قائمة الموقع

17 مستوطنة جديدة.. إعادة رسم جغرافيا الضفة وتهديد وجودي للفلسطينيين

2025-12-10T07:46:00+02:00
الاحتلال خصّص 2.7 مليار شيكل لإقامة 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية
فلسطين أون لاين

تتجه حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" نحو واحدة من أكبر موجات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة خلال العقد الأخير، بعد الإعلان عن تخصيص 2.7 مليار شيكل لإقامة 17 مستوطنة جديدة، إلى جانب توسعة عشرات المستوطنات القائمة وتحويل 36 بؤرة استيطانية إلى مستوطنات رسمية.

هذه الخطوة ليست مجرد توسع اعتيادي في مشروع استيطاني مستمر منذ عقود، بل محاولة لإعادة هندسة الجغرافيا السياسية للضفة الغربية، وتقويض أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً.

وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، إن وزير المالية في حكومة الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش خصص نحو 2.7 مليار شيكل (840 مليون دولار) لتعزيز البنية التحتية وإنشاء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة.

وبحسب الصحيفة خصص سموتريتش مبلغ 1.1 مليار شيقل من هذه الميزانية لتعزيز الاستيطان، منها 660 مليون شيقل ستُخصَّص لإقامة 17 مستوطنة جديدة وافقت عليها الحكومة في الفترة الأخيرة، فيما سيُخصَّص 338 مليون شيقل لـ36 مستوطنة وبؤرة استيطانية قيد التنظيم. ويشمل ذلك إنشاء البنية التحتية الأساسية، مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء، والمباني العامة مثل النوادي والمدارس والمعابد.

تغيير جغرافي

وأفاد سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، أن المبلغ الذي خصصته حكومة الاحتلال مؤخراً لدعم المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية يتضمن جزءاً لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع القائمة منها، إضافة إلى تحويل عشرات البؤر الاستيطانية إلى مستوطنات معترف بها رسمياً.

وأوضح خليلية لـ "فلسطين أون لاين"، أن الخطة تشمل إعداد مخططات هيكلية لـنحو 36 بؤرة استيطانية موزعة في مناطق عدة من الضفة، إلى جانب نقل ثلاث قواعد عسكرية إلى شمال الضفة، من بينها قاعدة تقع في موقع سامور، إحدى المستوطنات التي أُخليت خلال انسحاب 2005، في خطوة يرى فيها مراقبون عودة فعلية لإحياء مناطق استيطانية جرى إخلاؤها سابقاً.

وأكد خليلية أن المواقع التي تستهدفها الخطة تقع ضمن مناطق استيطانية قائمة أساساً، أبرزها الأغوار وجنوب الخليل ومحيط القدس، مشيراً إلى أن ضخ هذه الميزانيات سيتبعه تغيير جغرافي كبير يتمثل في شق طرق التفافية جديدة، وتطوير بنية تحتية تخدم المستوطنين وتوسع نطاق وجودهم الديمغرافي.

وقال: "إن تعزيز الاستيطان في الأغوار سيؤدي إلى فصل المنطقة بالكامل عن باقي مدن الضفة الغربية، كما سيعزز عمليات فصل شمال الضفة عن وسطها، الأمر الذي يعمق عملية تقطيع الضفة وتحويلها إلى جيوب منفصلة".

وأشار إلى أن بعض المناطق التي كان يجري النقاش حول إمكانية إخلائها سابقاً، يجري اليوم تثبيت الوجود الاستيطاني فيها بغطاء مالي كبير يعيد الحياة لمخططات استيطانية مجمدة.

وحذر خليلية من أن أخطر ما يرافق هذه المشاريع هو الاستيلاء على الأراضي الزراعية ومنع الفلسطينيين من الوصول إليها، إلى جانب التغيير المتوقع في شبكة الطرق، ما سيؤثر بشكل مباشر على حركة الفلسطينيين وتنقلهم بين المدن.

وبحسب خليلية، يسيطر المستوطنون حالياً على ما بين 14 و18% من مساحة الضفة الغربية بين مستوطنات وبؤر ومناطق صناعية، إلا أن الخطة الحالية تُنذر بتوسع أكبر، إذ قد تصل سيطرة مجلس المستوطنات إلى 40% من مساحة الضفة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي يوقف هذا التمدد.

من جهته، حذر المختص في شؤون الاستيطان عثمان أبو صبحة من أن الضفة الغربية تشهد مرحلة استيطانية غير مسبوقة، وصفها بأنها "نكبة جديدة" تتجدد يومياً بفعل سياسات حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، المدعومة – وفق قوله – من قوى غربية توفر غطاءً سياسياً ومالياً للتوسع الاستيطاني.

وأوضح أبو صبحة لـ "فلسطين أون لاين"، أن حكومة الاحتلال الحالية تستخدم مشروع الاستيطان كأداة رئيسية لـ الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، مستفيدة من حالة الدعم الدولي غير المشروط، الأمر الذي جعل المستوطنين في موقع قوة مقابل واقع فلسطيني يزداد صعوبة يوماً بعد يوم.

وقال إن الوضع في الضفة الغربية بات "غير قابل للحياة"، مشيراً إلى أن أكثر من ألف حاجز عسكري إضافة إلى عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية تجعل حركة الفلسطينيين مشلولة وتفاقم معاناتهم اليومية، خصوصاً في ظل تصاعد ما يسمى بـ الاستيطان الرعوي الذي يستهدف الأراضي الزراعية والسهول المفتوحة بشكل مباشر.

ووصف أبو صبحة المشهد الجغرافي في الضفة بأنه بات يشبه "جلد النمر"؛ مناطق فلسطينية متقطعة ومحاصرة بين كتل استيطانية آخذة في التوسع، بما يفصل المدن والقرى عن بعضها ويمنع أي تواصل جغرافي طبيعي.

وأشار إلى أن المخاطر لا تتعلق فقط بفقدان الأراضي الزراعية والثروات الطبيعية، بل تمتد إلى تهديد مباشر لبقاء الفلسطينيين عبر تضييق مساحات الحياة عليهم وتحويل تنقلهم واقتصادهم ونسيجهم الاجتماعي إلى حالة من الشلل الكامل. وختم بالتأكيد على أن الفلسطيني اليوم "يعاني الأمرّين، بينما تتواصل الخطط لفرض واقع استيطاني يهدف إلى خنق أي إمكانية لوجود فلسطيني مستقر في الضفة الغربية".

وحول الموقف الدولي إزاء استمرار الاستيطان في الضفة، أجمع الخبيران أن الرهان على المجتمع الدولي ودول الغرب أصبح "وهماً، إذ أنهما لم يتخذا أي خطوات فعلية ضد التوسع الاستيطاني في السابق ولا في المرحلة الراهنة، مشددينً على أن "الأحداث التي تلت 7 أكتوبر 2023، أظهرت انحيازاً واضحاً للاحتلال، وهو ما شجعه على المضي في مشاريعه التوسعية".

اخبار ذات صلة