رغم تصاعد اعتداءات المستوطنين في قرى ومدن الضفة الغربية المحتلة، يسجّل الأهالي والمزارعون الفلسطينيون مواقف متزايدة من التحدي والصمود في وجه هذه الهجمات، التي باتت تتخذ طابعًا يوميًا ومنظمًا، تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في بلدات وقرى ترمسعيا، وبيتا، وبورين، والمغير، وعقربا، وسنجل، تكررت مشاهد التصدي الجماهيري للمستوطنين، حيث خرج المواطنون لحماية أراضيهم ومزارعهم، في مشهد يؤكد أن الرد الشعبي بات خط الدفاع الأول أمام تغوّل المستوطنات ومشاريع التهجير.
وبدأ تحرّك الأهالي في أعقاب حرق المستوطنين للمحاصيل، وسرقة الأغنام، واقتلاع الأشجار، وتدمير الممتلكات في القرى، ومنع وصول المزارعين إلى أراضيهم، في محاولة لفرض واقع استيطاني جديد.
ويعمل عدد من الأهالي على إعادة تفعيل لجان الحراسة والتصدي الليلي في عدد من القرى، حيث ينظّم الشبان دوريات حماية تطوعية لمنع أي اقتحام مفاجئ من قبل المستوطنين، خاصة في المناطق القريبة من البؤر الاستيطانية.
الناشط في بلدة بيتا، أحمد خريوش، أكد أن قرى الضفة الغربية المحتلة تشهد في الآونة الأخيرة تحولًا لافتًا في طريقة تعاطي الأهالي مع اعتداءات المستوطنين، موضحًا أن هذا التحول يتمثل في اتجاه متزايد نحو التصدي المباشر والدفاع الذاتي، في ظل تصاعد غير مسبوق في الهجمات التي تستهدف القرى والمزارعين الفلسطينيين.
وقال خريوش، لـ "فلسطين أون لاين"، إن "هذا التغيير يعكس تحولًا تدريجيًا في تعامل الأهالي والمزارعين مع المستوطنين الذين يحظون بدعم واضح من جيش الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح خريوش أن هناك عدة أسباب تفسر هذا التحول في سلوك الأهالي، أبرزها أن المستوطنين لم يعودوا يكتفون باقتحام الأراضي أو الاعتداء على الممتلكات، بل باتوا يشنّون هجمات مسلحة تحرق المحاصيل وتستهدف المنازل والمدنيين بشكل مباشر.
وأشار إلى أن تقاعس السلطة وتواطؤ الاحتلال أدّيا إلى تآكل ثقة الشارع بجدوى الحلول الرسمية، ما دفع السكان إلى تبنّي خيار الدفاع الذاتي.
كما أشار إلى أن مشاهد الحرب في غزة والاعتداءات على المقدسات خلقت حالة من الغليان الشعبي، انعكست في استعداد أكبر للتصدي في الضفة الغربية.
وأكد أن تجارب بلدات مثل بيتا وكفر قدوم أثبتت أن الاحتجاجات الشعبية المنظمة قادرة على فرض كلفة ميدانية على المستوطنين والاحتلال، من خلال المواجهات المتواصلة.
ولفت خريوش إلى أن هذا التحول لا يخلو من التحديات، أبرزها غياب قيادة موحدة للمقاومة الشعبية، واستمرار قمع جيش الاحتلال للمتظاهرين بعنف مفرط، إلى جانب محاولات الاحتلال تصنيف أي مواجهة على أنها "إرهاب" لتبرير الرد الدموي.
وختم بالقول إن تصاعد تصدي أهالي الضفة للمستوطنين يمثل تطورًا مهمًا في الوعي الشعبي الفلسطيني، ويؤكد أن الميدان لا يزال حاضرًا وفاعلًا في معادلة الصراع، وأن استمرار العنف الاستيطاني قد يدفع نحو تبلور نمط مقاومة أوسع يعيد للضفة دورها الحيوي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.