فلسطين أون لاين

منازل مدمّرة وأحلام مُعلّقة

تقرير خروقات الاحتلال تعرقل عودة سكان حي الزيتون إلى بيوتهم

...
الاحتلال قتل 367 فلسطينيا منذ بدء وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر 2025
غزة/ صفاء عاشور:

على الرغم من إعلان دخول اتفاق وقف إطلاق النار مرحلته الجديدة، ما زالت خروقات قوات الاحتلال الإسرائيلي تحول دون عودة آلاف النازحين إلى منازلهم، ولا سيما سكان حي الزيتون بمدينة غزة، إذ تقع أجزاء واسعة من الحي داخل ما يُعرف بـ"المنطقة الخضراء"، التي يفرض عليها الاحتلال رقابة مشددة ويمنع الوصول إليها.

الآلاف ممن نزحوا من بيوتهم قبل نحو عامين حملوا آمالهم بالعودة فور سماعهم خبر وقف إطلاق النار، إلا أن الواقع على الأرض كان صادمًا؛ إذ تفاجأ السكان باستمرار إطلاق النار تجاه أي تحرّك مدني في المنطقة، ومنعهم من دخول شوارعهم أو حتى الاقتراب منها لالتقاط ما تبقّى من متعلقاتهم.

منطقة مغلقة

في شرق حي الزيتون، يسيطر الاحتلال على عدد من المواقع العسكرية، ويواصل إطلاق النار المباشر على السكان بمجرد اقترابهم من المنطقة الخضراء، على الرغم من أنها تضم منازلهم وممتلكاتهم.

ويقول سكان الحي إن الاحتلال يتعمد خرق وقف إطلاق النار يوميًا عبر إطلاق النار، ونشر طائرات استطلاع على ارتفاع منخفض، ومنع الأهالي من الدخول لترميم منازلهم أو جمع الوثائق والأثاث المتبقّي.

تجلس عارفة ياسين، وهي نازحة منذ بداية الحرب، تنقّلت أكثر من مرة بين غزة ومخيمات الجنوب، وها هي اليوم تقيم داخل خيمة صغيرة في أحد مخيمات تل الهوى، غير قادرة على العودة إلى منزلها.

تقول لصحيفة "فلسطين"، وهي تنظر إلى صور منزلها الذي تحوّل إلى أطلال: "بيتي لا يبعد سوى بضع دقائق، لكنني لا أستطيع العودة، ولا حتى الوصول إليه، فكلما حاولنا ذلك نتعرّض لإطلاق نار من جنود الاحتلال".

وتؤكد عارفة، وهي أم لستة أبناء، أن حياتها في الخيمة مأساة لها ولعائلتها، خاصة في فصل الشتاء، وانعدام وسائل التدفئة، وقلة المساعدات التي تصل إلى المخيم.

من جهته، يصف أبو محمد دلول حجم خسارته قائلاً: "عندما توقف القصف قلنا إننا سنعود أخيرًا، لكن الاحتلال يمنعنا. حاولت الوصول إلى بيتي أكثر من مرة، لكن الجنود أطلقوا النار باتجاهنا".

ويشير في حديثه إلى أنه حاول مرارًا الذهاب إلى منزله منذ عودته من رحلة النزوح، لكنه في كل مرة كان يتعرض لإطلاق نار، لافتًا إلى أن ذلك يزيد من معاناتهم، خاصة مع دخول فصل الشتاء وعدم قدرتهم على إخراج الملابس الشتوية والحرامات والأغطية.

أما أبو عبد الرحمن عاشور فيؤكد أن أجزاء واسعة من منازل عائلته تقع داخل المنطقة الخضراء، ويضيف: "منطقتنا أصبحت خط تماس فعلي، كل يوم نرى السكان يحاولون الاقتراب، وكل يوم نسمع الرصاص".

ويتابع: "الناس ملّوا من الانتظار، ويريدون العودة إلى بيوتهم، لذلك يحاولون الاقتراب منها وإصلاح ما يمكن إصلاحه، لكن الاحتلال يمنعهم من ذلك، رغم أنه وفق اتفاق وقف إطلاق النار يحق لهم الوصول إلى منازلهم".

قلق وتحذيرات

أعربت الأمم المتحدة عن "قلق بالغ" إزاء استمرار الخروقات، مؤكدة أن "منع المدنيين من العودة إلى منازلهم بعد وقف إطلاق النار يُعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني".

وقالت مفوضية حقوق الإنسان إن "إطلاق النار على المدنيين أو تهديدهم بالقوة لمنعهم من دخول مناطقهم السكنية يشكل خرقًا واضحًا للاتفاق"، مطالبة بالسماح الفوري للناس بالعودة الآمنة.

وحذّرت وكالة "الأونروا" من أن استمرار منع العودة "يُبقي آلاف العائلات في حالة نزوح قسري"، مشيرة إلى أن ظروف النزوح الحالية "لا تصلح للحياة".

لا يزال سكان حي الزيتون يواجهون واقعًا قاسيًا رغم الهدنة: بيوت ممنوع العودة إليها، وممتلكات محظور إخراجها، ومناطق تُدار وكأن الحرب لم تتوقف بعد. وبينما ينتظر الناس نهاية معاناتهم بعد عامين من النزوح، تواصل خروقات الاحتلال تحويل حلم العودة إلى معركة يومية.

المصدر / فلسطين أون لاين