسطيني، ويجعل حركة حماس أكثر ثقة على السير في مشروعها من أجل الأرض والإنسان.