قائمة الموقع

كفيف في عين العاصفة.. خيمة تغرق وعائلة تبحث عن سقف

2025-12-12T15:16:00+02:00
الكفيف فرج حرب يقف أمام خيمته التي أغرقتها أمطار المنخفض الجوي في غزة
فلسطين أون لاين

يتلمّس الكفيف فرج حرب طريقا موحلًا نحو خيمته، يتعثر بين الماء والحجارة، ليصل بعد مشقة إلى مأوى لا يصدّ مطرا ولا بردا؛ فغزارة الأمطار كانت أسرع منه، وصلت إلى الفراش وغمرت المكان قبل أن يجد فيه استقرارا أو حماية.

يقول حرب، بصوت متعب وهو يتوكأ على عصاه: “اللسان عاجز عن الكلام.. الواقع يتحدث عن نفسه”، فالمطر الذي داهم الخيمة —كما يضيف— “أرهقنا تماما، لم يبق فراش جاف ولا طريق يمكن السير فيها أو أي شيء”.

يشير بيده إلى المدخل الغارق، ويكرر لصحيفة "فلسطين": “الإنسان السليم بالكاد يدبّر نفسه، فكيف بالكفيف؟ لا أحد يشعر بنا ولا أحد يسأل أين نحن”.

وفي تلك الليلة، كما يروي، لم يجد الأطفال مكانا جافا ينامون عليه: “في منتصف الليل تبلّل الفراش.. والصغار أصبحوا يسعلون.. أمراض ومعاناة شديدة”.

ويتابع في وصف اليوميات التي أثقلها المنخفض: “أعيش بمشقة وتعب.. أحتاج من يأخذ بيدي في كل خطوة. في الأيام العادية كنا ندبر حالنا، أما الآن فابني يتعب معي. انظر إلى المياه كيف تجري؟ هو بالكاد يمشي، فكيف أنا؟ الشارع هذا مكسّر ومخرّب.. قد تتعثر فجأة ببركة ماء أو حجر.. أو تصطدم بسيارة”.

ولا يجد أمامه حلا سوى انتظار ما هو أفضل: “الحل عند الله. قد تكون الكرافانات أهون من الخيام، فكما ترى الخيمة لا تحتمل. هذه الخيمة يدخلها الماء.. نحن بحاجة لكل شيء من الألف إلى الياء. لا فراش صالح ولا خيمة تليق بالبشر".

ويطالب الوسطاء بأن "يجدوا لنا حلا، لا يمكن أن نبقى مشرّدين في الشتاء والبرد. عليهم الضغط على الاحتلال. الإعمار سيأخذ وقتا.. ونحن نريد أن نعيش إلى حينه.. نستمر في الحياة. الكرفان أهون؛ لا يدخل الماء إليه”.

إلى جواره، تقف زوجته سناء (أم خالد)، التي تقول لصحيفة "فلسطين" إن زوجها “لا يعرف ماذا يفعل، يمشي وسط الوحل ولا يستطيع تدبير نفسه، ومعدته تؤلمه من شدة البرد”.

وتضيف: “لا يوجد غطاء جاف يتغطى به، ولا مكان سوى النار، والحطب مرتفع الثمن، والكرتون يسبب دخانا”.


 

وتسرد رحلة نزوح طويلة ومتكررة: “نحن نازحون ربما 20 مرة.. كنا كلما استطعنا نعود إلى البيت في حي الشجاعية فنراه متضررا ونقيم فيه، ثم يجبرنا الاحتلال على النزوح مجددا. والآن قصف البيت وذهب كل شيء. كذلك بناتي انهار بيتهم بالكامل”.

أما تفاصيل الحياة في الخيمة فتقول عنها: “لا نعرف كيف نجلس.. لا على فرشة ولا على غطاء.. حتى كرسي لا يوجد. نزوح وشتاء وتعب وشقاء وأطفال. الأطفال أنفسهم مرهقون ولا ملابس كافية. المياه النظيفة معاناة، والشارع مليء بالماء والطين”.

وتضيف عن وضع الأطفال الصحي: “الأطفال يعانون من التقرحات، وتشقق اليدين والرجلين، وارتفاع الحرارة، والإنفلونزا والسعال. لا تستطيع جلب علاج؛ تذهب فلا تجده في المستشفى”.

وتتحدث عن المواد الأساسية المفقودة: “الحياة صعبة والمال قليل. الاحتلال يغلق المعابر، ولا يدخل المواد الغذائية أو الطبية أو مستلزمات الأطفال. هذه طفلة عمرها ثلاث سنوات، ومن المفترض أن تكون أكبر حجمًا”.

وتشير إلى أن الخيمة لم تعد صالحة بأي شكل: “الخيام مهترئة ومكسورة من الداخل.. نضع نايلون ومع ذلك لا ينفع.. ولا الشادر ينفع. نلفّ أنفسنا بالأغطية فتجد الماء يدخل. الحشرات والقوارض. الفرشات امتلأت بالماء.. وأين نجففها؟ نجلس عليها مبللة.. ثلاثة أيام من المطر ونحن فوق فراش مبلول. لا شيء يستر”.

وتتابع: “ما نطالب به هو سقف نعيش تحته.. نريد الكرفان فهو سيحمينا من الرمل والاتساخ.. نريد فقط أن نستر حالنا”.

أما ابنها عبد الكريم حرب، فيلخص لصحيفة "فلسطين" ما يجري في جملة واحدة: “الماء يدخل علينا ويُتلف الخيام.. الفراش غرق. الماء يأتي من كل مكان. نحن هنا 12 فردًا، ووالدي الكفيف يتأثر كثيرًا”.

ويواجه أكثر من مليون ونصف المليون من النازحين الذين يقيمون في خيام مهترئة في غزة مأساة متفاقمة دون حلول أو بدائل حقيقية.

ويمنع الاحتلال إدخال المواد الإغاثية ومواد الإيواء، بما في ذلك منع إدخال 300,000 خيمة وبيت متنقل، إضافة إلى غياب الملاجئ البديلة، ما يكرّس حرمان مئات الآلاف من حقهم في السكن الآمن وفق القانون الدولي الإنساني، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي، الثلاثاء.

ودخل المنخفض الجوي قطاع غزة الأربعاء ويستمر حتى مساء اليوم الجمعة، بما يحمله من مخاطر تتمثل في غرق الخيام، واجتياح مياه الأمطار مناطق النزوح العشوائي.

وفي خيمتهم، يواصل فرج حرب وعائلته معاناتهم في ظل المنخفض، بانتظار مأوى يحميهم من شتاءٍ يزداد قسوة كل يوم.

 

 

اخبار ذات صلة