قائمة الموقع

مقتل أبو شباب.. سقوط رهانٍ إسرائيليٍّ مهترئٍ وانكشاف مشروع الوكلاء في غزة

2025-12-06T18:11:00+02:00
ياسر أبو شباب ارتبط اسمه بسجلٍّ جنائيٍّ قبل الحرب، وعميلا للاحتلال خلالها
فلسطين أون لاين

في لحظةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ شديدةِ الحساسية، جاء مقتلُ المتخابرِ المتعاونِ مع الاحتلال الإسرائيلي ياسر أبو شباب شرق رفح ليقلب حساباتِ الاحتلال ويُعرّي أحد أكثر مشاريعه هشاشةً في غزة. لم يكن أبو شباب شخصيةً ذاتَ وزنٍ اجتماعي أو سياسي، بل كان أداةً أمنيةً متآكلة حاولت (إسرائيل) تضخيمها لتصنع منها نموذجًا محليًا يشبه "المليشيا الوكيلة".

ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار والدخول في منعطفٍ تفاوضيٍّ جديد، سقط رأسُ الخيانةِ في رفح، فانهارت معه أحدُ آخرِ رهاناتِ الاحتلال على هندسةِ واقعٍ جديدٍ داخل القطاع.

وُلِد أبو شباب في رفح عام 1990 وارتبط اسمه بسجلٍّ جنائيٍّ قبل الحرب. وبعد قصف (إسرائيل) لمقرات الأجهزة الأمنية، استغلّ الاحتلالُ الفوضى ليُعيد تدويره كـ"عميلٍ ميداني" يعمل ضمن مجموعةٍ مرتبطةٍ مباشرةً بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية.

في 30 مايو 2025، وبعد عملية كتائب القسام شرق رفح ضد قوةٍ من المستعربين، تبيّن أن الجاسوس أبو شباب كان يشرف على مجموعةٍ مُجنَّدةٍ لصالح الاحتلال، ما جعله أحد أكثر رؤوسِ العمالةِ وضوحًا. ومنذ ذلك اليوم، تصاعد دوره في مشروعٍ إسرائيليٍّ هدفه استخدام مرتزقةٍ محليين كبديلٍ أمني في غزة، في ظل فشل الاحتلال في بناء شرعيةٍ من أي نوع.

ولذلك، لم يكن اغتياله حدثًا أمنيًا فقط، بل نَسفًا كاملًا لواحدٍ من أعمدة مشروع الاحتلال كما يراه الاعلام العبري.

انهيار للمشروع الإسرائيلي

يقول المحلل السياسي طلال عوكل لصحيفة "فلسطين": "إن مقتل أبو شباب يمثل انهيارًا لمشروعٍ إسرائيليٍّ بُني على وهم".

ويضيف: "إسرائيل كانت تريد تحويل أشخاصٍ هامشيين مثل أبو شباب إلى أدواتٍ للتحكم في الشارع الغزّي. لكنها تجاهلت حقيقة أن المجتمع الفلسطيني يلفظ هذا النوع من الوكلاء مهما كانت الحماية التي يحصلون عليها. مقتل أبو شباب يثبت أن هذا النموذج لا يعيش، لا أمنيًا ولا اجتماعيًا".

ويشير عوكل إلى أن ما جرى يحمل رسائل أكبر من حجم الشخص نفسه "أبو شباب لم يكن قائدًا ولا حالةً جماهيرية. كان مجرد عميلٍ صغيرٍ جرى تضخيمه لخدمة هدفٍ سياسي. سقوطه بهذه السهولة يكشف حجم الوهم الذي بنت عليه إسرائيل مشروع الميليشيات".

ويشدد عوكل على أن الاغتيال يُعيد ترتيب موازين القوة داخل غزة، وقال: "توقيت التخلص من أبو شباب لم يكن صدفة. هذا الحدث يعزّز موقف المقاومة في لحظةٍ تفاوضيةٍ حرجة ويؤكد أن كل الأدوات البديلة التي تحاول إسرائيل صناعتها عاجزةٌ عن الصمود. المقاومة أرسلت رسالة واضحة: من يختار طريق العمالة ستكون نهايته محسومة".

فضيحة إسرائيلية

من ناحيته، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية وديع أبو نصار أن مقتل أبو شباب فضح عمق أزمة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ويقول أبو نصار لـ"فلسطين": "إسرائيل حاولت تجميل أبو شباب وتحويله إلى نموذجٍ أمني يمكن البناء عليه. لكنها كانت تعلم داخليًا أنه مجرد عميلٍ وظيفته محدودة ولا يملك قاعدةً اجتماعية. سقوطه يكشف مدى هشاشة فكرة الوكيل المحلي التي تحاول إسرائيل فرضها في غزة".

ويشرح الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية انشقت حول هذا النموذج منذ البداية "هناك تيارٌ أمني ضغط بشدة لاعتماد مجموعات مثل مجموعة أبو شباب كي تكون أداةَ ضغطٍ داخل غزة. لكن اغتياله يكشف أن إسرائيل غير قادرة على حماية حتى عملائها، فما بالك ببناء منظومة وكلاء كاملة".

ويربط أبو نصار الحدث بمشروع "اليوم التالي" الذي تسعى (إسرائيل) وواشنطن لفرضه: "فشل نموذج أبو شباب يعني أن البدائل أمام إسرائيل تضيق أكثر. المجتمع الغزّي لا يقبل الوكلاء، والمقاومة ما زالت تمتلك قدرةً حقيقيةً على الحسم. لذلك، ما حدث يعقّد بشكلٍ كبير حسابات المرحلة الثانية من الاتفاق، خصوصًا الملفات الأمنية مثل نزع السلاح وترتيبات الحكم".

ويختم: "بمقتل أبو شباب، فقدت (إسرائيل) ورقةً ظنت أنها ستساعدها في المفاوضات المقبلة. الآن تواجه حقيقة واضحة: لا وجود لجهةٍ فلسطينيةٍ عميلة يمكن البناء عليها. وكل محاولاتها ستتكرر نهايتها كما انتهى أبو شباب".

اخبار ذات صلة