قائمة الموقع

ألمانيا تمنح 4 حمير من غزة لجوءًا ومنزلًا جديدًا.. فما القصة؟

2025-11-26T16:11:00+02:00
صورة تعبيرية

أثار تقرير نشرته صحيفة "Allgemeine Zeitung" الألمانية موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانها إجلاء 4 حمير من قطاع غزة إلى حديقة الحيوانات في بلدة أوبنهايم الألمانية، في وقت تواصل فيه ألمانيا رفض استقبال أطفال وجرحى فلسطينيين منذ بدء الحرب الإسرائيلية قبل عامين.

واستهلّت الصحيفة خبرها بالقول، "لقد تركوا وراءهم الجوع والبؤس والضرب والمشقّة… أربعة حمير أنقذت من منطقة الحرب في غزة وجدت منزلاً جديداً."

وبحسب الصحيفة، فإن عملية الإجلاء نفّذتها منظمة "Starting Over Sanctuary" الإسرائيلية غير الربحية، المتخصّصة في رعاية الحمير والخيول.

وتدير المنظمة مشروعًا يُسمّى "Donkey Flights Project" لنقل الحمير من غزة إلى ملاجئ في أوروبا، فيما اكتفت حديقة الحيوانات الألمانية باستقبالها.

وأغلقت الصحيفة التعليقات على منشور الخبر عبر إنستغرام، بعد موجة انتقادات واسعة، إذ اعتبر كثير من المتابعين أن هذا النوع من التغطية "يمثّل قمة الازدواجية الأخلاقية"، خصوصًا أن ألمانيا لم تُجلِ خلال سنتين من الحرب سوى شخصين فقط من غزة، في حين رفضت الحكومة مرارًا استقبال أطفال ومرضى فلسطينيين بحاجة إلى علاج عاجل.

وتوقّف كثيرون عند المفارقة المؤلمة بين تسهيل إجلاء الحيوانات من غزة، في حين ترفض الحكومة الألمانية استقبال الجرحى والأطفال الفلسطينيين.

ففي سبتمبر/أيلول الماضي، رفضت الحكومة الفيدرالية عرضًا قدمته عدة مدن ألمانية لاستقبال ما يصل إلى 20 طفلاً فلسطينيًا للعلاج، مبرّرة قرارها بأن الوضع في القطاع "مربك وغير متوقع للغاية"، وأن سفر الأطفال يتطلب سلسلة إجراءات معقدة.

وأعاد الجدل إلى الواجهة تقارير استقصائية كشفت خلال الأشهر الماضية عن عمليات نهب منظمة لعشرات الحمير في غزة على يد الجيش الإسرائيلي وجمعيات إسرائيلية، بغطاء "الإنقاذ الحيواني".

فقد كشفت قناة "كان" العبرية في تقرير استقصائي عن عملية نهب منظم لعشرات الحمير من قطاع غزة خلال الحرب الجارية، بمشاركة جمعيات إسرائيلية وبتواطؤ مؤسسات أوروبية، أبرزها فرنسية وبلجيكية، استقبلت هذه الحيوانات واحتفت بها، في تجاهل تام للسياق الحقيقي لهذه "الحيوانات المنقذة".

وبحسب التقرير، نفذ جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات تجميع للحمير من المناطق التي اجتاحوها داخل قطاع غزة، تحت ذريعة أنها "مريضة أو مهملة"، فيما جرى توثيق ذلك إعلامياً على أنه "حملة إنقاذ بيطري"، رغم أن هذه الحيوانات كانت وسيلة نقل أساسية للمدنيين في ظل الحصار الخانق وشح الوقود، ما يُحول العملية إلى مصادرة قسرية لممتلكات مدنية أثناء نزاع مسلح، يُصنفها القانون الدولي كجريمة حرب.

وبحسب التقرير، نُقلت الحمير التي جُمعت من غزة إلى مزرعة تُدعى "لنبدأ من جديد" (Starting Over Sanctuary) في "موشاف حرّوت" جنوب تل أبيب، وتديرها ناشطة تُدعى شارون كوهين.

وتقوم المزرعة بعرض هذه الحيوانات كضحايا لـ"صدمة نفسية"، وتزعم حاجتها إلى علاج خاص، دون أي تواصل مع أصحابها الأصليين أو وجود مستندات ملكية تثبت قانونية ما جرى.

وفي 18 أيار/ مايو 2025، جرى شحن أول دفعة من الحمير – وتضم 58 حمارًا – من مطار بن غوريون إلى مطار لييج في بلجيكا، ثم إلى ملاجئ حيوانات في فرنسا وبلجيكا، بتنسيق مع مؤسسة Network for Animals، التي تديرها غلوريا ديفيز وشانون إدواردز، وبواسطة شركة Orien Cargo الإسرائيلية.

من بين هذه الملاجئ، برزت محمية "La Tanière – Zoo Refuge" قرب مدينة شارتر الفرنسية، التي استقبلت الحمير بحفاوة واحتفت بها كرمز "للرحمة والتحضر"، مقدمة لكل حمار "قصة نجاة من الجحيم"، دون أي إشارة إلى أصله أو مالكه الفلسطيني.

ما يثير السخرية السوداء في هذه القضية هو أن هذه الحيوانات التي تم نهبها من بيئة مدمرة ومجتمع يرزح تحت الإبادة، باتت تُعرض في أوروبا على أنها "رموز للتعاطف"، بينما سُحقت القصة الأصلية: أن هذه الحمير تعود لعائلات فلسطينية، وأنها سرقت تحت سطوة السلاح والاحتلال، وأن أصحابها لا يزالون يعيشون تحت القصف والحصار.

تظهر الفيديوهات الإسرائيلية المصاحبة لهذه العمليات مشاهد توحي بعمل إنساني: حمير تتناول الجزر، وأطباء بيطريون يعتنون بها، وملاجئ أوروبية تستقبلها بالزهور.

ولم تقتصر الظاهرة على قطاع غزة، إذ أوردت وسائل إعلام عبرية أخرى قصة "إنقاذ" حمار من الخليل بالضفة الغربية المحتلة، نُقل إلى مزرعة كوهين ذاتها، رغم أنه يعود لمزارع فلسطيني.

واللافت أن الخليل لا تشهد حربًا أو انهيارًا في البنية التحتية، ما يؤكد أن ما يجري هو سياسة ممنهجة لمصادرة ممتلكات الفلسطينيين، وليس "استجابة إنسانية" كما تزعم الجهات المشاركة.

 

 

 

اخبار ذات صلة