قائمة الموقع

رفض "الجنائية الدولية" استئنافًا لإلغاء اعتقال نتنياهو وغالانت ينهي محاولة تعطيل المسار القضائي

2025-12-21T15:20:00+02:00
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت
فلسطين أون لاين
  • الدول العربية مطالبة بتوحيد جهودها لدعم العدالة الدولية والمساءلة عن الجرائم
  • حذر من ترك المجال للروايات السياسية التي تسعى لطمس جوهر الجرائم

أكد مستشار قانوني في "الجنائية الدولية"، أن المحكمة قررت رفض الاستئناف الذي تقدمت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإلغاء مذكرات الاعتقال الصادرة بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت. مشددا على أن هذا القرار أنهى محاولة واضحة لتعطيل المسار القضائي عبر توظيف الأدوات الإجرائية.

وأوضح المستشار فؤاد بكر لصحيفة "فلسطين"، أن القرار صدر بتاريخ الخامس عشر من الشهر الحالي، معتبرا أنه يشكل محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية المرتبطة بالوضع في الأراضي الفلسطينية، لما يحمله من تثبيت قانوني لاختصاص المحكمة واستقلالها عن الضغوط السياسية.

وأكد أن الحكم لم يكن إجراء شكليا أو تقنيا، بل رسالة صريحة مفادها أن العدالة الدولية لا تدار بمنطق التوازنات السياسية، وأن القضاء الدولي يظل محكوما بالقانون وحده مهما بلغت حدة الضغوط.

وأضاف أن المحكمة أعادت من خلال هذا القرار التأكيد أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية ينظر إليه كسياق قانوني واحد وممتد، وأن تصاعد الأحداث أو اتساع رقعتها لا يبرر إعادة فتح مسارات تعطيل العدالة أو إعادة ضبط قواعد المساءلة.

وفي أعقاب صدور القرار، أعلن مكتب نتنياهو أن رفض المحكمة الجنائية الدولية الاستئناف المقدم لإلغاء مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت هو قرار "مسيس".

ويرى بكر أن هذا التصريح يعكس فجوة واضحة بين الخطاب السياسي والمنطق القانوني الذي استندت إليه المحكمة.

وجاءت أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت نتيجة تحقيقات المحكمة الدولية في جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، تتعلق بشن عمليات عسكرية واسعة خلال حرب الابادة على غزة، استهدفت خلالها قوات الاحتلال المدنيين والبنية التحتية المدنية، وسببت أضرارا جسيمة للسكان.

وتشمل الاتهامات الموجهة لنتنياهو وغالانت الإشراف المباشر أو الموافقة على عمليات قد ترقى إلى جرائم حرب، بما يجعلهم مسؤولين قانونيا عن هذه الانتهاكات.

تثبيت اختصاص المحكمة

وبين أن وصف القرارات القضائية الدولية بالتسييس لا ينتقص من شرعيتها القانونية، بل يستخدم كأداة ضغط تهدف إلى نزع الثقة عن المحكمة وتقويض مكانتها، خصوصا عندما تقترب من مساءلة مسؤولين في مواقع القرار.

وشدد بكر على أن القيمة الحقيقية للقرار تبدأ من لحظة صدوره، إذ ينتقل العبء الآن إلى المجتمع الدولي، الذي لم يعد قادرا على الاكتفاء بالمواقف الرمادية أو بيانات القلق، مؤكدا أن احترام قرارات المحكمة هو التزام قانوني وأخلاقي لا يخضع لمعادلات القوة.

وأوضح أن التعاون مع المحكمة، سواء من خلال تقديم المعلومات أو تسهيل التحقيقات أو الامتناع عن عرقلتها، ليس خيارا سياسيا قابلا للتراجع، بل واجب قانوني واضح، وأن أي تقاعس في هذه المرحلة قد يُعد مساهمة غير مباشرة في استمرار الجرائم.

وفي هذا السياق، أشار بكر إلى أن بعض الدول تحاول الفصل بين الاعتراف بالمحكمة ودعمها الفعلي، معتبرا أن هذا الفصل غير مقبول قانونيا ولا أخلاقيا، لأن العدالة لا تتجزأ ولا تطبق انتقائيا.

تهديد النظام الدولي

وأكد أن الهجوم على المحكمة لا يستهدف القضية الفلسطينية وحدها، بل يضرب في عمق النظام الدولي القائم على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، محذرا من أن إضعاف المحكمة اليوم سيفتح الباب أمام فوضى قانونية عالمية.

وتطرق بكر إلى الدور الأوروبي، مؤكدا أن دول الاتحاد الأوروبي تتحمل مسؤولية خاصة بحكم كونها من أبرز الداعمين للمحكمة، ولا يجوز لها اعتماد ازدواجية المعايير أو التراجع عن التزاماتها عندما تتعارض مع مصالح سياسية آنية.

وأضاف أن الضغط السياسي على المحكمة، سواء من خلال التصريحات أو التهديدات أو تقليص الدعم، يشكل سابقة خطيرة، ويقوض فكرة استقلال القضاء الدولي التي قامت عليها المحكمة منذ تأسيسها.

وفي ما يتعلق بالعالم العربي، شدد بكر على أن المرحلة الراهنة تتطلب توحيد الموقف السياسي والقانوني، وعدم الاكتفاء بردود فعل متفرقة، داعيا إلى بناء جهد قانوني–دبلوماسي منظم لمتابعة المسار أمام المحكمة.

وأكد أن دعم الفلسطينيين يجب أن يكون مؤسساتيا وقانونيا وإعلاميا، بهدف تثبيت الرواية القانونية القائمة على الوقائع والقانون الدولي، وعدم ترك المجال للروايات السياسية التي تسعى إلى طمس جوهر الجرائم.

وأشار بكر إلى الدور المحوري للمجتمع المدني والإعلام الدولي في حماية المحكمة من محاولات الشيطنة، من خلال التوعية بأن المساءلة ليست عملا انتقاميا، بل شرطاً أساسيا لتحقيق العدالة والسلام.

وشدد المستشار القانوني، على أن القرار الصادر في الخامس عشر من الشهر الحالي لا يمثل نهاية المسار القضائي، بل بدايته الفعلية، وأن الاختبار الحقيقي للعدالة الدولية اليوم لا يكمن في نصوص الأحكام، بل في مدى استعداد الدول لاحترامها وتنفيذها، بعيدا عن منطق القوة والحسابات السياسية الضيقة.

اخبار ذات صلة