تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة العمل المقاوم، مع ازدياد العمليات الفردية والمنظَّمة ضد قوات الاحتلال "الإسرائيلي" والمستوطنين، في ظل استمرار جرائم القتل والاستيطان والاقتحامات اليومية للمدن والبلدات الفلسطينية، ولا سيما في شمال الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ومنذ بداية عام 2023، ومع تصاعد العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة والضفة الغربية، ارتفعت وتيرة الانتهاكات التي تنفّذها قوات الاحتلال والمستوطنون، بما يشمل الإعدامات الميدانية، وهدم المنازل، وعمليات الاعتقال الجماعي، إضافة إلى إحراق الممتلكات والمزارع، وفرض الحصار على العديد من القرى، مثل حوارة وبرقة وقريوت.
في المقابل، شهدت مناطق عدة في الضفة الغربية تنفيذ عمليات إطلاق نار، وزرع عبوات ناسفة، واندلاع اشتباكات مسلحة، خصوصًا في جنين ونابلس وطولكرم، ما يعكس تحولًا في طبيعة الرد الفلسطيني من الاحتجاجات السلمية إلى المقاومة الفاعلة.
وكان من آخر أشكال العمل المقاوم في الضفة الغربية المحتلة تنفيذ عملية طعن شمال رام الله، أسفرت عن إصابة جنديين من جيش الاحتلال، واستشهاد المنفذ، وهو الشاب محمد رسلان محمود أسمر (18 عامًا) من بلدة "بيت ريما".
ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى" تنفيذ 26 عملًا مقاومًا، شملت اشتباكات مسلحة، وإطلاق نار، ومواجهات، وإلقاء الحجارة، إضافة إلى مظاهرات والتصدي لاعتداءات المستوطنين، في مختلف محافظات الضفة الغربية خلال الـ48 ساعة الماضية.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق أن اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تشهد تصاعدًا ممنهجًا، ما يعمّق العزلة بين المدن الفلسطينية ويحول دون إعادة بناء الواقع الاقتصادي في الضفة، لا سيما في ظل ما تعرّض له قطاع غزة من إبادة.
وقال القيق لـ "فلسطين أون لاين": إن "هذه السياسات الإسرائيلية تدفع نحو تراكم الغضب في العقل الجمعي الفلسطيني، خصوصًا لدى فئة الشباب، ما ينذر بانفجار شعبي وشيك".
وأوضح القيق أن المؤشرات الحالية تُنذر باندلاع انتفاضة شعبية جديدة، يشارك فيها من يدافع عن أرضه التي يقتحمها ويحرقها المستوطنون، ومن يحمل الوعي الوطني للدفاع عن القضية الفلسطينية.
وشدّد على أن هذا الحراك الشعبي مرشّح للتصاعد خلال المرحلة المقبلة، في ظل استمرار الانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون وقوات الاحتلال.
وفيما يتعلق بموقف الفصائل الفلسطينية، تساءل القيق عمّا إذا كانت الفصائل مستعدة لاتخاذ موقف حاسم في مواجهة الاحتلال، وإعادة ترتيب أولوياتها، والانخراط في مقاومة منظَّمة.
وقال إن الشارع الفلسطيني يوجّه انتقادات حادة للفصائل، ولا سيما تلك التي تتصدّر المشهد في الضفة الغربية، بسبب غياب دور فاعل على الأرض، والاكتفاء بردود فعل محدودة.
وأضاف أن هذا الغياب لا يعود إلى أحداث 7 أكتوبر فقط، بل يمتد إلى أكثر من 16 عامًا من الجمود، مقابل بروز تحركات شبابية فردية.
وختم القيق بالقول إن السؤال الأبرز اليوم في الضفة الغربية هو: هل ستتبنّى الفصائل موقفًا حقيقيًا تجاه الاحتلال وتتحمّل مسؤولياتها الوطنية، أم تواصل الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة

