تناولت صحف ومواقع عالمية بارزة فوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، مشيرة إلى أن غزة لم تكن بعيدة عن هذا الانتصار السياسي، الذي حمل دلالات تتجاوز حدود الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن ممداني حقق فوزًا لافتًا رغم حملة منظمة ضده، قادها خصوم جمهوريون وإعلاميون اتهموه بـ"التطرف" و"معاداة السامية" على خلفية مواقفه المؤيدة لفلسطين.
وأضافت أن المرشح الشاب ركّز خلال حملته على العدالة الاجتماعية وظروف المعيشة في نيويورك، متجنبًا الانجرار إلى "الحروب الثقافية" التي حاول منافسوه فرضها، كما تعرّض لمحاولات من خصومه لتجريده من جنسيته أو التشكيك في أصوله الأفريقية.
وأشارت الصحيفة إلى، أن أحد أبرز أسباب الهجوم عليه كان دفاعه العلني عن غزة، وتعهده بمنع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من دخول نيويورك في حال انتخابه، وهي تصريحات أثارت انزعاجًا في الأوساط الإسرائيلية، إلى درجة أن أحد الوزراء في حكومة الاحتلال دعا اليهود الأمريكيين إلى الهجرة إلى (إسرائيل) ردًّا على فوزه.
أما موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، فذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن فوز ممداني يمثل أول تعبير انتخابي عن "الصحوة الأخلاقية" التي أطلقتها حرب غزة داخل الولايات المتحدة.
وقالت الكاتبة سمية الغنوشي في مقال لها إن الإبادة الإسرائيلية في غزة لم تفضح فقط عنف الاحتلال، بل كشفت أيضًا المنظومة السياسية والإعلامية الغربية التي كانت تحميه لعقود، مشيرة إلى أن صعود ممداني يعكس بروز "فاعل سياسي جديد" مكوَّن من الشباب والمهاجرين والطبقة العاملة ومتعددي الأعراق.
وأضافت أن هذا التحول يعبّر عن تراجع هيمنة اليمين الأمريكي الشعبوي، وبداية تشكّل تيار تقدمي يتحدى نفوذ المال والإعلام، ويرفع قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق الفلسطيني.
وذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن حملة ممداني الانتخابية اعتمدت على تنظيم قاعدي أفقي، ضمّ طلابًا ومهاجرين وشبابًا من الطبقة العاملة ومنظمين لا يملكون وثائق قانونية، إلى جانب أسر من الأقليات الملونة وسكان الأحياء الفقيرة.
وخلافًا لحملات النخب التقليدية، تموّلت حملة ممداني من تبرعات صغيرة ومتوسطة، واعتمدت على العمل الميداني المباشر بدلاً من نفوذ جماعات الضغط واللوبيات الكبرى، مثل لجنة "أيباك" المؤيدة لـ (إسرائيل).
ولفتت "الغارديان" إلى أن أكثر من ثلث الناخبين اليهود في نيويورك صوّتوا لصالح ممداني، في إشارة إلى تحوّل في المزاج العام داخل الأوساط اليهودية الأمريكية، ودحض عمليّ للادعاء بأن التضامن مع فلسطين يعادل "معاداة السامية".
ورأت "ميدل إيست آي" أن انتصار ممداني جاء ضمن موجة أوسع من التحولات السياسية التي تشهدها دول غربية عدة، حيث أصبحت القضية الفلسطينية معيارًا أخلاقيًا جديدًا لقياس شرعية القوى السياسية.