اشتعلت وسائل الإعلام العبري، عقب فوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، إذ أعلن ممداني فوزه في خطاب النصر الذي ألقاه أمام حشد من أنصاره، مؤكدا أنه سيؤدي القسم رسميا مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، ليصبح أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ المدينة.
ووفقًا لاستطلاع آراء الناخبين عقب إغلاق صناديق الاقتراع، تصدر ممداني (34 عامًا)، مرشح الحزب الديمقراطي، السباق متفوقًا على المرشح الجمهوري كورتيس سْليوا والمرشح المستقل والحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو.
وبذلك سيكون ممداني أول عمدة مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
وأظهرت التقديرات الأولية أن المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك حصل على 50.4% من الأصوات مقابل 41.3 لمنافسه الجمهوري متقدما بفارق أكثر من 100 ألف صوت. وكان ممداني دائما هدفا للهجمات، بسبب مواقفه من سياسات الحكومة "الإسرائيلية" والحرب في غزة، لكنه لم يتراجع عنها.
الإعلام العبري يتخبَّط
وقال يدان كويلر، مراسل موقع "واللا" في الولايات المتحدة ، حول فوز زهران ممداني، إن خوف يهود نيويورك كبير جدًا، والسؤال هو ما الذي سيفعله ممداني بتصريحاته السابقة". وأضاف "لقد اعتقل بعد السابع من أكتوبر، وكان يقود مظاهرات وإضرابات عن الطعام دعما لحماس ولسكان غزة".
وتابع "هناك طاقة تغيير في الأجواء، لكنها قد تكون متطرفة جدًا"
وأما داني دانون، سفير الاحتلال في الأمم المتحدة، حول انتخاب ممداني، علّق بالقول "واقع جديد، هذه حالة فريدة لأن الحديث يدور عن رئيس بلدية عبر مرارا وبحدة شديدة عن موقفه ضد "إسرائيل" وضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولم يتراجع عن مواقفه طوال الحملة الانتخابية".
وأضاف " نحن بالتأكيد قلقون من انتخابه، ومن سلامة الجالية اليهودية الكبيرة التي تعيش هنا في نيويورك".
ووصفت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية فوز ممداني، بأنه ناقوس خطر "لإسرائيل"، مشيرةً إلى أن فوز زهران ممداني برئاسة مدينة نيويورك ليس حدثًا عابرًا، بل يعكس اتجاهًا متسعًا يشكك في شرعية وجود الدولة اليهودية وحقها في تقرير مصيرها.
وقالت " من الغريب أن مدينة نيويورك — التي شهدت أحداث 11 سبتمبر وتضم أكبر جالية يهودية في العالم — تختار شخصية مسلمة عُرفت بانتقادها الحاد لـ "إسرائيل".
وأوضحت، أن "هذا الفوز يعني أن "إسرائيل" لم تعد تحظى بإجماع داخل الشارع الأمريكي، وسط تزايد تأثير الديمقراطيين التقدميين".
وأمَّا ما يسمّى بوزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير"، علّق بكلمات تحريضية على انتخاب زهران ممداني، وقال "وصمة عار أبدية حول كيف تتغلب اللاسامية على العقل السليم". ووصف ممداني بأنه "داعم لحماس وكاره لإسرائيل ومناهض علني للسامية".
وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية، أنَّ جمهور ممداني هتف الليلة "الحرية لفلسطين" خلال الإعلان عن فوز مرشحهم لمنصب عمدة نيويورك.
ورأى وزير شؤون الشتات "الإسرائيلي"، أن انتخاب زهران ممداني عمدة لنيويورك حدث عالمي ليس أمريكيا فقط.
من هو زهران ممداني؟
وُلد ممداني في كامبالا، أوغندا، وانتقل مع عائلته إلى نيويورك عندما كان في السابعة من عمره. والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل لاحقاً على شهادة في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين، إذ شارك في تأسيس فرع "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" داخل الحرم الجامعي.
وأصبح السياسي التقدمي، الذي ينتمي إلى جيل الألفية، أول عمدة مسلم ومن أصول جنوب آسيوية في المدينة، ولم يتردد في إعلان جذوره وسط هذا التنوع السكاني. فقد نشر أحد فيديوهات حملته بالكامل باللغة الأردية متضمناً لقطات من أفلام بوليوودية، وفي فيديو آخر تحدث بالإسبانية. والدته ميرا ناير، مخرجة سينمائية مرموقة، ووالده الأكاديمي محمود ممداني الذي يُدرس في جامعة كولومبيا.
وكلا والديه من خريجي جامعة هارفارد. ويقدم ممداني نفسه كمرشح الشعب وسياسي جماهيري.
وقبل دخوله معترك السياسة، عمل مستشاراً في قطاع الإسكان، إذ ساعد مالكي المنازل من ذوي الدخل المحدود في منطقة كوينز على مواجهة خطر الإخلاء. وجعل من عقيدته كمسلم جزءاً واضحاً من حملته الانتخابية، إذ اعتاد زيارة المساجد بانتظام، كما نشر مقطعاً دعائياً باللغة الأردية يتناول أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة.
وقال في تجمع جماهيري الربيع الماضي: "ندرك أن الظهور علناً كمسلمين يعني أيضاً التضحية بالأمان الذي نتمتع به ونحن في الخفاء".
وقال جاغبريت سينغ، المدير السياسي لمنظمة العدالة الاجتماعية "درام"، في تصريح لبي بي سي: "لا يوجد حالياً أي مرشح لمنصب العمدة يجسد مجمل القضايا التي تهمني بحق سوى زهران".
نيويورك.. الحاضنة الأكبر للجالية اليهودية
وتُشكّل مدينة نيويورك وحدها أكثر من 40% من سكان ولاية نيويورك، ويتجاوز حجم اقتصادها 2.3 تريليون دولار، أي أكبر من اقتصاد كندا، وتمثل حوالي 9% من إجمالي اقتصاد أمريكا.
وتشهد المدينة، التي تحتضن أكبر جالية يهودية خارج "إسرائيل"، يبلغ تعدادها مليون نسمة، منافسة كبيرة بين مرشحين داعمين "لتل أبيب"، وفي مقدمتهم الحاكم الحالي للمدينة إريك أدامز، والحاكم السابق أندرو كومو، من جهة، وبين ممداني المسلم الداعم لفلسطين من جهة أخرى.

