قائمة الموقع

هل يجهض نتنياهو "المرحلة الثَّانية" بدفع متطرِّفي حكومته إلى واجهة القرار؟

2025-11-23T15:12:00+02:00
رئيس حكومة الاحتلال بنامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب (صورة تعبيرية)
فلسطين أون لاين

في الوقت الذي تتجه الأنظار نحو "المرحلة الثانية" من اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، يتحرك رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في الاتجاه المعاكس تمامًا، محاولًا تعطيل أي خطوة قد تُفضي إلى انسحاب جيشه أو دخول قوة دولية إلى القطاع، عبر الدفع بأكثر رموز اليمين تطرفًا إلى واجهة المشهد، في خطوة يصفها مختصون بأنها واضحة لإفشال الخطة قبل أن تبدأ، وتحويل لجنة الانتقال إلى "أداة تعطيل" لا تنفيذ.

وأوردت هيئة البث الإسرائيلية أن المجلس الوزاري الأمني قرر تشكيل طاقم وزاري مصغر للعمل على تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب على غزة، يضمّ وزراء الخارجية جدعون ساعر والمالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير وآخرين. ويجمع الوزراء الثلاثة خلفيات يمينية متطرفة ومواقف رافضة لإقامة دولة فلسطينية، حيث نادى سموتريتش باحتلال غزة وتوسيع الاستيطان، بينما تبنى بن غفير نفي وجود الشعب الفلسطيني وعارض الاتفاق أصلا.

وجاء تشكيل الطاقم الجديد الذي سينفّذ الرؤية الإسرائيلية للمرحلة الثانية من الاتفاق، بعد أيام من قرار مجلس الأمن 2803 الذي تبنى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وينص على تثبيت وقف دائم وشامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإعادة الإعمار، إضافة إلى تهيئة مسار موثوق يتيح للشعب الفلسطيني تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية.

رفض المرحلة الثانية

ويصف الخبير في الشأن الإسرائيلي، د. محمود يزبك، تشكيل لجنة الانتقال إلى "المرحلة الثانية" بعضوية المتطرفين بن غفير وسموتريتش لا يعدو كونه "مهزلة سياسية" ورسالة مباشرة بأن حكومة نتنياهو لا تنوي تنفيذ الخطة الأمريكية.

وقال يزبك لصحيفة "فلسطين"، إن اختيار هذين الوزيرين تحديدًا يُعد إعلانًا صريحًا برفض المرحلة الثانية من الخطة، خاصة أن جوهرها يتمثل في انسحاب جيش الاحتلال تزامنًا مع دخول ما تسمى "قوات الاستقرار" الدولية إلى قطاع غزة.

ويشرح يزبك أن المرحلة الثانية –بحسب الخطة الأمريكية وليس قرار مجلس الأمن 2803– تنص على انسحاب الاحتلال إلى حدود ما قبل 7 أكتوبر، وهو ما يعني عمليًا اعترافًا إسرائيليًا بفشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب رغم مرور عامين على اندلاعها. ويرى أن رئيس الحكومة يحاول إظهار نفسه داخليًا بأنه لن يسمح بحدوث هذا الانسحاب، ولذلك دفع ببن غفير وسموتريتش إلى اللجنة لإفشال أي تقدم سياسي.

وأضاف أن نتنياهو يختبر حدود الضغط الأمريكي، خصوصًا أن الرئيس ترامب هو الضامن الرئيسي للخطة، وأن نجاحها مرهون بممارسة واشنطن ضغط مباشر على (تل أبيب)، مشيرًا إلى أن يأتي ذلك في ظل استعداد حزب الليكود لانتخابات داخلية يطمح فيها نتنياهو للحصول على أصوات كافة القاعدة اليمينية، ما يدفعه لتجنب الظهور بموقف "ضعيف" أمام الإدارة الأمريكية.

وعن تصريحات ترامب الأخيرة حول "نزع سلاح حماس"، أوضح يزبك أن المصطلح فضفاض وغير قابل للقياس، إذ لا يمتلك القطاع أسلحة ثقيلة كالمقاتلات أو الدبابات، وأن السلاح الذي تتحدث عنه (إسرائيل) هو قاذف "ياسين 106"، دون وجود معلومات مؤكدة عن كمياتها، معتبرًا استخدام نتنياهو وساعر مفهوم "نزع السلاح بالقوة" تمهيد لعودة العمليات العسكرية.

تفسير إسرائيلي

من جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد أن تعيين "بن غفير" و"سموتريتش" على رأس الطاقم الوزاري للإشراف على الانتقال إلى "المرحلة الثانية" يحمل رسالة مباشرة للإدارة الأمريكية، مفادها أن حكومة نتنياهو ماضية في تفسير قرار مجلس الأمن 2803 والخطة الأمريكية على أنهما يركزان فقط على نزع سلاح حماس والمقاومة الفلسطينية، دون الانخراط في أي مسار سياسي.

ويضيف شديد لـ"فلسطين"، أن الشخصيات التي تم اختيارها هي الأكثر تطرفاً داخل الائتلاف، وكانت دومًا من أشد الداعمين لخيار تجريد المقاومة من السلاح، ورافضين بشدة لأي مخرج سياسي "في نهاية النفق". لذلك فإن تعيين بنغفير وسموتريتش في اللجنة هو تأكيد من نتنياهو لقراءته الخاصة للاتفاق، ولإظهار أن (إسرائيل) شريك جاهز للقوات الدولية في مهمة نزع السلاح، وأنها ستواصل المسار العسكري إذا فشلت هذه القوات في أداء مهمتها.

ويشير إلى أن نتنياهو يسعى من خلال هذا التشكيل إلى الحفاظ على تماسك حكومته، وفي الوقت نفسه إرسال رسالة للأمريكيين بأن المشكلة ليست لديه شخصيًا: "تفضلوا.. هذه لجنة من أقوى وزراء (إسرائيل)، أقنعوهم أنتم".

كما يرى شديد أن حكومة الاحتلال لا تريد الظهور بمظهر الرافض للالتزام أمام المجتمع الدولي، لأن ذلك سيضعف موقفها إذا عادت للحرب مستقبلًا؛ لذلك يجري تقديم التطرف في ثوب "التزام شكلي" مع ترك الباب مفتوحًا لسيناريوهات عسكرية لاحقة.

ويجزم شديد أن استبعاد وزير الخارجية إيلي كوهين من عضوية اللجنة يعكس تصميم نتنياهو على تشكيل تركيبة مدروسة تتكون أساسًا من "الليكود"، يضاف إليها اثنان من "الصهيونية الدينية" و"العظمة" اليهودية، في سياسة متعمدة من نتنياهو لإنتاج تنافس داخلي وصراعات جانبية تمنع أي انسجام داخل الحكومة، وتبقيه المرجعية التي يلتف الجميع حولها طمعًا في النفوذ والمناصب.

ويشير إلى أن نقاشًا داخليًا امتد إلى وزيرة حماية البيئة جيلا غمليئيل التي اعترضت على استبعادها، ما يعكس أن القضية ليست إجراءً تقنيًا بل جزءًا من إدارة نتنياهو المتعمدة للصراعات داخل حكومته. واستشهد شديد بتصريح لوزير في الحكومة قال ساخرًا إن اختيار الأعضاء الستة جاء لأنهم "الأكثر قدرة على الحفاظ على الكتمان السرية"، قبل أن يرد عليه وزير آخر قائلاً: "بل هؤلاء أكثر من يسربون!"، في إشارة ضمنية إلى أسلوب نتنياهو في توزيع المواقع بين المنع والمكافأة.

ويخلص شديد إلى أن كل هذه الترتيبات تجري في لحظة سياسية حساسة، إذ تستعد (إسرائيل) ليس فقط لانتخابات عامة العام المقبل، بل أيضًا لانتخابات داخلية تُفرز فيها القوائم والمرشحين داخل الليكود وباقي الأحزاب، ما يجعل كل تحرك داخل الحكومة مرتبطًا مباشرة بـقواعد اللعبة الانتخابية.

اخبار ذات صلة