كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن وزيرة المواصلات في حكومة الاحتلال، ميري ريغيف، أجرت زيارة سرية للإمارات عقدت خلالها اجتماعات مع مسؤولين في هيئة السكك الحديدية الإماراتية، بهدف إعادة إحياء مشروع "سكة السلام" الذي يربط أبوظبي بميناء حيفا عبر السعودية والأردن.
وبحسب الصحيفة العبرية، جرت الزيارة بعيداً عن الإعلام، في ظلّ تسابق دول عدة، بينها تركيا وفرنسا، لطرح ممرات بديلة تربط الخليج بأوروبا من دون المرور بحيفا.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن أي مسار بديل قد يفقد "إسرائيل" دورها كمحطة لوجستية في التجارة بين آسيا وأوروبا، وهو ما يدفعها إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لإحياء المشروع رغم توقفه السياسي منذ حرب غزة.
وترى "تل أبيب" أن المشروع يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز موقع ميناء حيفا داخل سلاسل الإمداد العالمية، بينما تخشى من نجاح المسار البديل الذي تدفع به تركيا وفرنسا عبر سورية ولبنان، والذي قد يهمّش الدور الإسرائيلي بالكامل.
وتشير يديعوت أحرونوت إلى أن الإمارات تتعامل مع مشروع "سكة السلام" باعتباره مشروعاً لوجستياً استراتيجياً طويل المدى، لا مجرد خطوة سياسية ظرفية تتعلق بمسارات التطبيع. ولهذا واصلت أبوظبي مباحثاتها خلال العامين الماضيين مع الهند والسعودية والأردن بشأن مستقبل الربط الإقليمي، رغم توقف المسار سياسياً.
أما السعودية، فترى في المشروع انسجاماً مع رؤيتها 2030 التي تهدف إلى جعل المملكة محور عبور إقليمي ضمن شبكات التجارة العالمية.
في المقابل، تحاول "إسرائيل" دفع نقطة الربط داخل الأردن شمالاً باتجاه وادي الأردن، بما يمنح ميناء حيفا أفضلية تشغيلية وتحكماً أكبر في الجزء النهائي من الممر.
بينما تفضّل الإمارات مساراً ينتهي عند منطقة البحر الميت، باعتباره أقل تكلفة وأكثر فاعلية لوجستية، وهو ما يفتح خلافاً غير معلن بين الطرفين حول المسار الأمثل.
أما الأردن، فيتحرك وفق معادلة حساسة؛ فهو يدرك الفوائد الاقتصادية المحتملة من المشروع بما يوفره من رسوم مرور واستثمارات، لكنه في الوقت نفسه يتجنب تثبيت أي مسار نهائي دون الحصول على ضمانات سياسية واضحة تتعلق بالسيادة وإدارة الممر، حتى لا يتحول المشروع إلى اصطفاف سياسي غير مرغوب.
ووتشير التقارير العبرية إلى أن التحديات التي تواجه المشروع ليست هندسية أو تقنية بقدر ما هي سياسية وأمنية، فالمسار يمر في مناطق تشهد توترات مزمنة، من الحدود الأردنية إلى الأراضي المحتلة وصولاً إلى الخليج، وأي تصعيد جديد في غزة أو لبنان قد يؤدي إلى تجميد المشروع فوراً، كما حدث عام 2023 عندما توقفت المفاوضات لعامين كاملين.