أكد منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في الضفة الغربية جمال جمعة، أن الاستيطان في الضفة الغربية بات يمثل "مرحلة متقدمة من مشروع استعماري إحلالي كامل الأركان" يستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني وتحويل الاحتلال إلى واقع دائم لا رجعة عنه.
وأوضح جمعة في تصريح لـ "فلسطين أون لاين" أمس، أن إرهاب المستوطنين بات سياسة رسمية ومعلنة، تنفذها جماعات استيطانية مسلحة تعمل كذراع ميداني لحكومة اليمين المتطرف وبحماية من جيش الاحتلال، مضيفا: "نحن لا نتحدث عن اعتداءات فردية أو انفلات أمني، بل عن منظومة عنف منظمة تجري تحت حماية جيش الاحتلال وبتوجيه سياسي واضح، هدفها السيطرة على الأرض، وطرد الفلسطينيين، وفرض وقائع ديموغرافية جديدة".
وأشار إلى أن المصادقة على بناء نحو 1200 وحدة استيطانية في مستوطنة بيت إيل، إلى جانب إقرار إقامة 19 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية، تمثل أخطر موجة توسع استيطاني منذ سنوات، مؤكدا أن هذه الخطوات تأتي في سياق تنفيذ فعلي لسياسة الضم "ما يجري هو ضم زاحف يتحول تدريجيا إلى ضم معلن، وحكومة الاحتلال نفسها لم تعد تخفي ذلك، بل يخرج وزراؤها للتفاخر بتنفيذه".
وأضاف جمعة أن الاستيطان استولى خلال الفترة الأخيرة على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين، خصوصا في مناطق الأغوار، ومسافر يطا، وشمال رام الله، ونابلس، حيث تم تهجير مئات العائلات البدوية والريفية بالقوة، إما عبر الاعتداءات المباشرة أو عبر منع الوصول إلى مصادر المياه والرعي "الاحتلال يستخدم المستوطنين كأداة تطهير عرقي صامت، يدفع الناس للرحيل دون أوامر مكتوبة، لكن تحت التهديد اليومي بالسلاح".
وبيّن أن العنف الاستيطاني ارتفع بنسب غير مسبوقة، موضحا أن الأشهر الأخيرة شهدت مئات الاعتداءات التي شملت إطلاق نار، إحراق منازل ومركبات، اقتلاع أشجار الزيتون، وتخريب البنى الزراعية، في ظل غياب أي مساءلة قانونية.
وتابع: "المستوطن يعتدي وهو يعلم مسبقا أنه محمي، بينما الفلسطيني هو الضحية الدائمة بلا أي حماية".
وأكد جمعة أن هذه السياسات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف، وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2334، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكد عدم شرعية الاستيطان وكل إجراء يغير الطابع الديموغرافي والقانوني للأراضي المحتلة.
وأضاف: "رغم وضوح هذه المرجعيات، يواصل المجتمع الدولي الاكتفاء ببيانات القلق، وهو ما يشجع الاحتلال على المضي قدما".
وحذر من أن التوسع الاستيطاني المنهجي يقضي عمليا على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، وتابع: "ما يجري هو تفتيت متعمد للضفة إلى كنتونات معزولة، وتحويل الفلسطيني إلى تجمعات محاصرة بلا أرض ولا سيادة".
وفيما يخص القدس المحتلة، قال المتخصص في شؤون الاستيطان إن المدينة تتعرض لعملية تفريغ سكاني منظم عبر هدم المنازل، وسحب الهويات، والاستيلاء على العقارات، وتزوير الوثائق لصالح الجمعيات الاستيطانية.
وقال: "القدس هي قلب المشروع الاستيطاني، وما يحدث فيها نموذج مصغر لما يراد فرضه على كامل الضفة".
وختم جمعة تصريحه بالتأكيد على أن استمرار الصمت الدولي يعني شراكة فعلية في الجريمة، داعيا إلى تحرك دولي فوري يتجاوز الإدانة اللفظية، ويشمل فرض عقوبات، ومحاسبة قادة الاحتلال، وتوفير حماية دولية حقيقية للشعب الفلسطيني.

