قائمة الموقع

القسام تعلن استشهاد "القائد الملثم".. من هو "أبو عبيدة"؟

2025-12-29T16:53:00+02:00
photo_2025-12-29_11-55-24.jpg
وكالات ومواقع فلسطينية

لم يكن ظهوره على الشاشة حدثًا عابرًا، ولا كلماته مجرد بيانات عسكرية؛ فمنذ أول إطلالة له، شكّل أبو عبيدة حالة خاصة في الوعي الفلسطيني والإقليمي، صوتًا للميدان، ووجهًا للرواية المقاومة، وحضورًا أرعب الاحتلال وفرض معادلاته بالكلمة كما بالفعل. بالكوفية الحمراء والعصبة الخضراء، وبصوتٍ حادٍ وواثق، تحوّل إلى أيقونة عسكرية وإعلامية ارتبط اسمها بمحطات مفصلية في تاريخ المقاومة مع الاحتلال.

عُرف أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بوصفه أحد أبرز رموز المقاومة الفلسطينية، ولم يكن اسمه مجرد لقب إعلامي، بل بات خلال واحد وعشرين عامًا عنوانًا لانتصارات القسام، ولانكسارات جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام المقاومة في غزة.

ويُعد أبو عبيدة، أو "الملثم" كما يلقبه كثيرون، رمزًا للمقاومة الفلسطينية منذ ظهوره البارز في 25 يونيو/حزيران 2006، حين أعلن تنفيذ عملية "الوهم المتبدد" التي أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وأسر الجندي جلعاد شاليط، في واحدة من أبرز العمليات النوعية.

ورغم أن اسمه وصورته بقيا طي الكتمان لما يقارب عقدين من الزمن، إلا أن صوته وحده كان كافيًا، في كل مرة يطل فيها، لإقلاق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبث الرعب في صفوف جيشها.

النشأة والتعليم

وُلد حذيفة سمير الكحلوت في 11 شباط/فبراير 1984 في المملكة العربية السعودية، وعاش في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، حيث تلقى تعليمه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

نشط في الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابي لحركة حماس، في مدرسة أحمد الشقيري الثانوية شمالي القطاع، وتخرج من الثانوية العامة بتفوق في الفرع العلمي عام 2002، ثم بدأ دراسة الهندسة قبل أن يحوّل تخصصه إلى كلية أصول الدين.

وحصل على درجة الماجستير في العقيدة من كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة عام 2013، وكانت رسالته بعنوان "الأرض المقدسة بين اليهودية والنصرانية والإسلام".

التحق أبو عبيدة مبكرًا بصفوف حركة حماس وكتائبها العسكرية مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، حيث تدرج في مهامها الميدانية والإعلامية، وبرز دوره داخل القسام على أكثر من صعيد.

دوره الإعلامي

كان الظهور الأول لأبو عبيدة في مؤتمر صحفي من داخل مسجد "النور" شمالي القطاع، خلال معركة "أيام الغضب" في تشرين الأول/أكتوبر 2004، التي أطلقتها فصائل المقاومة ردًا على اجتياح الاحتلال لشمال قطاع غزة.

ومنذ ذلك الوقت، أصبح الواجهة الإعلامية لكتائب القسام، وارتبط اسمه بإعلاناتها عن العمليات العسكرية والتصدي للتوغلات الإسرائيلية.

شغل منصب مسؤول الإعلام العسكري في القسام، وكان مقربًا من القائد العام للكتائب الشهيد محمد الضيف. وبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، حمل رسميًا صفة الناطق الإعلامي باسم كتائب القسام، وظهر في برنامج "في ضيافة البندقية" الذي بثته قناة الجزيرة.

وبصفته رئيس دائرة الإعلام العسكري، أشرف على عدة أقسام، منها التوثيق والتصوير، والعمليات النفسية، وإدارة المنصات الإعلامية، وإصدار البيانات المرئية والمكتوبة، كما أجرى مقابلات مع وسائل إعلام عربية ومحلية حول مستقبل الكتائب ودورها بعد الانسحاب الإسرائيلي.

حضوره ناطقًا عسكريًا

مع اندلاع معركة "الفرقان" على قطاع غزة عام 2008–2009، برز أبو عبيدة لأول مرة بوصفه الناطق العسكري باسم الحرب، وصوت المقاومة الرسمي في إعلان البيانات، والكشف عن خسائر الاحتلال، وتسليط الضوء على إنجازات المقاومة، إلى جانب مخاطبة الجبهة الداخلية والشعوب العربية.

وشكّلت معركة "العصف المأكول" عام 2014 ذروة حضوره الإعلامي، وكان خطابه التاريخي في يوليو/تموز من ذلك العام، الذي أعلن فيه أسر الجندي شاؤول آرون في حي الشجاعية، أحد أبرز محطات مسيرته.

وفي ذلك العام، تنبّه الاحتلال إلى حجم تأثيره ورمزيته، فشن حملة إعلامية زعم خلالها كشف هويته وبياناته الشخصية.

وفي أبريل/نيسان 2020، دشّنت كتائب القسام قناة خاصة عبر تطبيق "تليغرام" حملت اسم "أبو عبيدة – الناطق العسكري باسم كتائب القسام"، لتكون منصة إضافية لبث تصريحاته وبياناته، والتي حظيت بمتابعة واسعة.

وخلال الحروب المتعاقبة على غزة، حرص أبو عبيدة على توجيه رسائل مقتضبة تتناول الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والقدس، والانتهاكات في الضفة الغربية، مع التلويح بردود مرتقبة من المقاومة.

وخلال معركة "طوفان الأقصى" التي انطلقت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واستمرت لعامين، أصبح أبو عبيدة عنوانًا لصوت الميدان، ومرجعًا رئيسيًا لأحداث المعركة وتطوراتها.

وفي عام 2024، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه، بصفته المتحدث باسم القسام، واعتبرت نشاطه جزءًا مما وصفته بـ"دعم الإرهاب".

صوت المقاومة والقضية

على مدار واحد وعشرين عامًا، شكّل أبو عبيدة صوت غزة والمقاومة، ونقل حقيقة ما يجري في الميدان، لا سيما ما يتعلق بفشل الاحتلال في تحرير أسراه، وخسائره البشرية خلال المعارك، فضلًا عن عمليات المقاومة النوعية.

أصبح ظهوره مقترنًا بالوعيد والرد على الجرائم الإسرائيلية، ما جعله هدفًا دائمًا للتحريض الإسرائيلي، ومحورًا أساسيًا في حرب الرواية.

وبات الإسرائيليون أنفسهم ينتظرون إطلالاته بقلق وترقب، ويمنحون تصريحاته مصداقية تفوق تصريحات قادتهم السياسيين والعسكريين.

وحظي بلقب واسع الانتشار داخل فلسطين وخارجها، وتحوّلت إطلالته بالكوفية الحمراء والزي العسكري إلى أيقونة شعبية هتفت لها الجماهير في الفعاليات والمسيرات التضامنية مع غزة.

ويُنظر إلى أبو عبيدة عالميًا بوصفه صوتًا للمقاومة الفلسطينية، ينقل رسالة شعب يعيش تحت الاحتلال، ويدافع عن قضيته أمام العالم.

وكان آخر ظهور مصوّر له في 18 يوليو/تموز 2025، أكد فيه جاهزية الفصائل الفلسطينية لخوض "معركة استنزاف طويلة" ضد "إسرائيل".

أبو عبيدة متزوج وله ولدان وبنتان، استشهدت زوجته وثلاثة من أبنائه في عملية اغتياله، وهم ليان (15 عامًا)، ومنة الله (11 عامًا)، ويمان (7 أعوام)، فيما بقي ابنه البكر إبراهيم.

وفي 30 آب/أغسطس 2025، استهدفت طائرات الاحتلال أبا عبيدة في حي الرمال غربي مدينة غزة، قبل أن تعلن كتائب القسام، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2025، استشهاده رسميًا.

اخبار ذات صلة