تتزايد الخروقات الإسرائيلية الممنهجة لاتفاق وقف حرب الإبادة الجماعية على غزة، يوما بعد آخر، فلا يخلو يوما من عمليات قصف جوي أو نسف منازل وأحياء سكنية أو عمليات اغتيال لقيادات ونشطاء المقاومة الفلسطينية.
بالتوازي مع ذلك، يكرر بين الحين والآخر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سلسلة شروط إسرائيلية معقدة - بعضها ورد في وثيقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف حرب الإبادة على غزة - وبعضها لم تتضمنه الوثيقة أصلا من أجل الدخول في المرحلة الثانية للاتفاق.
وأمام التزام حماس بتسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات وجميع تفاصيل المرحلة الأولى، سجل ميدانيا اختراق إسرائيلي أزيد عن 738 مرّة للاتفاق وقتل الجيش أزيد عن 386 مواطنا وإصابة 987 آخرين عدا عن قيود عسكرية على المعابر وشاحنات المساعدات الإنسانية والواردات إلى غزة.
رفض إسرائيلي
يجزم المحلل السياسي د. أحمد عوض أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار ليست ميدانية أو عشوائية بل "ممنهجة جدا" دون أية اعتبار للإدارة الأمريكية التي توافق "ضمنيا" على تلك الخروقات أو عمليات الاغتيال المحدودة.
وأوضح عوض لصحيفة "فلسطين" أن الخروقات الإسرائيلية الممنهجة هدفها إضعاف صمود الفلسطينيين والمقاومة في غزة والدفع نحو استسلامها أو تقديم تنازلات أخرى.
وربط ذلك بمحاولات إسرائيلية لأجل السيطرة أمنيا وعسكريا على غزة وتحويلها لـ"جحيم" أو غير صالحة للعيش؛ بهدف دفع الفلسطينيين إلى الهجرة.
ورأي أن هناك هدفا إسرائيليا آخرا وهو: "(إسرائيل) تريد أن تقول للعالم أن القوة العليا لها أمنيا وأنا تطبق الاتفاق وفق منظورها الأمني والعسكري" وذلك أمام التزام المقاومة بمتطلبات المرحلة الأولى للاتفاق.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شهد توقيع اتفاق وقف الحرب الإسرائيلية على غزة بمشاركة زعماء وقادة دول في مدينة شرم الشيخ المصرية أكتوبر/ تشرين أول الماضي تحت رعاية الوسطاء: (قطر، مصر، تركيا) وإشراف الإدارة الأمريكية.
وشهدت المرحلة الأولى تسليم المقاومة جميع الأسرى الأحياء والأموات باستثناء جثة واحدة لا تزال المقاومة تجرى أعمال بحث عن مكانها، تمهيدا للانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق.
وبحسب عوض فإن حكومة الاحتلال المتطرفة لا ترغب بالانتقال للمرحلة الثانية التي تشمل استحقاقات إسرائيلية عديدة، ومنها: انتشار قوات استقرار دولية، تدفق المزيد من المساعدات الإنسانية لغزة، بحث إعادة إعمار غزة.
وبتقديراته فإن حكومة الاحتلال ترغب البقاء في المرحلة الأولى دون الانتقال للثانية، وإبقاء الأوضاع الراهنة كما هي دون منح الفلسطينيين أية تنازلات أو تسوية سياسية.
ولأجل ذلك، بحسب المحلل السياسي يخرج نتنياهو بين الحين والآخر باشتراطات جديدة كـ: تجريد حركة حماس من السلاح، نزع السلاح عن غزة، حكم غزة، سيطرة أمنية كاملة، عدم الانسحاب الكامل، تركيبة القوات الدولية، تحكم إسرائيلي بإعادة اعمار غزة.
ودفع ذلك برئيس حركة حماس في غزة د. خليل الحية، خلال كلمته في الذكرى الـ 38 لتأسيس الحركة، للقول: إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وشدد على أن مهمة "مجلس السلام" الذي ورد في خطة ترامب، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار غزة، كما أن مهمة قوة الاستقرار الدولية تتمثل في الحفاظ على وقف إطلاق النار، داعيا أيضا إلى تشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة القطاع بمشاركة نخب فلسطينية.
خيارات محدودة
ومن وجهة نظر المحلل السياسي د. أحمد الحيلة فإن استمرار انتهاك الاحتلال لاتفاق وقف الحرب على غزة عبر قتل المدنيين واغتيال قادة ونشطاء المقاومة دليل على مساعي "نتنياهو" الانقلاب على الاتفاق وإفشاله.
وذكر الحيلة لـ"فلسطين" أن هناك مسعى آخر لرئيس حكومة الاحتلال المجرم – المطلوب للجنائية الدولية – يتمثل بخلق معادلة جديدة يلتزم فيها الجانب الفلسطيني وإبقاء (إسرائيل) مطلقة أمنيا لاستمرار العدوان والقتل في غزة.
لكن ذلك، بحسب وصفه، يزيد من هشاشة الاتفاق وتآكله ويضع المقاومة الفلسطينية أمام خيارات صعبة – في حال الرد على تلك الخروقات الإسرائيلية – ما يدفع "نتنياهو" للعودة لحرب الإبادة والتنصل من الاتفاق بأكمله.
وكانت حماس كررت دعوتها إلى الوسطاء خصوصا الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترامب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار.
ويجمع الحيلة وسابقه عوض بأن ثمة خيارات فلسطينية محدودة لوقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة عبر الوسطاء بإلزام (إسرائيل) ببنود الاتفاق، وقرار مجلس الأمن الدولي إلى جانب العمل فلسطينيا على حركة دبلوماسية نشطة في جميع دول العالم لكشف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للاتفاق الذي حضره زعماء وقادة دول عرب وأوروبيين.