اقتحمت قوات الاحتلال "الاسرائيلي" من اللواء الاحتياط 55 قرية بيت جن السورية في ريف دمشق لاعتقال ثلاثة مطلوبين أمنيًا لدى الاحتلال، حيث استطاعت القوات اعتقال اثنين دون حدوث اشتباكات عسكرية فيما عادت لتعتقل المطلوب الثالث لتواجه باشتباك عسكري بين بعض المقاتلين المحسوبين على الجماعة الاسلامية (فجر) التابعة لجماعة الاخوان المسلمين.
حيث ارتفع عدد الشهداء السوريين ل٢٠ شهيدًا, بينما أصيب عدد من الجنود "الاسرائيليين" الذين زارهم رئيس الأركان (إيال زامير) في مشفى تل هشومير، وتأتي الهجمة "الاسرائيلية" في إطار العديد من الهجمات الأمنية والعسكرية التي نفذتها القوات البرية والجوية "الاسرائيلية" منذ تولي النظام السوري الجديد زمام الحكم برئاسة أحمد الشرع.
حيث عملت قوات الاحتلال على السيطرة على منطقة جبل الشيخ والتوغل بالقرب من العاصمة دمشق، فيما اتبعت الدولة السورية سياسة الاحتواء, نظرًا للظروف الراهنة لديها من بناء دولةٍ متهالكة البنية التحتية من كافة الأشكال بعد استمرار معارك الثورة السورية ل ١٤ سنة تقريبًا.
كما صرّح الشرع بعد استهداف الاحتلال لمبنى رئاسة الاركان السورية قبل أشهر, أنّ بلاده تتحرّى عدم الدخول في الحرب, مشيرًا إلا خلفيته العسكرية التي قدِمَ منها، حيث كان على مدار سنوات قائدًا لبعض التنظيمات العسكرية المقاتلة ضد الاحتلال الامريكي للعراق والنظام السوري خلال الثورة السورية (٢٠١١-٢٠٢٤).
فيما هاجم وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى الاحتلال في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية، مدعيًا محاولته -الاحتلال- زعزعة استقرار سوريا من خلال الغارات العسكرية، واصفًا إياها بالتحدي الحقيقي لسوريا الجديدة على غرار التنظيمات والميليشيات الأخرى، والمناهضة للنظام السوري الجديد، بينما التزمت سوريا الصمت حول ما إذا كان المتصدون للهجوم "الاسرائيلية" من عناصر الجيش السوري الجديد أم لا!! أو ما اذا كانت تؤيد الرد على الهجمات "الاسرائيلية" بهذا الشكل، حيث إن سماحها لخروج العديد من المظاهرات في شوارع دمشق للتنديد بالهجوم، وحرق الاعلام "الاسرائيلية"، ودعوة بعض المتظاهرين للنظام السوري بالدخول في حربٍ ضد "اسرائيل" يدلّ على أنها تسير ضمن سياسة الصبر الاستراتيجي، ولكن هل يمكن ضمان استمراره لفترةٍ طويلة؟
لا يمكن النظر للسياسة السورية دون التمعن في السياسة "الاسرائيلية" التي تسير ضمن سياسة التوسع الكبير دون الاهتمام لأي ضوابط سيادية للدول الأخرى، حيث ينتهج نتنياهو سياسة كسر العظام منذ انطلاق معركة طوفان الاقصى (٧ اكتوبر ٢٠٢٣-١٠ اكتوبر ٢٠٢٥) وحتى اللحظة، دون الاكتراث لأي اعتبارات أخرى سوى الحفاظ على حكومته، وتدمير أي مقدرات عسكرية أو أمنية يمكن أن تضر بأمن "اسرائيل" على المدى القريب أو البعيد.
كما لا يمكن التطرق لسياسة نتنياهو دون البحث في سياسة "اسرائيل" العامة ضد سوريا بشكلٍ عام منذ قيامها -اسرائيل- في العام ١٩٤٨، حيث عملت على اتباع سياسة تهشيم القوات السورية كي لا تتمكن من تشكيل أي خطر على وجود "اسرائيل"، كما عملت على تنفيذ العديد من الاغتيالات على أرضها، كاغتيال القائد في كتائب القسام عزالدين الشيخ خليل، والقائد في حزب الله عماد مغنية، بالاضافة لتدميرها المحاولة السورية لبناء مفاعل نووي خاص بها في العام ٢٠٠٧.
لذا وبناء عليه، فإن السيناريو الذي ينتظر سوريا لا يخرج من الخيارات الآتية:
أولًا: تخطيط وتنفيذ جهاز الموساد "الاسرائيلي" للعديد من عمليات الاغتيال ببصمةٍ منخفضة ضد رؤوس النظام السوري الجديد، خصوصًا وجود امكانية لمشاركة أحدهم في بعض عمليات ضد مستوطنين "اسرائيليين"، ولا يستبعد اغتيال الشرع ووزير الدفاع لديه مرهف ابوقصرة ووزير داخليته أنس خطاب وغيرهم.
ثانيًا: الخروج من سياسة الاغتيالات ببصمات منخفضة لسياسة الحرب المفتوحة مع سوريا باستهداف مؤسسات سورية عسكرية وامنية وغيرها، واستهداف الموارد البشرية العسكرية والامنية السورية، دون الاكتراث لأي رد فعل سوري، لاجبار سوريا على الدخول في مواجهة لا يُعرف نهايتها سوى اعادة سوريا لعهد الحرب.
الخلاصة:
لا شك أن المنطقة بأكملها على صفيحٍ ساخن لا يستقر البتة، فمنذ انطلاق معركة طوفان الاقصى وحتى اللحظة، لم تشهد المنطقة لحظة استقرار واحدة بل كادت ترقى المعركة لتكون معركة اقليمية متعددة الأبعاد لولا الضربات التي تلقاها حزب، وعلى الرغم من هذا إلا أن عودة الحرب على غزة مع توسع خطر نشوب حرب إقليمية يزداد يومًا بعد يوم.
كما أن عدم قدرة الشرع وحكومته على السيطرة الكاملة على الشعب السوري وبقاء سلاح في غير يد الدولة يعمل على عدم استقرارها، بل وعدم السير وفق سياسة موحدة حول العديد من القضايا, مثل هجمات الاحتلال "الاسرائيلي" على سوريا، مع التأكيد على أن ذلك لا يتم ببساطة في ظل دولةٍ كانت مسرحًا للعمليات العسكرية للعديد من التنظيمات الدولانية والدول الحاملة للعديد من الطموحات في المنطقة مع نظرتها لسوريا بأنها البوابة الرئيسة لها.

