قائمة الموقع

الأسرى الفلسطينيون يواجهون الأسوأ في وجود حكومة إسرائيلية فاشية

2025-12-06T20:08:00+02:00
إدارة سجون الاحتلال تنتهج بحق الأسرى سياسات تقوم على الاكتظاظ الشديد
فلسطين أون لاين

تصدّرت معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال واجهة الأحداث من جديد، عقب الإعلان عن استشهاد ثلاثة أسرى من قطاع غزة، كُشف عن مصيرهم أخيرًا عقب حصول مكتب إعلام الأسرى على رد رسمي من جيش الاحتلال.

وأكد المكتب أن الأسرى يواجهون سياسة ممنهجة من التنكيل والإذلال والحرمان، في ظروف احتجاز قاسية تمسّ الكرامة الإنسانية، ما يرفع حصيلة الشهداء داخل السجون منذ اندلاع حرب الإبادة إلى أكثر من مئة شهيد، تم التعرّف إلى هويات 84 منهم، بينهم 50 معتقلًا من غزة وحدها، في حين ارتفع إجمالي شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 321 شهيدًا وثّقت المؤسسات الفلسطينية أسماءهم. وأعاد هذا الإعلان الدامي تسليط الضوء بقوة على واقع الأسرى وما يتعرضون له من انتهاكات متصاعدة لم تعد خافية على أحد.

وجاءت هذه التطورات في وقت نشر فيه مكتب "النائب العام الإسرائيلي" تقريرًا وُصف بالأخطر منذ سنوات، كشف عن تدهور غير مسبوق في الأوضاع داخل السجون منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأوضح التقرير أن إدارة السجون تنتهج بحق الأسرى سياسات تقوم على الاكتظاظ الشديد، والتجويع المتعمّد، والضرب شبه اليومي، إضافة إلى الإهمال الطبي والانعدام شبه التام لمقومات الحياة الأساسية.

ووثّق شكاوى متكررة تشير إلى "جوع حاد" و"تراجع كبير في الوزن"، فضلًا عن تقييد وصول الأسرى إلى مياه الشرب في بعض الأقسام، رغم قرار قضائي صدر في أيلول/سبتمبر الماضي يُلزم إدارة السجون بتوفير غذاء كافٍ للحفاظ على صحة المعتقلين، والذي جرى تجاهله بالكامل.

وبحسب التقرير، فإن 90% من الأسرى يُحتجزون في مساحات تقل عن ثلاثة أمتار مربعة للأسير الواحد، بينما اضطُر آلاف منهم للنوم على الأرض دون أسرّة بسبب الارتفاع الحاد في أعداد المعتقلين خلال العام الأخير.

كما أشار إلى أن إدارة السجون تمنع الأسرى من الاحتفاظ بأي مقتنيات شخصية باستثناء نسخة من القرآن الكريم، وتزوّدهم بكميات محدودة للغاية من مواد النظافة الأساسية.

وبيّن أن هذا الإهمال البنيوي أسهم في تفشّي الأمراض الجلدية، وعلى رأسها مرض "الجرَب" الذي انتشر في عدد من المعتقلات وبلغ مستوى وُصف بـ"الوبائي"، ما أدى إلى إصابة أعداد كبيرة من الأسرى، في مخالفة صارخة لكل المعايير الإنسانية.

هذا الواقع المظلم وثّقه أيضًا الباحث في شؤون الأسرى فؤاد الخفش، الذي أكد أن الانتهاكات داخل السجون تجاوزت حدود الوحشية، وباتت ترتقي إلى جرائم تعذيب ممنهجة محظورة دوليًا.

وقال الخفش لصحيفة "فلسطين" إن الأسرى يتعرضون لاعتداءات جسدية ونفسية قاسية، تشمل التعذيب، والصعق بالكهرباء، والتحرّش والاعتداءات الجنسية، إضافة إلى استخدام الكلاب للهجوم على الأسرى، ومنع الزيارات عنهم، سواء من الأهالي أو المحامين.

ووصف ما يجري بأنه "وصمة عار على جبين الإنسانية"، ومخالفة صريحة لاتفاقيات جنيف واتفاقية مناهضة التعذيب، وسائر القوانين الدولية الضامنة لحقوق الإنسان وكرامته.

وأوضح الخفش أن ما يحدث في السجون يمثّل اعتداءً خطيرًا على الكرامة الإنسانية، وأن استمرار هذه الممارسات في ظل صمت المجتمع الدولي يكشف حجم التقصير في حماية الأسرى، مشيرًا إلى أن تجاهل هذه الانتهاكات يمنح الاحتلال ضوءًا أخضر لمواصلتها.

ودعا إلى فتح تحقيقات دولية مستقلة، وإلزام الاحتلال باحترام القانون الدولي الإنساني، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم.

كما شدد على أن المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مطالبة بتحمّل مسؤولياتها كاملة، والعمل بشكل فوري وفعّال، لأن دورها ليس المراقبة الصامتة، بل التحرك القانوني والإنساني لحماية المعتقلين من الانتهاكات المتواصلة.

وفي السياق ذاته، أكد مدير مركز "أسرى فلسطين" للدراسات، رياض الأشقر، أن ما يتعرّض له الأسرى في الآونة الأخيرة "غير مسبوق"، ويتجاوز مجرد السياسات العقابية إلى مستوى "العقاب الجماعي" الواضح.

وأوضح أن الاحتلال استغل أجواء الحرب والتحريض الواسع للتشديد على الأسرى، عبر حرمانهم من الزيارة، ومنع إدخال الملابس والأغطية، وتقليص وجبات الطعام، بل وقطع الكهرباء والمياه في بعض الأقسام، وصولًا إلى فرض العزل الانفرادي على أعداد كبيرة منهم.

وقال إن الشهادات التي تصل من داخل السجون صادمة وتعكس نية واضحة لإذلال الأسرى وكسر إرادتهم.

وأشار الأشقر إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال تجاوز 9250 أسيرًا حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بينهم 3368 معتقلًا إداريًا بلا تهمة أو محاكمة، و1242 محكومًا، إضافة إلى 49 أسيرة و350 طفلًا، بينهم أسيرة واحدة من غزة.

وبيّن أن هذه الأعداد الضخمة، بالتزامن مع إجراءات التضييق، جعلت ظروف الاحتجاز "غير إنسانية"، ورفعت مستوى الخطر على صحة الأسرى، خاصة المرضى وكبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة، في ظل سياسة الإهمال الطبي التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

ومع تراكم هذه الشهادات والتقارير، تتصاعد الأصوات المطالبة بوقف الانتهاكات فورًا، وإلزام الاحتلال باحترام حقوق الأسرى وفق القوانين الدولية.

غير أنه، ورغم فداحة الوضع، تبقى استجابة المجتمع الدولي خجولة وغير متناسبة مع حجم الجرائم المرتكبة، فيما تتواصل معاناة الأسرى الذين يواجهون أقسى ظروف اعتقال منذ عقود، في ظل غياب الحماية والمحاسبة، وصمت دولي يفاقم مأساتهم يومًا بعد يوم.

اخبار ذات صلة