قائمة الموقع

ثلاثة توائم يجتازون ظروف الحرب ويتفوَّقون معًا

2025-11-16T18:33:00+02:00
التوائم عبد العزيز، شذا، وشهد إسماعيل شهاب من جباليا البلد
فلسطين أون لاين

عبد العزيز، شذا، وشهد، ثلاثة توائم من جباليا البلد التي عاثت فيها آليات الاحتلال الإسرائيلي فسادًا مرارًا خلال العامين الماضيين؛ فلم تكد تمر ليلة واحدة هادئة. وكان الثلاثة أمام خيارين: إما التخلي عن حلم الثانوية العامة بسبب الظروف القاهرة، أو قهر تلك الظروف وصولًا إلى حلمهم المشترك.

يقول عبد العزيز إسماعيل شهاب، أحد التوائم الثلاثة: "لم يخطر ببالنا يومًا أن نعيش ما عشناه خلال فترة الثانوية العامة. لم نستطع التخلي عن حلمنا، فنحن الثلاثة كنا نحرز أعلى الدرجات طوال سنوات دراستنا."

ولتأمين هذا الحلم، رفضت أسرة شهاب النزوح إلى جنوب قطاع غزة رغم الأوضاع الصعبة التي عاشها شمال القطاع في بداية الحرب. يقول عبد العزيز: "امتلأ البيت بالنازحين، وعشنا ظروفًا قاسية جدًا. اضطررنا مرات عدة لترك المنزل والنزوح إلى مدينة غزة، وفي كل مرة كان أول ما نحمله هو كتب الثانوية العامة."

وقاسى التوائم الثلاثة انعدام الكهرباء وشحّ المياه والمجاعة التي فتكت بقطاع غزة، إلى جانب الخوف والقصف، وكل ما يمكن أن يدفع أيًا منهم للتخلي عن حلمه أو تأجيله لما بعد الحرب. لكنهم، بدعم من والديهم، أكملوا الطريق بثبات.

يقول عبد العزيز لصحيفة "فلسطين": "كنا ندرس في ظروف صعبة، نخشى تشغيل (الليدات) ليلًا خشية استهدافنا من طائرات الاحتلال المسيرة، فاكتفينا بضوء الجوال. كنا نعيش الخوف والقصف من حولنا في كل مكان."

وزاد من صعوبة الأمر تأجيل وزارة التربية والتعليم للامتحانات عدة مرات. "كلما اقتربنا من النهاية شعرنا أنها تبتعد، لكن دعم والدينا لنا لم يتوقف للحظة."

وتشاء الأقدار أن تُعقد امتحانات الثانوية العامة لمواليد 2007م في ذروة الحرب على غزة، حين طلب الاحتلال من سكان شمال القطاع الإخلاء باتجاه الجنوب وأحكم الخناق بهدم البيوت. يقول عبد العزيز: "لم يكن أمامنا خيار في تلك المرة. خرجنا من منزلنا بلا كتب ولا حتى ملابس، وكانت تلك آخر مرة نراه فيها؛ فقد هدمه الاحتلال."

ومع تزامن الاجتياح البري الأخير لشمال غزة ومدينة غزة مع بدء الامتحانات، أصرت الأسرة على عدم النزوح للجنوب حتى انتهاء آخر امتحان. "عشنا ظروفًا خطرة جدًا؛ فقد اشتد الخطر حولنا في حي النصر، ولم يتبقَّ أحد في المنطقة سوانا."

ويضيف عبد العزيز: "كنت أذهب لمستشفى الشفاء لتقديم الاختبارات، مع أن محيط المستشفى كان منطقة شديدة الخطورة، وكانت قوات الاحتلال تتوغل نحوه من مخيم الشاطئ. لم يكن أحد يذهب إلى هناك بمحض إرادته!"

ويتابع: "كان الطريق إلى حلمنا شديد الصعوبة. رأينا الويل خلال دراستنا؛ كنت أقطع مسافات طويلة لتحميل الفيديوهات لي ولشقيقتَيّ. كنت أدرس مع شذا كوننا في الفرع العلمي، بينما كانت تشاركنا شهد المواد المشتركة فقط لأنها في الفرع الصناعي."

وبمجرد انتهاء الامتحانات، حزمت أسرة شهاب أمتعتها ورحلت إلى مخيم النصيرات، حيث تعيش اليوم داخل خيمة من شوادر وخشب لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء. وهناك استقبلت الأسرة خبر نجاح توائمها الثلاثة: إذ حصلت شذا على معدل 96.3%، وعبد العزيز على 90.7%، وشهد على 89.3%.

وتنفست الأسرة الصعداء بعد أن تكللت مسيرة العذاب بالنجاح والتفوق، لتبدأ مرحلة أكثر صعوبة: إذ تعجز الأسرة اليوم عن إلحاق أبنائها الثلاثة بالجامعة بعد أن فقد الأب عمله ومنزله. "كان جزء كبير من دافعنا للتفوق هو أملنا بالحصول على منح دراسية؛ فنحن نعيش وضعًا اقتصاديًا بالغ الصعوبة."

ويختم عبد العزيز: "نتمنى أن يتوج تعبنا بمن يمد لنا يد العون لنلتحق بالتخصصات التي نحلم بها: الطب لشذا، وتكنولوجيا المعلومات لشهد، والهندسة الكهربائية التي هي حلم حياتي."

اخبار ذات صلة