حذّر مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة بقطاع غزة، زاهر الوحيدي، من تدهور غير مسبوق في أوضاع القطاع الصحي، في ظل استمرار العدوان والحصار الإسرائيلي، وما نتج عنه من عجز حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة الحيوية، الأمر الذي يهدد حياة آلاف المرضى، ولا سيما أصحاب الأمراض المزمنة والأطفال وكبار السن.
وقال الوحيدي في حديث خاص مع صحيفة "فلسطين"، إن القطاع الصحي يواجه أزمة خانقة في توفير الأدوية والمستهلكات الطبية، موضحًا أن نسبة العجز في الأدوية وصلت إلى نحو 52%، فيما بلغت نسبة العجز في المستهلكات الطبية 71%.
وأضاف أن أخطر أشكال هذا العجز يتركز في أدوية الرعاية الصحية الأولية والأدوية الخاصة بالمرضى المزمنين، حيث وصلت نسبة العجز فيها إلى 56%، ما يعني أن أكثر من نصف المرضى المزمنين في قطاع غزة لا يتلقون أدويتهم بشكل منتظم، وهو ما يعرّض حياتهم لمخاطر صحية جسيمة.
وأشار الوحيدي إلى أن استمرار الاحتلال في فرض قيود مشددة على إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة هو السبب الرئيس وراء تفاقم الأزمة، لافتًا إلى أن العجز لم ينحسر على مدار الفترة الماضية، بل ما زال يتفاقم.
وبيّن أن عدم توفر الأدوية ينعكس بشكل مباشر على صحة المرضى، حيث يؤدي انقطاع العلاج إلى تدهور حالتهم الصحية، كما يضع الكوادر الطبية أمام تحديات كبيرة في تقديم الرعاية المناسبة.
وأوضح أن نقص المستهلكات الطبية ومواد الفحص المخبري، بما في ذلك فحوصات المزارع، يعيق قدرة الأطباء على تشخيص الحالات المرضية بدقة، ويحدّ من إمكانية اختيار المضاد الحيوي الأنسب، ما ينعكس سلبًا على فرص تعافي المرضى، ويزيد من احتمالات المضاعفات الصحية.
ولم تقتصر الأزمة، بحسب الوحيدي، على الأدوية والمستلزمات فقط، بل امتدت لتشمل الأجهزة والمعدات الطبية، مؤكدًا أنه لم يدخل إلى قطاع غزة منذ بداية حرب الإبادة في أكتوبر 2023، أي أجهزة أو معدات طبية جديدة.
وأشار إلى وجود عجز شديد في أجهزة حيوية وأساسية، مثل أجهزة التصوير الطبقي، وأجهزة الرنين المغناطيسي (MRI)، وأجهزة الأشعة الملونة والعادية، إضافة إلى أجهزة تفتيت الحصى وأجهزة القسطرة القلبية، ما يحدّ من قدرة المستشفيات على تشخيص وعلاج الحالات الحرجة.
ومع اقتراب فصل الشتاء، حذّر الوحيدي من تفاقم الأزمة الصحية، خاصة مع انتشار أمراض الجهاز التنفسي التي تصيب الأطفال وكبار السن بشكل خاص.
وبيّن أن العجز الكبير في الأدوية يمنع توفير الرعاية الصحية اللازمة لهذه الفئات، لا سيما الأطفال المصابين بالربو وكبار السن الذين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة، ما ينذر بتداعيات خطيرة خلال الفترة المقبلة.
وفيما يتعلق بسفر المرضى للعلاج في الخارج، كشف الوحيدي أن أكثر من 19,500 مريض أنهوا إجراءات التحويل الطبية وينتظرون السفر، في وقت لم يشهد فيه القطاع سفر أي مرضى منذ فترة.
وأفاد بأن عدد المرضى الذين يسمح لهم بالسفر شهريًا لا يتجاوز 100 إلى 150 مريضًا، وبالآلية الحالية فإن الأمر سيستغرق ما بين 10 إلى 15 عامًا لإجلاء المرضى، وهو أمر غير واقعي.
وشدد على أن إغلاق معبر رفح يتسبب يوميًا في فقدان أرواح المرضى، مشيرًا إلى وفاة أكثر من 1,122 مريضًا نتيجة استمرار إغلاق المعابر.
وختم الوحيدي حديثه بمناشدة عاجلة للمنظمات الصحية والمؤسسات الدولية بضرورة التحرك الفوري لدعم القطاع الصحي في غزة، والضغط على الاحتلال للسماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، وفتح معبر رفح البري، وإجلاء المرضى قبل فوات الأوان.
ومنذ اندلاع حرب الإبادة، جعل جيش الاحتلال القطاع الصحي في قطاع غزة هدفاً مباشراً له، إذ تعمد استهداف المستشفيات، ما أدى إلى انهيار المنظومة الصحية وخروج أكثر من 70% من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، وفق ما تفيد وزارة الصحة في القطاع.
ووفق إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي، فإن الاحتلال استهدف 37 مستشفى و80 مركزاً صحياً أخرجهم الاحتلال عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية، ومن أبرز المستشفيات التي طاولها الدمار والخراب في شمال قطاع غزة مجمع الشفاء الطبي ومستشفيات كمال عدوان والاندونيسي والعودة، ومجمع ناصر الطبي في محافظة خان يونس جنوبي القطاع وغيرها من المراكز الصحية.

