أثار تعيين ياسر محمود عباس، نجل رئيس السلطة محمود عباس، على رأس اللجنة المكلفة بحصر وبيع أملاك منظمة التحرير، موجة من التساؤلات والانتقادات في الأوساط الفلسطينية، خاصة في ظل تقارير متزايدة عن عمليات بيع مشبوهة لأصول مملوكة للشعب الفلسطيني، تحديدًا في لبنان ودول أخرى.
اللجنة، التي يعتقد على نطاق واسع أنها تعمل بعيدًا عن الرقابة المؤسسية والشفافية المفترضة في مثل هذه الملفات السيادية، تضم أيضًا مستشارين مقربين من العائلة، مما يعزز المخاوف من تضارب المصالح واستغلال النفوذ.
وينظر إلى أملاك منظمة التحرير باعتبارها أحد أهم أصول الشعب الفلسطيني التي جمعت على مدى عقود من التبرعات والتمثيل السياسي، وتمثل إرثًا وطنيًا لا يقدّر بثمن، وبالتالي، فإن أي خطوة في اتجاه تصفية أو بيع هذه الأملاك دون وضوح كامل وإشراف شعبي أو مؤسسي قد تفتح الباب أمام شبهات الفساد.
كما يربط مراقبون هذا التعيين بسلسلة من القرارات التي اتخذت مؤخرًا داخل السلطة تعكس تركزًا متزايدًا للسلطة والمال بيد قلة متنفذة من المقربين من رأس السلطة.
ووسط غياب مجلس تشريعي فاعل وأجهزة رقابية مستقلة، تزداد الدعوات الشعبية والحقوقية لفتح هذا الملف أمام الرأي العام الفلسطيني، ووقف أي تصرف منفرد بممتلكات المنظمة دون مسار وطني شفاف ومحاسِب.
الكاتب والمحلل السياسي ميخائيل عوض أكد أن أموال واستثمارات منظمة التحرير هي ملكٌ للشعب الفلسطيني وحده، باعتبار أن المنظمة هي الجهة الشرعية الوحيدة التي تمثله، مشيرًا إلى أن هذه الأموال حققت مبالغ كبيرة واستُثمرت في عقارات بعدد من الدول.
وقال عوض في حديثه لصحيفة "فلسطين": إن "ما يجري اليوم يعكس محاولة من الرئيس محمود عباس لتوريث السلطة لعائلته، كما فعل سابقًا حين سعى إلى احتكار منصبي رئاسة السلطة ومنظمة التحرير، وتوظيف موقعه لتمرير مشاريع سياسية تخدم مصالح ضيقة".
وأكد عوض أن الشعب الفلسطيني يمتلك من الطاقات والكفاءات الوطنية ما يجعله قادرًا على حماية حقوقه ومقدراته، مشددًا على أن ما يحدث هو في جوهره "سرقة لممتلكات الشعب الفلسطيني"، على غرار ما وصفه بسرقة نضاله وتاريخه الوطني.
وأشار إلى أن إصدار البيانات ومحاولات تأمين مصالح فئات محددة من خلال العلاقات مع بعض الأجهزة والدول لم تثبت فاعليتها، إذ لا توجد حتى الآن قوة حقيقية داخل فصائل منظمة التحرير قادرة على ضبط سلوك عباس وعائلته، معتبرًا أن الجميع يقف أمام هذا الواقع في حالة عجز واضحة.
بدوره أكد سميح خلف القيادي الفتحاوي أن اللجنة التي تقود عملية حصر وبيع أملاك منظمة التحرير وأملاك الشعب الفلسطيني يترأسها ياسر محمود عباس، ومستشاره الخاص في الساحة اللبنانية.
وأوضح خلف في تصريح له أن تقارير عدة صدرت مؤخرًا عن وكالات إعلامية ومؤسسات حقوقية تناولت سوء ادارة الوضع المالي في السلطة، إضافة إلى ما وصفه بحالات الثراء الفاحش لأبناء عباس.
وأشار إلى امتلاك ياسر محمود عباس، ثروة كبيرة تشكّلت عبر شبكة من الأنشطة التجارية التي بدأت منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
وأوضح أن هذه الثروة، بحسب التقارير، تتركز في مجموعة شركات قابضة وفروع متعددة تعمل في قطاعات متنوعة، من أبرزها المقاولات، والتأمين، والاتصالات، والكهرباء، واحتكار بيع السجائر الأجنبية في الضفة الغربية.
وبين أن هذه الشركات تعرف شركة في الأردن، وشركات مرتبطة بياسر عباس ترتبط بعقود ممولة من مساعدات دولية أمريكية وأموال عامة، من بينها مشاريع ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأضاف أن هذه المعطيات تثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين النشاط التجاري الخاص والمشاريع الممولة من المال العام، وحدود تضارب المصالح المحتمل.

