قائمة الموقع

الفرص والتهديدات في ثنايا التهديد بعودة الحرب والاعتداءات

2025-12-01T09:11:00+02:00
فلسطين أون لاين

تضج وسائل الإعلام؛ المرئي منها والمسموع، فضلاً عن المقروء، والتقليدي منها قبل الإلكتروني بالحديث والتحليلات والتقديدات التي تتحدث عن تجدد الحرب على غزة و/أو لبنان. بل يذهب الكثير ممن يتعاطون الشأن السياسي والأمني والعسكري، بتحديد مواعيد لها؛ فهذا يضرب لها موعداً مع نهاية السنة وانقضاء مواسم الأعياد، وذاك يتحدث عن أن سبب تأخرها وتأخيرها إنما يعود لزيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية " ليو الرابع عشر" إلى لبنان مما يعني أن الحرب ستبدأ بعد انقضاء زيارته وعودته إلى الفاتيكان! وأخر يعيد أمر التأخير إلى انشغال الأمريكي في إغلاق ملف الحرب الأوكرانية، ليتفضّى للحرب الشرق أوسطية. ولما كانت الحرب تشن لتحقيق أهداف، وتبدأ بقرار وتنتهي بقرار، وهي في ذاتها ليست فعلاً فردياً من طرف واحد، وإنما هي عبارة عن إجراءات تفاعلية بين طرفين، يبذل كل منهما قصارى وسعه في تحقيق أهدافه، ومنع خصمه من بلوغ غايته، كما يعقبها مراجعات ووقفات، لاستخلاص دورس وعبر، تشكل أرضية لتطوير قدرات و/أو تغيير إجراءات، تحضيراً لجولات قد تأتي في المستقبل. لما كانت الحرب كذلك؛ فلا يستقيم أن يلقى الحديث عنها على عواهنه، ولا أن (تشلف) التقديرات حولها (شلفاً)، وإنما يجب أن يستند الحديث عنها وحولها إلى تقديرات وتحليلات، متكئة على معطيات ومعلومات، وإلّا لقال كل ما يحلو له أن يقول، ولسمع كل ما يطيب له أن يسمع.

ولما كنا نتحدث عما يتحدث عنه، ويصرح به العدو الصهيوني من أنه سيخرج إلى حرب، أو جولة قتال، ينهي فيها ما لم ينجزه سابقاً، ويقضي فيها على ما أعيد ترميمه من قدرات عند أعدائه، لمّا كنا كذلك؛ كان لا بد لنا من التطرق إلى بعض الأمور التي تفيد في فهم الموقف، والقدرة على قراءته، آخذين بعين الاعتبار، أن هذا التقدير لن يتحدث عن إمكانية وقوع الحرب من عدمه، فهذا الأمر قد تطرقنا له في المقال السابق، حيث قلنا أن قاعدة العمل لدى حركات المقاومة ودولها، يجب أن تكون قائمة على فرضية أن هذا العدو وحلفاءه من عجمان وعربان، قادرون على شن الحرب متى شاؤوا، وأن حربهم هذه يجب أن تكون متوقعة في كل حين، ولكن يجب أن لا تضعنا فرضية العمل هذه وقاعدته، في مربع رد الفعل، أو دائرة الأزمات، وإنما يجب أن تدفعنا للتصرف برأس بارد، وقلب مطمئن، والاعداد والاستعداد لها ــ للحرب ـــ ومراقبة قرائن تصعيدها و/ أو شواهد تبريدها، حتى لا نبقى عالقين في مكان (المفعول) به وليس الفاعل!

نحاول هنا البحث عن الفرص والتهديدات في حال خرج التهديد بعودة الحرب إلى حيز الفعل والوجود. مستندين إلى فرضية عمل تقول: أنه كما أن للعدو أهدافاً يريد أن يصل لها من خلال عودته إلى حرب أو جولات قتال، فإنه يجب أن يكون لقوى المقاومة؛ الرسمية منها والشعبية، أهدافاً تريد أن تحققها، وثارات تريد أن تأخذها، ومعادلات تريد أن تعيد رسمها، واتفاقيات مع هذا العدو اختلت، ويجب إعادتها إلى حالة الاتزان.

يقتضي تحليل الموقف إلى التطرق إلى مجموعة من الحقائق التي تجعل ذوي الاختصاص وأهل (الكار) يذهبون مذاهب شتى في توقع الحرب من عدمه، ومن هذه الحقائق:

1. لقد فتح العدو حرباً على سبع جبهات (كما يقول) ولم يغلق، ولم ينهي أي منها على النحو الذي يريد، ولم يحوّل إنجازاته التعبوية في هذه المواجهات إلى حقائق سياسية يمكن أن يبنى عليها، أو يستثمر فيها، لذلك يقال أنه (مضطر) إلى العودة إلى الحرب، والتهديد بشنها.

2. لقد بدأت قوى المقاومة، بمختلف صنوفها وتلاوينها، ورشة استخلاص للعبر والدروس، تبعها ورش لإعادة ترميم القدارت وبنائها، رأى منها العوام ما يرون، ويرى ــ فهذا شأنه وعمله ومهمته ـــ العدو أموراً لا تراها أعين العوام فضلاً عن الخواص، الأمر الذي جعله ــ العدو ــ (يدب) الصوت، صارخاً في كل محفل وواد أن: هذه القوى (إقرأ المقاومة)، لم ترعوي، ولم ترتدع، ولم تخف، بل زادت إصراراً على بناء ذاتها، ومراكمة قدراتها، استعداداً لحرب قادمة، مما يعني أني( أي العدو) يجب أن أخرج لأجز ما نمى من (عشب) وما تطاول من ( أشجار).

3. لقد استخدم هذا العدو وحلفاءه في الحرب، أقصى ما يمكن أن يستخدم من طاقات نارية، بل إن حجم ما ألقى على قطاع غزة وحدهها في هذه الحرب، يفوق أثره التدميري ما ألقي على " هيروشيما" و " نكازاكي" من قنابل نووية. وفي لبنان كذلك، أما اليمن، فقد ألقى عليها العدو الأمريكي خلال حرب 56 يوم أطناناً من المتفجرات، وفي إيران؛ استخدم بلطجي الكون (إقرأ أمريكا) لتدمير منشآتها لنووية أم القنابل الخارقة للحصون من نوع GBU57. فهل بقي في ترسانة هذا العدو وحلفاءه ما يمكن أن يستخدمونه أكثر من هذا؟ فيحقق لهم ما لم يحققه ما سبقه! سؤال جوابه برسم جولات القتال حال وقوعها.

4. إن البيئة السياسية؛ المحلية والإقليمية والدولية، إن كانت في السابق، مساعدة للعدو في شنه لحرب إبادته على غزة ولبنان واليمن وإيران، فإنها هذه الأيام؛ أقل ملائمة، وأضعف تماهياً، مع ما يريد، وفي هذا تفصيل. ولكن يجب أن لا يحملنا هذا الأمر على توقع أن العدو، ولهذا السبب ــ البيئة السياسية ـــ قد لا يشن حرباً ولا يبدء عدواناً؛ كونه لا يقيم، لا هو ولا حليفه الرئيسي، عنينا به الأمريكي، لا يقيمون لهذا الأمور اعتباراً أو وزناً.

5. نحن في موقف، تستحيل معه المفاجآت على المستوى الاستراتيجي أو العملياتي، كون من يهدد؛ يعلن التهديد، ومن يُهدد؛ متحفز، مستعد، ويتعامل مع التهديد على أنه قد يقع غداً، لذلك فإن تعذرت المفاجآت في مستوياتها التي قيلت؛ فيجب الانتباه والتحوط من وقعها في المستوى التكتيكي الإجراءائي.

6. كما أن مقتضى العقل والحكمة تقول: أن العدو قد استخلص دروساً وعبراً من حربه السباقة، وأنه سيخرج لحربه المستقبلية مستفيداً منها، ومرتكزاً عليها، فإن ذات المقتضى العقلي والحِكَمي يقول: أن قوى المقاومة الشعبية والرسمية، قد استخلصت هي الأخرى دروساً وعبراً مما قدمته من تضحيات بشرية ومادية، لم يقدم مثلها؛ لا كمّاً ولا نوعاً، في تاريخ الصراع مع هذا العدو المحتل، وعليه؛ ستنطلق هي الأخرى في حربها الدفاعية أو الهجومية، أو في دفاعها الهجومي متكئة على هذه الدروس، وتلك العبر.

7. إن كانت بيئة العدو وجبهته الداخلية، ترى في تجدد الحرب، مغامرة شخصية الهدف منها (نشل) مجموعة الحكم المتطرفة في الكيان المؤقت مما هي فيه من أزمات، فإن البيئة والجبهة الداخلية للمقاومة ، ترى أن لها ثأراً مع هذا العدو لم يؤخذ، ودماً ما زال على الأرض لم يجف، وأنها قدمت أغلى ما يمكن أن يقدم، على الصعيدين البشري والمادي، وأن هذا العدو لم، ولن يلتزم بما تعهد به، وأنه سادرٌ في غيه، لذلك إن جدد حربه أو عدوانه؛ يجب في هذا المرة أن يُجبى منه ثمناً باهضاً، ويثأر منه لدماء سفكت، وأشلاء مزقت، وليس هناك شيء يمكن أن يفعل ضد هذه البيئة ولم يجربه العدو، وعليه ليس هناك ما يخشى منه، أو يهدد به!!

8. ثم أخيراً، من قال أن العدو، هو وحلفاءه إن خرجوا للحرب في هذه المرة، فإنها ستكون كما يخططون ويأملون، وأنها لن تتجاوز أيام قتال، وجولات قصف، والسلام! ثم سيعود كلا الطرفين للملمة جراحه، من قال هذا؟ ومن يضمنه؟ وقوى المقاومة، الشعبية منها والرسمية، تقول أنها إن اضطرت لحرب في هذه المرة؛ فستخوضها، ولن تقبل بوقفها إلّا حين تستنفد أهدافها هي ـ قوى المقاومة ــ، وتحقق غاياتها، لا كما يريد العدو ويرغب؛ جولة قتال محدودة الزمان والمكان والأهداف.

بناء على هذه المقدمة، وهذا التحليل، فإن فرصاً تلوح في أفق هذا التهديد، كما يكتنز في داخليه مخاطر، نأتي عليها تباعاً كما يلي:

أ‌. الفرص:
1. تثبيت سردية قوى المقاومة، الشعبية منها والرسمية، وعلى كافة الصعد والمستويات؛ الداخلية والإقليمية والدولية، من أن هذا العدو سادرٌ في غيه، غير منضبط ولا مراعٍ لقوانين وأعراف.

2. تشغيل وفحص قدرات، بشرية ومادية، بناء على ما استخلص من دورس وعبر من الجولات السابقة.

3. ضرب واستهداف نقاط ضعف، ومكامن ضرر لدى العدو، بانت في الجولات السابقة، ولم تضرب لاعتبارات مختلفة.

4. إعادة ضبط وتوازن الاتفاقيات التي تمت مع هذا العدو.

5. رسم وتثبيت معادلات تحكم الصراع مع هذا العدو في مرحلته الحالية، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

ب‌. التهديدات:

1. ضرب وتدمير قدرات، بشرية ومادية، أعيد ترميمها أو بنائها.

2. تدمير بنى تحتية وممتلكات مدنية.

وحتى يتم استثمار هذه الفرص، والتصدي لتلك التهديدات، على أفضل وجه، وبكامل الجاهزيات، يجب التصرف وفقاً لمقتضيات وفرضيات العمل التالية:

1. التفكير الجمعي والعمل المؤسسي، الذي يشمل قوى المقاومة، الشعبية منها والرسمية.

2. التفاهم على الاتجاه الاستراتيجي ــ جغرافياً وموضوعياًــ المتوقع لحركة التهديدات، حال خروجه إلى حيز الفعل.

3. ترتيب الأوليات، وتخصيص القدرات، بناء على ما تم التوافق والاتفاق عليه في بند التفاهمات السابق.

4. تقاسم الأدوار والمهمات، في سياق ما أتفق عليه من استراتيجيات.

5. الاتفاق والتوافق على صورة الدخول ــ شكلاً وموضوعاً وجغرافيا ـــ ، وفرضيات الخروج، من موقف الحرب في حال تجددها، والدخول فيها.

هذه بعض الأفكار التي نعتقد أنها، كما سابقاتها في المقال السابق "بين مؤشرات التصعيد وقرائن التبريد قراءة في الموقف والمقتضى" من الأمور التي نعتقد أنها تحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق، للخروج من مربع رد الفعل والإزمات، إلى رحابة الفعل والمبادرات.

اخبار ذات صلة