قائمة الموقع

حسن.. طفل أطفأ القصف نورَ عينيه وسرق منه روضته

2025-12-04T20:26:00+02:00
صورة من الأرشيف
فلسطين أون لاين

يمرّ يومٌ دون أن يبكي الطفل حسن، الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره، والدته، ويطرح السؤال ذاته: "عيني ما بشوف فيها… ليش أنا بشوف بعين وحدة وأختي بتشوف بالتنتين؟ إمتى بدي أسافر وأشوف بعيني؟"

حسن حسين عبد الهادي، من سكان مخيم البريج وسط قطاع غزة، طفل لم تمهله الحرب طويلًا ليتعرّف إلى حواسه الخمس، حتى سلبته طائرات الاحتلال الإسرائيلي إحدى تلك الحواس، ليلازم والدته يوميًا باحثًا عن إجابة لأسئلة تعجز طفولته عن فهمها.

فمنذ اندلاع الحرب، كان والداه حريصين عليه، يمنعانه من الخروج خوفًا من القصف والاشتباكات، إلا أن الطفل لم يستطع مقاومة فضوله وحنينه للهو واللعب.

تقول والدته أسماء عبد الهادي لصحيفة "فلسطين": "لم أكن راضية عن خروجه في ذلك اليوم، وكأن قلبي كان يشعر أن شيئًا ما سيحدث".

شظية في عين الطفولة

في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبعد نصف ساعة فقط من ابتعاد حسن عن منزل أسرته، دوّى صوت قصف قريب. وبدافع الخوف والارتباك، هرع الطفل نحو مصدر الصوت بدلًا من العودة للبيت، فكانت النتيجة فاجعة: شظية اخترقت عينه اليسرى ومزّقت عدسة العين والقرنية.

وتضيف عبد الهادي: "لم يظهر شيء واضح على حسن في البداية، لكن عندما نقله والده إلى مستشفى العودة، أخبرنا الأطباء أن الشظية صغيرة ولا تُحدث ضررًا كبيرًا".

غير أن الألم الحقيقي بدأ بعد ثلاثة أيام، حين لاحظت والدته أن طفلها لم يعد يبادلها النظر. وبعد فحوصات خاصة، تبيّن أن الشظية أحدثت تجمّعًا للمياه البيضاء داخل العين، ما أثّر بشدة على بصره، وبات بحاجة إلى عملية عاجلة.

محاولات إنقاذ لا تكتمل

جرى تحويل حسن إلى المستشفى الأوروبي، حيث أشرف فريق طبي مصري على حالته، وأكّد حاجته الماسّة لعملية عاجلة لإنقاذ ما تبقّى من بصره، وإلا فسيخسر العين بالكامل.

ورغم إجراء العملية، لا يزال حسن ينتظر معجزة. فهو اليوم بحاجة إلى زراعة قرنية وعدسة، إضافة إلى علاج للعين اليمنى التي تضررت وتعرضت لانحراف وقصر نظر.

يزداد وجعه مع عدم قدرته على ارتداء نظارة طبية قبل تركيب القرنية والعدسة. وتترقب عائلته فتح تحويلة طبية تُمكّنه من السفر لتلقّي العلاج في الخارج، وفتح المعبر، لعل حسن يعود إلى حياته الطبيعية، إلى طفولته، إلى اللعب والضحك.

تقول الأم بحرقة: "قلبي لا يحتمل أن أرى طفلي يفقد بصره في عمر الزهور. دموعي لا تتوقف حين أسمع كلمات الألم من فمه الصغير".

وتضيف: "أريد لعينيه أن تلمعا بالفرح، لا بالدموع. أريده أن يعود الطفل الذي كنت أعرفه، لا هذا الصغير الذي يصارع ليُبصر النور".

روضة مسروقة

لم يكن فقدان البصر الجرح الوحيد في حياة حسن، بل حُرم أيضًا من الذهاب إلى الروضة كأقرانه.

تقول والدته: "كان يتحمس كل صباح لحقيبته الصغيرة، ينتظر اليوم الذي سيدخل فيه الروضة ليتعلم ويرسم ويلعب، لكنه اليوم يجلس في البيت يبكي بصمت، ويسألني: متى أروح على الروضة زي أصحابي؟"

ففي الوقت الذي كان ينبغي أن يخطو أولى خطواته نحو التعلّم والاندماج الاجتماعي، صار يقضي أيامه بين مواعيد الفحص والانتظار الطويل على أبواب المستشفيات، عاجزًا عن المشاركة في أي نشاط. فضعف الرؤية في عينه اليمنى، والفقدان الكلّي في الأخرى، جعلاه غير قادر على اللعب أو الكتابة أو حتى الركض خلف أقرانه.

"حسن فقد شغفه.. صارت ضحكته باهتة، يخاف من الضوء القوي، ويتألم من الحركة المفاجئة، وكلما سمع صوت طائرة يرتجف ويتشبث بي"، تروي والدته.

وفي ختام حديثها، تناشد الأم العالم أن ينقذوا طفلها، أن يعيدوا له طفولته، وأن ينظروا إليه كابن لهم؛ طفل لا يستحق هذا الوجع، ولا أن يُحرم من حقه في البصر، والتعليم، واللعب.

اخبار ذات صلة