رغم قسوة الظروف في مخيمات النزوح بمنطقة مواصي خان يونس، والانشغال اليومي بتوفير متطلبات الحياة، يحرص العشرات من المواطنين على ممارسة الرياضة بأبسط الإمكانات في بعض المساحات الضيفة وسط الخيام.
ويتجمع بعض الشبان والأطفال يومياً في إحدى الساحات الضيقة لممارسة كرة السلة، بعدما تمكنوا من نصب حلقة عثروا عليها بين الركام وبعض الكرات شبه البالية، في سبيل التسلية وممارسة رياضتهم المفضلة.
ملعب وسط الخيام
يقول جهاد الشرافي (53 عاماً) وهو أحد اللاعبين السابقين، إنه حرص مع بعض الشبان على إزالة الركام وتسوية قطعة أرض صغيرة ونصب حلقة واحدة، وهو ما شجع العديد من المواطنين على التجمع باستمرار لممارسة تلك الرياضة.
ويشير الشرافي في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" إلى أن تواضع الإمكانات لم يحل دون سعيهم لتوفير تلك المساحة لانتزاع لحظات نادرة من السعادة وسط هموم الحياة اليومية ومعاناة العيش وسط الخيام بعدما فقدوا منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي.
ويضيف: "من المعروف أن كرة السلة لا يمكن ممارستها إلا على أرضية صلبة من الخرسانة أو الإسفلت، لكن تعذّر علينا توفير ذلك، واضطررنا لممارسة تلك الرياضة فوق الرمال".
أما الطفل محمد العيادي (14 عاماً) فيقول إنه يجد في ممارسة كرة السلة بشكل شبه يومي فرصة لتحسين حالته النفسية بعدما حُرم من حقه الطبيعي في اللعب وممارسة النشاط الرياضي في الملاعب.
ويضيف لـ"فلسطين أون لاين": "ساحة اللعب تقع على مقربة من خيمة عائلتي في مواصي خان يونس، وهو ما شجعني على التواجد واللعب مع أقراني وحتى مع من يكبرونني سناً، وأحرص على عدم تفويت الفرصة.
قبل العدوان على غزة، كان الطفل العيادي يخطط للالتحاق بأحد الأندية الرياضية في محافظة رفح، والتخصص في كرة السلة التي يعشقها منذ بدايات طفولته، لكن تدمير الملاعب والصالات أجهض حلمه مبكراً.
ويؤكد أنه كان يمارس كرة السلة في مدرسته بمدينة رفح قبل الحرب مع أصدقائه وزملائه، ومع بداية العدوان دمّر جيش الاحتلال تلك المدرسة وقتل العديد من أصدقائه، ورغم ذلك لم ينس شغفه القديم ويحرص على اللعب حالياً بين خيام النزوح.
تدمير المنشآت الرياضية
ودمّر جيش الاحتلال خلال العدوان الغالبية العظمى من الملاعب والصالات والمنشآت الرياضية، وقتل مئات اللاعبين والعاملين في المجال الرياضي، بينهم لاعبون ومدربون وإداريون وحكام وأعضاء مجالس إدارات الأندية في مختلف الألعاب.
ووفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإن 292 منشأة رياضية، من ملاعب وصالات تدريب ومراكز شبابية، تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي بفعل القصف الإسرائيلي المباشر والمتعمد.
وبيّن أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم كان قد وثّق في بيانات سابقة تدمير 184 منشأة رياضية بشكل كامل ضمن سلسلة الاعتداءات التي استهدفت البنية التحتية الرياضية في القطاع.
شهداء الرياضة
ومن بين عشرات الشهداء الذين قتلهم جيش الاحتلال خلال عدوانه على غزة، ارتقى العديد من نجوم كرة السلة، وأبرزهم لاعب نادي خدمات البريج والمنتخب الوطني محمد الشعلان.
وارتقى الشعلان في شهر أغسطس الماضي بعد استهدافه برصاص جيش الاحتلال أثناء محاولته الحصول على المساعدات الإنسانية في خان يونس لإطعام أطفاله، إذ تواجد في طابور للمواطنين أمام ما كان يسمى مركز المساعدات الإنسانية قرب محور "موراج" جنوبي قطاع غزة عندما تم استهدافه.