أعلنت كتائب الشهيد عزّ الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، استشهاد عدد من أبرز قادتها خلال معركة "طوفان الأقصى"، من بينهم الناطق السابق باسم الكتائب حذيفة سمير الكحلوت المعروف بـ"أبو عبيدة"، لينضموا إلى قائمة طويلة من قادة المقاومة الذين ارتقوا خلال معركة "طوفان الأقصى"، والتي استمرت لعامين متواصلين.
وجاء الإعلان خلال خطاب مصوّر للناطق العسكري الجديد باسم كتائب القسام، أكد فيه استشهاد عدد من القادة المركزيين في البنية العسكرية للكتائب، مشيرًا إلى أدوارهم المفصلية في إدارة المواجهة، وتطوير القدرات القتالية للمقاومة، وقيادة المعارك في أصعب المراحل.
وفيما يلي عرض لأبرز القادة الذين أعلنت كتائب القسام استشهادهم:
محمد السنوار.. قائد الأركان
قال أبو عبيدة في بيان صحافي: "نزف القائد الكبير الشهيد المجاهد محمد السنوار أبو إبراهيم، قائد أركان كتائب الشهيد عز الدين القسام، خير خلف لخير سلف، صاحب العقلية الفذة، الذي قاد كتائب القسام في مرحلة بالغة الصعوبة خلفًا لشهيد الأمة الكبير أبو خالد الضيف، بعد أن كان قائدًا لركن العمليات إبان طوفان الأقصى".
وأضاف: "كان للشهيد محمد السنوار الإسهام الكبير والدور البارز في التخطيط والتنفيذ لعملية السابع من أكتوبر المجيدة، وكذلك الإشراف على مختلف تفاصيل الخطة الدفاعية والتصدي لعدوان الاحتلال الغاشم على غزة، في مسيرة بدأها قائدنا الكبير قبل عقود، تخللتها محطات عظيمة، من الثأر المقدس إلى الوهم المتبدد، ومن قيادة لواء خان يونس إلى جملة من المواقع القيادية العليا في القسام، ليُختم له بالشهادة في ثغور العزة والشرف".
وُلد محمد السنوار عام 1975 في مخيم خانيونس جنوبي قطاع غزة، وهو شقيق رئيس حركة حماس السابق الشهيد يحيى السنوار. وتولى خلال مسيرته التنظيمية والعسكرية مسؤوليات عديدة، أبرزها قيادة لواء خانيونس، وعضوية المجلس العسكري العام، قبل أن يتولى رئاسة هيئة أركان كتائب القسام عقب استشهاد القائد العام محمد الضيف.
واشتهر السنوار بلقب "مهندس الأنفاق"، نظرًا لدوره المركزي في تطوير شبكة الأنفاق الاستراتيجية، وكان من أبرز المشرفين على عملية "الوهم المتبدد" عام 2006، التي أسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، كما نجا على مدار عقدين من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية.
التحق بحركة حماس منذ انطلاقتها عام 1987، وشارك في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، قبل أن ينضم إلى كتائب القسام، حيث اعتقله الاحتلال على خلفية نشاطه العسكري، كما تعرّض للاعتقال لدى أجهزة السلطة الفلسطينية خلال التسعينيات. وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، تمكن من الفرار من سجون السلطة في رام الله.

محمد شبانة... "البطل الذي عرفه الجنوب"
كما نعى أبو عبيدة القائد الكبير محمد شبانة (أبو أنس)، قائد لواء رفح في كتائب القسام، الذي ارتقى برفقة القائد محمد السنوار وثلة من القادة والمجاهدين، واصفًا إياه بأنه رفيق درب القائدين الكبيرين أبو شمالة والعطار.
وقال: "الشهيد القائد محمد شبانة كانت له إسهامات في مواقع مختلفة، من الإعلام إلى الإمداد، وهو البطل الذي عرفه الجنوب وعملياته النوعية، من الوهم المتبدد إلى نذير الانفجار، إلى أسر هدار غولدن، وليس انتهاءً بالإبداع العظيم الذي سطره مجاهدو رفح الأبطال خلال طوفان الأقصى".
وتولى محمد شبانة قيادة لواء رفح، إحدى أهم المناطق الحدودية جنوب قطاع غزة، ولعب دورًا محوريًا في تأمين شبكة الأنفاق الحدودية، والمشاركة في صدّ التوغلات الإسرائيلية المتكررة في المدينة.
وتنقل شبانة في مهام متعددة داخل الكتائب، شملت العمل الإعلامي والإمداد العسكري، وشارك في عمليات نوعية بارزة، من بينها "الوهم المتبدد"، و"نذير الانفجار"، وأسر الجندي هدار غولدن، إضافة إلى دوره البارز في معركة "طوفان الأقصى".

رائد سعد... ركن التصنيع
وفي السياق ذاته، قال أبو عبيدة: "نزف القائد الكبير الذي التحق بهذا الركب مؤخرًا الشيخ الشهيد رائد سعد أبو معاذ، قائد ركن التصنيع في كتائب القسام، وقائد ركن عملياتها الأسبق، الشيخ الرباني الوقور الذي عرفته ميادين الجهاد منذ البدايات، والذي واصل ليله بنهاره عطاءً وبذلًا".
ويُعد رائد سعد من القادة التاريخيين البارزين في كتائب القسام، ومن الشخصيات المؤثرة في بناء وتطوير الهيكل العسكري للحركة. وشغل خلال مسيرته عدة مناصب قيادية، من بينها قيادة لواء مدينة غزة، قبل أن يتولى مسؤولية التصنيع العسكري.
كما شغل لاحقًا منصب قائد ركن العمليات في المجلس العسكري العام، قبل أن تُسند هذه المهمة إلى محمد السنوار، فيما بقي سعد أحد أبرز أعمدة القيادة العسكرية والتنظيمية داخل الكتائب.
وُلد سعد في مدينة غزة عام 1972، ودرس الشريعة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل على درجة البكالوريوس أثناء وجوده في سجون الاحتلال عام 1993، وكان ناشطًا في الكتلة الإسلامية، ثم نال درجة الماجستير في الشريعة عام 2008.
وبعد توقف الحرب على القطاع عام 2025، كان عضوًا في المجلس العسكري الجديد الذي شكّلته القسام لإعادة تنظيم صفوفها، وتولى إدارة العمليات العسكرية، ووُصف بأنه الرجل الثاني في القيادة بعد عز الدين الحداد.
وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 2025، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية اغتيال استهدفت رائد سعد داخل مدينة غزة، بالتعاون مع جهاز "الشاباك".

حكم العيسى... المجاهد المتفاني
كما نعى أبو عبيدة القائد الكبير حكم العيسى (أبو عمر)، قائلاً: "نزف إليكم كذلك القائد الكبير حكم العيسى أبو عمر، المهاجر المجاهد المتفاني، القائد الرباني المتواضع، الحي بين إخوانه، الصلب والمقدام في ميادين المواجهة، الذي طاف البلاد حاملًا أمانة الجهاد في فلسطين".
وأضاف: "الشهيد حكم العيسى عرفته لبنان وسوريا وبلاد شتى، قبل أن يستقر به المطاف في أرض غزة، ليكمل مشوار الجهاد وينقل خبراته إلى إخوانه المجاهدين على أرض فلسطين، وقد تنقل في مواقع قيادية مختلفة، من أبرزها ركن التدريب، وهيئة المعاهد والكليات العسكرية، انتهاءً بركن الأسلحة القتالية".
ويُعرف حكم العيسى باسم "أبو عمر السوري"، وقد وُلد عام 1967 في الكويت لأسرة تعود أصولها إلى مدينة طولكرم، وانتقل إلى قطاع غزة عام 2005 قادمًا من سوريا. وكان عضوًا في المجلس العسكري العام لكتائب القسام، ومسؤولًا عن دائرة الإعداد والتدريب المركزية.
وأشرف العيسى على تأسيس وتطوير منظومة الدفاع الجوي داخل الكتائب، وساهم في بناء التخصصات العسكرية المختلفة، مستفيدًا من خبرته القتالية التي اكتسبها من مشاركته في ساحات خارجية، مثل أفغانستان والشيشان.
ويُنظر إليه بوصفه أحد مهندسي العقيدة القتالية في كتائب القسام، وقد استشهد في غارة إسرائيلية استهدفت موقعًا جنوب مدينة غزة في حزيران/يونيو 2025، برفقة عدد من أفراد عائلته.


