قائمة الموقع

أنغام الطلاع.. صاروخ "إسرائيلي" حطم قلبها ولم ينل من حلمها

2025-11-10T11:02:00+02:00
الطالبة المتفوقة في الثانوية العامة أنغام الطلاع
فلسطين أون لاين

حطم الصاروخ "الإسرائيلي" الذي قتل والدها قلبها، وهي التي كانت تعده دومًا أن "تكون متميزة ومتفوقة يفتخر بها في كل مكان ويرفع رأسه عاليا". لطالما انتظرت أن يكون أول المهنئين لها لحظة تفوقها في الثانوية العامة لكن الفقد كان أسرع من الفرح.

 ورغم الوجع، لم تتحطم أنغام حلمي الطلاع، الطالبة في الفرع الأدبي، بل واجهت قسوة الحرب بصلابة وإصرار، حتى نالت معدل 98.9% لتحصد الترتيب الرابع على مستوى قطاع غزة.

لم تكن فرحة التفوق مجرد معدل لأنغام، بل مثل انتصارًا على واقع صعب هدد أحلامها. وفي كل مرة كانت تقترب فيها من اليأس وسط مشاهد الحرب والدمار، والنزوح، وانقطاع التيار الكهربائي، والمجاعة، وتأجيل الامتحانات، كانت تعود إلى كتابها، إلى حلم رافقها اثنتي عشرة سنة من الجد والمثابرة على مقاعد الدراسة.

تفوق رغم الفقد

ويوم إعلان النتائج، وصلت النتائج، تجمع الأهل جميعهم لمشاركتها فرحتها، والتي سبقتها فرحة إعلان وقف إطلاق النار، وغاب والدها عن مشهد لطالما تمنت أن يكون حاضرا فيه ، "لكنها الأقدار حينما تغلبنا، فإننا يجب أن نسلم لها" كما تقول في مستهل حديثها مع صحيفة "فلسطين".

وتقول: "قصة النجاح لم تبدأ في التوجيهي، بل عندما كنت صغيرة، فكنت دائما أحصل على المراتب الأولى، وأحب أن أكون متميزة، دائما كان لدي شغف، بالوصول للثانوية العامة، وأن أحصل على معدل عال، وأكون ضمن ترتيب الأوائل على الوطن، وطبعًا هذا شيء لن يكون سهلاً، خاصة في ظل ظروف حرب مدمرة".

بطموح كبير انخرطت الطلاع في دراستها مع بداية الموسم الدراسي تحمل حلما كبيرًا، لكن سرعان ما جاءت الحرب، وتوقف انتظام الدراسة في المدراس التي تحولت لمراكز إيواء، وبدأت معاناة أكبر تعيش، تعرض بيتها للقصف وأصيبت، ونجت هي وعائلتها بأعجوبة كبيرة.

خرجت الطلاع، من بين الركام، مصابة، تملؤها الرضوض والجروح، لكنها أيضا رفضت التخلي عن كتابها، في لحظات وجدت فيها نفسها غير قادرة على الدراسة، راسمت بذلك أنموذجًا في تخطي الصدمات، وأضافت: "كان الأمر صعبًا، كما أنني مكثت فترة طول في محاولة التعافي".

وعندما اقتربت من التعافي من الإصابة، جاءت جرح آخر، كان أصعب باستشهاد والدها، "في تلك اللحظة فكرت بالتخلي عن حلمي ودراستي، لأن الشخص الذي كان سندي ومشجعا لي طوال السنوات الدراسية، قد رحل!، لكن فيما بعد استجمعت قواي، واستطعت تجاوز الفقد، وكنت مؤمنة، أن التفوق هو أكبر شهادة يمكنني أن أقدمها لروح والدي وأجعله فخورًا بي حتى في استشهاده".

إصرار ومثابرة

 على ضوء الهاتف المحمول، أو على إنارة بديلة "ليدات" سهرت الطلاع أمام صفحات كتبها المدرسية، تستذكر: "مررت بمواقف صعبة، إضافة إلى المجاعة وقلة الطعام، وطبعا المعاناة كانت كبيرة، وكل يوم يمر كان أسواء من سابقه. لم أتخلَ عن واجباتي تجاه أسرتي، شاركتهم في تعبئة المياه وغيره من الأعباء اليومية، وفي نفس الوقت بقيت متمسكة بأحلامي وهدفي".

فجر كل يوم كانت الطلاع تنخرط ببرنامجها الدراسي، وتقرأ وردها اليومي من القرآن الكريم والأذكار الدينية، وتبدأ برنامجها الدراسي اليوم، حتى يستيقظ أفراد عائلتها وتساعد أمها في تجهيز الطعام وبعض المهام اليومية، ثم تعود للدراسة، وأمضت برنامجها بين دراسة وعمل، لكن صوت الصواريخ والمجازر التي كانت تسمعها، كانت تزيد مخاوفها وقلقها.

وتابعت: "المسؤولية كانت كبيرة، لا يستطيع أي شخص تحملها. مررت بضغوطات كبيرة، بس دائما كنت أهون على نفسي، ومحاولة خلق نوع من التحفيز الداخلي، وعدم اليأس. هذه الظروف جعلتنا نصبح أكبر وأنضج ونفهم الحياة، ونحمل مسؤولية أكبر من أعمارنا، في وقت أبناء جيلنا خارج غزة يعيشون حياة رفاهية، بينما نحن كان القصف يسلب منا الراحة والشعور بالأمان".

عن تفوقها في التوجيهي، يملأ الفخر نبرة صوتها في إجابة مليئة بالفرح: "هو ثمرة التعب وحصاد المجهود، ونهاية مشوار دراسي، وبداية مستقبل آخر في الحياة الجماعية، أكثر شيء أسعدني أنني رسمت الفرحة على وجوه عائلتي، التي مرت بمواقف صعبة بعد استشهاد أبي"، مهدية التفوق إلى روحه.

اخبار ذات صلة