تم تنفيذ حكم الإعدام من قبل الجيش الإسرائيلي على الشابين المنتصر بالله محمود قاسم عبد الله، ويوسف علي يوسف عصاعصة قبل يومين في طوباس.
تم القتلِ وهما مستسلمان بدمٍ حاقد وبارد، وعلى الملأ والبث المباشر، جريمةٌ مركبة ، صحيح أن التنفيذ قد تم من قبل مجموعة من الجنود، قاموا بالتنكيل بهم ثم قتلوهم، لم يبد الشابان أية مقاومة فقد وجدوا أنفسهم أمام مجموعة من الجيش بكامل عتادها العسكري ومدافعهم الرشاشة مصوّبة عليهم فلا مجال للمواجهة وأيديهم خالية الوفاض من أي سلاح.
تبدأ الجريمة الاولى بمن يزوّد هؤلاء الجنود بتعليمات إطلاق النار. التعليمات لا تعطي للحياة الفلسطينية أية قيمة، أقتل دون أن يرفّ لك جفن. فسيطرة النزعة العنصرية المتطرفة على مفاصل الدولة وتغلغلها في الجيش قد بلغت منزلة عالية وسيطرت على جيش انحطّ أخلاقيا ووصل إلى درجة عالية من التوحّش بل والتلذّذ بسادية مطلقة في قتل وتعذيب ضحاياه.
أما الجريمة الثانية فتكمن فيمن قام وأشرف على التعبئة الثقافية والتربوية والأخلاقية لهذا الجندي، الذي يطلق النار بيدٍ رخوة على الزناد باتجاه إنسانٍ أعزل من السلاح. هذا البناء النفسي والفكري والتعليمي لجنودهم قائمة على القتل والجريمة وسفك الدماء، لا يرون لحياتهم وجود الا على حساب قتل وإفناء الحياة الفلسطينية.
وثالث الجرائم فهي بيئة منظومة القتل والتوحش والإجرام التي يعايشها هؤلاء الجنود ويتأثرون بها. بات المجتمع الصهيوني برمّته بيئة خصبة لتنمية هذه النزعات المتطرفة، قيادة وأحزاب وإعلام وثقافة ، كلها أصبحت قائمة على الرفض والافناء المطلق للفلسطيني ولم يعد لأصوات التعقّل أي حيّز في هذه البيئة المريضة المتطرفة.
ورابع الجرائم انعدامُ أيّةِ محاسبةٍ ذات قيمة لكل من يرتكب مثل هذه الجريمة، بل يحظى بالتأييد والتشجيع، كما عقب ابن غفير على هذه الجريمة، وشكّل بنفسه في ثوانٍ معدودة المحكمة التي يقرر فيها حكم الإعدام، فقال: "إن هؤلاء يستحقون الموت، وما فعله الجنود كان صوابًا. وذهب ليدافع عنهم بكل صلف وعنصرية وتطرف.
أمّا خامسها: فقد حدث هذا أمام الكاميرات، فهل لنا أن نتخيّل ما يحدث بعيدًا عن التصوير والبث؟ وما الذي يحدث خلف الاسوار العالية لسجونهم عنا ببعيد، ما تسرّب فظيع فكيف بما يحدث في الخفاء وبشكل يومي ودائم؟
سادسها: طريقةُ التعامل الرسمي الإسرائيلية مع هذا الحدث باحتوائه وتبريره، وإن أعلنوا تشكيل لجنة تحقيق، فهي شكلية ولن يكون لها أيّ أثر يُذكر. فقط اجراء بروتوكولي لذرّ الرماد في العيون.
أما سابع هذه الجرائم التي اجتمعت في هذه الجريمة فتكمن في ردّةُ الفعل العالمية لكل الدول التي تدعي حقوق الانسان والوقوف في وجه الجريمة والارهاب، لو حدث ما حدث من قِبل عصابةٍ مختلفة، لقامت قيامتها وما قعدت، ولكنها مع مدلّلتها تمر عليها مرور الكرام.
لذلك فالأمر مرشح للإستمرار والمزيد ما دام هذا هو الحال.