قائمة الموقع

من خيمة إلى خيمة.. "تراجيديا النزوح القسري" تتفاقم في غزة عام 2025

2025-12-28T15:16:00+02:00
مئات آلاف الفلسطينيين يعيشون في خيام في قطاع غزة بمواجهة شتاء قاس
فلسطين أون لاين

تودع الخمسينية مريم حجاج عام 2025 في غزة، وهي عالقة في خيمة نزوح قسري، لا تقيها حرا أو بردا ومطرا، ولا تعيد إليها شيئا من مقومات الحياة التي سلبتها حرب الإبادة الجماعية.

بين الشوادر المهترئة، والأخشاب البالية، وعلى أرضية طينية، لا تزال مريم تعيش مع عائلتها فصول المعاناة التي تفاقمت عام 2025، ولم تتوقف رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول، قائلة: "هذه مأساة بكل المقاييس".

ويطوي عام 2025 أيامه، دون أن يسدل الستار على تراجيديا النزوح القسري لمئات الآلاف من النازحين في غزة، مع استمرار الاحتلال بجرائم النسف والقصف، في ظروف إنسانية قاسية، ووسط غياب مقومات الحياة الأساسية.

تقول "أم محمد"، لصحيفة "فلسطين": حرب الإبادة هذه هي من أقسى ما تعرض له الشعب الفلسطيني، مبينة أنها عانت منذ بدء حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من تداعيات النزوح القسري.


 

لكن عام 2025، كان محطة تصفها بالأكثر مأساوية إنسانيا، ففي يناير/كانون الثاني، عادت السيدة إلى حي الشجاعية شرق غزة، حيث تقطن، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، لكن انقلاب (إسرائيل) على الاتفاق في 18 مارس/آذار أعادها إلى قلب مسلسل النزوح القسري.

نزحت قسرا من الشجاعية إلى مخيم الشاطئ غربا، ثم إلى حي تل الهوا جنوب غرب غزة، ومنه إلى خانيونس جنوب القطاع، وذلك على وقع المخاطر المحدقة التي تعرضت لها، لاسيما مع شن الاحتلال عدوان "عربات جدعون 2"، لاحتلال مدينة غزة.

تذكر لحظة استئناف الاحتلال حرب الإبادة: "أيقظتنا ليلا أصوات القصف والانفجارات التي أحاطت بنا"، مشيرة إلى أنها تعرضت للمخاطر ذاتها في مختلف أماكن النزوح. واستشهد أخوان وأخت لزوجها، خلال العام الجاري.

وفي مواصي خانيونس، لم تجد مكانا يؤويها، بعكس مزاعم الاحتلال الذي روج لتلك المنطقة على أنها "آمنة وإنسانية".


 

"كنا نازحين في مواصي خانيونس وشفنا مأساة من البحر والبرد والشتا لما كانت تطف علينا المية والخيمة لما تطير وانعدام الأكل والشرب، وعدم توفر المال في ظل الغلاء.. جعنا حرفيا"، تقول مريم بحرقة.

وفي كل محطة نزوح، كانت تذرف دموعها على واقع زجها الاحتلال به، بعد أن شردها من منزلها وحوله إلى أثر بعد عين.

ومع إغلاق الاحتلال المعابر وتشديده الحصار على غزة، حرمت مريم حتى من الحصول على خيمة جاهزة، أو أي مساعدات مالية، وتقيم الآن مع زوجها وابنتيها في خيمة يدوية من بعض الشوادر والأخشاب، وسط المدينة.

ويقع منزل مريم المدمر كليا في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال ضمن ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، ويمنع الأهالي من الوصول إلى مناطق سكنهم، تحت النار.

صحيا، ترك النزوح القسري آثاره على "أم محمد" التي أصيبت بمرض الضغط قبل شهرين، بينما يعاني زوجها من بداية انسدادات في شرايين القلب.

وباتت النزلات المعوية والسخونة والإسهال رفيقا دائما لحفيداتها، اللاتي يقمن مع أبيهن وأمهن في خيمة مجاورة.

ولا تغيب عن مريم أهداف الاحتلال من تشريد الغزيين قسرا. وعن ذلك تقول: "الاحتلال طول عمره هيك.. ما بدو حاجة اسمها فلسطين وغزة.. سمعنا في الماضي مقولة من رئيس وزراء الاحتلال السابق إسحاق رابين الذي تمنى أن يبتلع البحر غزة".

وتضيف: "غزة بالنسبة للاحتلال مثل اللقمة في الزور، ويريد التخلص منها".

تهجير الغزيين.. سياسة مستمرة

وشهد 2025 إحدى ذروات النزوح القسري للفلسطينيين في قطاع غزة والذي لم يتوقف رغم توقف إطلاق النار، والحديث هنا لمسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مها الحسيني.

تقول الحسيني لصحيفة "فلسطين": مازال النزوح القسري مستمرا في مناطق عدة بقطاع غزة ومازالت مئات العائلات تنزح من أماكنها شبه يوميا وخاصة في المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية أيضا التي يتواجد فيها الخط الأصفر.

واستخدم الاحتلال النزوح القسري سلاحا في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، كما تؤكد الحسيني.

تضيف: ما نتحدث عنه اليوم أبعد من مجرد نقل قسري للسكان في قطاع غزة، فهو تنفيذ لخطة ترمي على المدى البعيد أو السنوات القريبة إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة ووضعه تحت الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية تمهيدا لتهجير سكان القطاع إلى خارجه.

ويعيش نحو مليون ونصف المليون نازح في خيام ومراكز إيواء بدائية لا توفر الحد الأدنى من الحماية في غزة، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي الشهر الجاري.

ويشير البيان ذاته، إلى تضرر وغرق أكثر من 53,000 خيمة جزئيا أو كليا، وتلف الشوادر والأغطية البلاستيكية ومواد العزل، وفقدان الفرشات، البطانيات، وأدوات النوم، وتلف أدوات الطهي والمواد الأساسية داخل الخيام، وانهيار أماكن إيواء طارئة في عدة تجمعات، إثر منخفض "بيرون" الجوي أخيرا.

وتتمنى النازحة مريم الحصول على مجرد كرفان مؤقت يؤوي عائلتها، إلى أن يعاد إعمار غزة، لكنها تخشى من أن يظل ذلك أمنية، أو أن يكون "الغد أسوأ من اليوم"، في ظل تنصل الاحتلال من التزاماته، وعجز العالم عن محاسبته.

 

اخبار ذات صلة