حذر مدير مستشفى العيون الحكومي بوزارة الصحة في غزة، د. عبد السلام صباح، من تداعيات خطيرة لحرب الإبادة الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة، على مرضى العيون، مؤكداً أن أعدادهم ازدادت كثيرا في العامين الأخيرين.
وقال صباح لصحيفة "فلسطين" إن أكثر من 17 ألف مواطن في غزة تعرضوا لإصابات متنوعة في العيون، ثلثهم من فئة الأطفال خلال حرب الإبادة على القطاع، وسط عجز القطاع الطبي عن توفير العلاج لهم بعد تدمير الاحتلال معظم الأجهزة.
وأشار صباح إلى أن الكثير من المرضى والمصابين فقدوا البصر تماماً في الفترة الماضية، نظراً لمنع الاحتلال إدخال المعدات والأجهزة الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية، فيما يهدد نفس المصير الآلاف من المرضى.
وقال إن الإصابات الجديدة خلال حرب الإبادة نتجت عن عمليات القصف الوحشي لجيش الاحتلال، وانتشار الشظايا والجزئيات، التي تسببت بجروح خطيرة في العين لعدد كبير من المواطنين.
وأردف صباح: "بناء على إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية أصيب ما يقارب من 17 ألف مواطن في قطاع غزة خلال حرب الإبادة، من بينهم بالطبع أطفال ونساء وكبار في السن، وهو ما يشكّل نحو 11 بالمئة من مجمل الإصابات خلال الحرب".
وقال: "كثير من هؤلاء الجرحى فقدوا البصر بشكل كلي إما في عين واحدة أو في كلتا العينين، منهم أيضاً من يعاني من جروح ومضاعفات تحتاج إلى تدخلات جراحية وأجهزة تشخيصية متطورة".
وبيّن أن معظم هذه الأجهزة تم تدميرها وتخريبها في بداية حرب الإبادة، فيما منع الاحتلال إدخال أجهزة أخرى، بل ومنع وصول الأدوية والعلاجات البسيطة التي لا غنى عنها لعلاج المرضى.
أمراض مزمنة
ولفت صباح إلى وجود نحو 6 آلاف مواطن في غزة يعانون من أمراض مزمنة في العيون مثل الاعتلالات الشبكية السكرية أو الاعتلالات الناتجة عن مضاعفات وأمراض أخرى وعائية وأمراض مرتبطة بالعامل الوراثي، وهي كذلك تحتاج إلى أجهزة تشخصية متطورة.
كما يحتاج هؤلاء المرضى – بحسب الدكتور صباح – إلى علاجات وأدوية للتخفيف من معاناتهم، لافتاً إلى أن استمرار الواقع الحالي سيعني فقدان الكثير منهم للبصر تماماً في أي لحظة.
وأكمل: "في مقدمة هؤلاء المرضى يأتي المصابون بجلوكوما العين الناتج عن ارتفاع ضغط العين والذي يؤدي بدوره إلى فقد لإبصار بشكل تدريجي في حال عدم توفر العلاج وتقديم الخدمة لهم في الوقت المناسب".
وشدد المسؤول الطبي على أن معظم هذه العلاجات والأدوية لم تدخل إلى غزة عبر وزارة الصحة منذ ما يزيد على العام، مبيناً أن نسبة الأطفال من هؤلاء المرضى مرتفعة، ويمكن أن يفقدوا بصرهم في أي لحظة، مع صعوبة تعافيهم في المستقبل.
علاجات ضرورية
ونوّه إلى أن الحاجة لبعض الأدوية والعلاجات الخاصة بالعيون أصبحت ملحّة جداً في الوقت الحالي، خصوصاً المضادات الحيوية على شكل قطرات وريدية مثل مادة الأفلوكساسين.
كما أشار إلى الحاجة لبعض القطرات الدوائية المحتوية على الستيرويدات، مثل بريدفورت، والتي تُستخدم عادة بعد العمليات الجراحية داخل العين، وبعض هذه القطرات مختلط مع مضادات حيوية، وبعضها يُستخدم بمفرده. كما أشار المسؤول إلى الحاجة إلى أدوية مثل دياموكس، مانيتول، وأدوية الأباستين أو لوسينتس لعلاج حالات معينة في العين.
وقال صباح في حديثه لـ"فلسطين": "هناك أيضاً نقص شديد في المستهلكات الطبية مثل خيوط العمليات وعدسات المياه البيضاء، ما يهدد إمكانية إجراء العمليات الجراحية في الأشهر القادمة. كما تم تدمير جزء كبير من الأجهزة المستخدمة في التشخيص والعلاج، بما في ذلك أجهزة التصوير الشبكي وأجهزة قياس العدسات".
ولفت إلى أن الأجهزة المتضررة تشمل أجهزة الألترا ساوند لتشخيص أمراض العين، وأجهزة الفاندس المخصصة لتصوير الشبكية والأوعية الدموية، وأجهزة تصوير الشبكية المقطعية لتحديد موقع الخلل ومتابعة تطور الحالات المرضية، وهي أساسية لتشخيص ومتابعة أمراض مثل اعتلال الشبكية وارتفاع ضغط العين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة كبيرة لأجهزة الجراحة التداخلية مثل جهاز الفيكو فيتريكتو لقص السائل الزجاجي وتفتيت المياه البيضاء، فضلاً عن طاولات العمليات وأجهزة التخدير، ونقصها يزيد من صعوبة تقديم الخدمات الطبية بشكل مناسب، كما يقول صباح.
وفي ظل شح الإمكانات في مستشفى العيون، يضطر الآلاف من المرضى للانتظار لفترات طويلة على أمل أن يأتي دورهم في إجراء بعض العمليات البسيطة التي يمكن إجراؤها حالياً في غزة.
وعن ذلك قال صباح: "لدينا قائمة انتظار طويلة لإجراء عمليات جراحية لمرضى يعانون من ضعف وتدني الإبصار بسبب وجود مياه بيضاء في العين وزيادة كثافتها وتؤدي بدورها إلى فقد البصر بشكل تدريجي".