قائمة الموقع

ليلة من البرد في خيمة أمام السفارة الامريكية؟!

2025-12-17T08:22:00+02:00
فلسطين أون لاين

تخيّلوا لو أنّه في كل بلد عربي ومسلم تطوّعت مجموعة من العائلات في نصب خيمة لكل عائلة أمام السفارة_الأمريكية، وأن يبيتوا مع أطفالهم ليلة واحدة ماطرة فقط.

ستكون رسالة إعلامية سياسية عالمية داعمة لغزّة ومأساتها مع المنخفضات الجوية.

في ظلّ الأزمات الإنسانية المتفاقمة التي يشهدها العالم، تبرز الحاجة إلى مبادرات سلمية تُعيد الاعتبار للقيم الإنسانية، وتُذكّر بدور الفعل المدني الواعي في التأثير على الرأي العام وصنّاع القرار. فحين تفقد البيانات السياسية زخمها، وتتحوّل المآسي إلى أرقام متكررة في نشرات الأخبار، يبقى الفعل الرمزي المدروس أداة فاعلة لإعادة تسليط الضوء على جوهر القضية.

من هذا المنطلق، تُطرح فكرة إنسانية بسيطة في أدواتها، واضحة في رسالتها:

أن تتطوّع مجموعة من العائلات في كل بلد عربي ومسلم، وتنصب خيمة لكل عائلة أمام السفارة الأمريكية، وتبيت مع أطفالها ليلة ماطرة واحدة فقط، تعبيرًا رمزيًا عن التضامن مع المدنيين في قطاع غزّة، وما يواجهونه من ظروف إنسانية قاسية، لا سيما خلال المنخفضات الجوية.

هذه المبادرة لا تقوم على الاحتجاج الصاخب، ولا تهدف إلى المواجهة أو التعطيل، بل تنطلق من مبدأ التعبير السلمي المسؤول، الذي يحاكي المعاناة الإنسانية ويضعها في صدارة المشهد السياسي.

إن صورة عائلة اختارت طوعًا أن تقضي ليلة في البرد والمطر، تحمل رسالة إنسانية مباشرة يفهمها الرأي العام العالمي دون حاجة إلى شرح أو تفسير. فهي تذكير صامت بأن ما يعيشه المدنيون في غزّة ليس ظرفًا عابرًا، بل واقعًا يوميًا مفروضًا، تتحمّله الفئات الأضعف، وفي مقدمتها الأطفال.

أما اختيار السفارات الأمريكية كمكان رمزي لهذا الحراك، فيأتي من باب مخاطبة الجهات ذات التأثير المباشر في مسار المساعدات الإنسانية. فالولايات المتحدة هي راعية حرب الإبادة وما نتج عنها من مآسي إنسانية، وتمتلك القدرة الكاملة على فعل المطلوب، بمجرّد قرار منها يتم إدخال المساعدات والإغاثة الإنسانية، متى ما توفّرت الإرادة السياسية وهذه بالطبع لا تتوفّر حبا وطواعية بل بالضغط السياسي والتأثير على منظومة مصالحها عند العرب والمسلمين، وإذا كانت الحكومات والأنظمة تخشاها ولا يرتقي فعلها على التأثير بهذه المصالح فلتتحرّك الشعوب وتفعل ما تقاعس عنه المستوى الرسمي للأسف الشديد.

وتكمن قوة هذه المبادرة في بساطتها وقابليتها للتنفيذ والتكرار؛ إذ لا تتطلب موارد كبيرة، ولا تنظيمًا معقّدًا، بل تقوم على مشاركة مجتمعية سلمية، تُعزّز الوعي، وتلفت انتباه وسائل الإعلام، وتُسهم في إبقاء الملف الإنساني حاضرًا في الواجهة.

إن مثل هذه المبادرات لا تدّعي أنها حلول شاملة، لكنها تمثّل خطوة أخلاقية ومسؤولية مدنية، تؤكد أن التضامن الإنساني لا يزال قادرًا على إيجاد صيغ تعبير مؤثرة، وأن الأمل بالفعل السلمي المنظّم يظل خيارًا مشروعًا في مواجهة الأزمات.

في نهاية المطاف، ليست الخيمة غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لطرح سؤال إنساني أمام العالم:

إلى أي حدّ ما زالت القيم الإنسانية قادرة على تحريك الضمير الدولي؟ولنشعر ضمائرنا تحت مطارق البرد بشيء يسير من البرد والألم الذي يغرق به أحبتنا في قطاع غزة.

اخبار ذات صلة