قائمة الموقع

رسائل بصريَّة وسياسيَّة في كلمة النَّاطق الجديد "أبو عبيدة"

2025-12-29T20:19:00+02:00
الناطق الجديد باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"
الجزيرة نت

لم يقتصر خطاب كتائب القسام الأخير على إعلان استشهاد قادتها البارزين، بل حمل في طياته رسائل عسكرية وسياسية عميقة، عكست قدرة المقاومة على إعادة إنتاج ذاتها وتثبيت معادلة الاستمرارية.

يرى الخبير العسكري فايز الدويري أن نعي كتائب القسام لقادتها، متزامنًا مع الظهور الأول لناطقها الجديد، يحمل دلالة عسكرية عميقة تؤكد أن القسام تعمل ضمن نظام مؤسسي متكامل، لا يرتبط بأشخاص مهما بلغت أهميتهم.

ويؤكد الدويري، أن استشهاد القادة لا يعني تعطّل المنظومة أو توقفها، مشيرًا إلى أن ظهور الناطق الجديد بالهيئة ذاتها، من اللثام إلى لغة الجسد، يبعث برسالة واضحة مفادها أن "أبو عبيدة" بات واجهة لمؤسسة لا لشخص، وأن النظام الذي أنجب القادة الشهداء قادر على إنتاج قادة جدد.

ويضيف أن مقارنة قدرات القسام بالاحتلال لا يمكن أن تُقرأ بمنطق التوازن التقليدي، مردفًا أن "العالم لا يُدار بقوة القانون بل بقانون القوة، ورغم الفارق الهائل في الإمكانيات، استطاعت المقاومة القتال لعامين متواصلين بإمكانات محدودة".

ويخلص الدويري إلى أن الرهان على كسر المقاومة عبر الاغتيالات تجاهل دروس التاريخ، لأن المقاومة فكرة، والفكرة لا تُهزم.

الخطاب حمّل الناطق الجديد عبئًا لكنه أثبت الاستمرارية

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إياد القِرّا أن الخطاب شكّل عبئًا مضاعفًا على الناطق الجديد، نظرًا للمكانة الرمزية والإعلامية التي شغلها الناطق السابق أبو عبيدة على مدى عقدين.

غير أن القِرّا يؤكد أن الناطق الجديد نجح في حمل الرسائل ذاتها شكلاً ومضمونًا، ما يعكس قدرة القسام على الاستمرار وعدم الارتهان للأشخاص.

ويشير إلى، أن توقيت الخطاب وطريقة الظهور لم يكونا عفويين، بل حملا رسالة مباشرة بأن اغتيال الرموز لا يعني نهاية الدور، وأن المسار مستمر حتى بعد استشهاد القيادات.

ويضيف، أن الجزء الأبرز من الخطاب كان موجّهًا إلى الداخل الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، عبر التأكيد على التحام المقاومة بالمجتمع وتقاسمها معه كلفة المواجهة، إلى جانب تثبيت شرعية سلاح المقاومة بوصفه مرتبطًا حصريًا بمواجهة الاحتلال، مع توجيه رسائل تحذير للجماهير العربية من تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في المنطقة.

بينما قرأ رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي الظهور الأول للناطق الجديد باعتباره تأكيدًا على أن "أبو عبيدة" لم يعد شخصًا بل إطارًا مؤسسيًا.

ويقول الشوبكي إن الجمع بين نعي الناطق السابق وإبراز الناطق الجديد بالهيئة ذاتها يكرّس فكرة الاستمرارية، ويوجه رسالة واضحة بفشل الإستراتيجية الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض حماس، بما في ذلك أدواتها الإعلامية.

كما ويرى الشوبكي أن الإشارة إلى "بنادق فلسطينية بسيطة" جاءت ضمن خطاب محسوب، هدفه نزع الذرائع الإسرائيلية التي تضخم قدرات المقاومة لتبرير العدوان، وإعادة تعريف السلاح باعتباره رمزًا لحق الفلسطينيين في النضال، لا مخزونًا عسكريًا يهدد وجود الاحتلال.

ويؤكد أن الخطاب أعاد تقديم رواية السابع من أكتوبر من زاوية فلسطينية، بوصفه ردًا على سنوات من الحصار والاعتداءات، مع التأكيد على أن المقاومة، رغم الخروقات، لا تزال ترى في التهدئة خيارًا إنسانيًا لوقف نزيف الدم في غزة.

اخبار ذات صلة