يتصدر المرشح الديمقراطي زهران ممداني (34 عامًا) السباق الانتخابي لرئاسة بلدية نيويورك، وفق أحدث استطلاعات الرأي التي أظهرت تقدّمه الواضح على منافسيه قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع، في انتخابات تُعدّ الأهم في تاريخ المدينة الحديث من حيث رمزيّتها السياسية والاجتماعية.
ووفق استطلاع جامعة “كوينيبياك” بين 23 و27 تشرين الأول/أكتوبر، حصل ممداني على 43% من نوايا التصويت، مقابل 33% للمرشح المستقل أندرو كومو، و14% للجمهوري كورتيس سليوا. ويعني ذلك أن الشاب القادم من الجناح التقدّمي للحزب الديمقراطي، بات أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق إنجاز غير مسبوق، كأول مسلم من أصول جنوب آسيوية يقود أكبر مدينة أمريكية.
في خطوة لافتة عشية الانتخابات، أجرى الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما اتصالًا هاتفيًا بممداني، أشاد خلاله بحملته الانتخابية، وعرض أن يكون مستشارًا له بعد الفوز، وفق ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
وقال أوباما خلال المكالمة التي استمرت 30 دقيقة إنه "يتابع بإعجاب أداء الحملة"، مؤكدًا أن ممداني يمثّل "جيلًا جديدًا من القيادة التقدمية" داخل الحزب الديمقراطي.
ورغم عدم إعلان أوباما تأييده رسميًا التزامًا بتقليده بعدم التدخل في الانتخابات المحلية، إلا أن الاتصال اعتُبر دفعة رمزية قوية تعزز موقع ممداني في ظل تردّد بعض قادة الحزب في إعلان مواقفهم.
تميّزت حملة ممداني بقدرتها على الوصول إلى فئات متعددة من سكان المدينة، من ذوي الأصول الأفريقية والآسيوية والعربية واليهودية والمسلمة، عبر خطاب يركّز على المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
وفي مقطع فيديو موجّه للناطقين بالعربية، قال ممداني مبتسمًا: "أنا اسمي زهران ممداني وعم رشّح حالي لأكون العمدة الجديد في مدينة نيويورك. بعرف شو تفكروا، شكلي كأني صهركم من الشام، بس العربي تبعي بده شوية شغل".
وأضاف: "العيشة بنيويورك صارت غالية للكل، وصار صعب نعيش فيها ونربي أولادنا، وأنا أعدكم أن أعمل بكل جهدي لتسهيل حياتكم، ودعم مشاريعكم الصغيرة، وتخفيض الإيجارات".
ويتبنّى ممداني برنامجًا تقدّميًا يُركّز على تجميد الإيجارات لأكثر من مليوني شخص، وتوفير نقل عام مجاني، ورعاية شاملة للأطفال، ودعم المؤسسات الصغيرة.
ويؤكد أن رؤيته تستهدف "جعل المدينة أكثر عدلاً وإنسانية"، في ظل أزمات السكن وارتفاع تكاليف المعيشة التي تضرب الطبقة المتوسطة والفقيرة في نيويورك.
يقود حملة ممداني أكثر من 90 ألف متطوع، معظمهم من الشباب، في واحدة من أكبر الحملات الشعبية في تاريخ الانتخابات المحلية الأمريكية.
وقال ممداني في مقابلة مع برنامج ذا ديلي شو: "الأمر كله يعود إلى الناس، إلى إيمانهم بأن المدينة التي نحبها يمكن أن تكون أفضل لنا جميعًا".
ترشح رمزي يتجاوز نيويورك
يرى محللون أن ترشح ممداني وتقدّمه المفاجئ يعكس تحولًا داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي نحو اليسار الاجتماعي، كما أنه يحمل رسالة رمزية للمسلمين والمهاجرين بأنهم قادرون على الوصول إلى مواقع القرار في واحدة من أكثر المدن تنوعًا في العالم.
وإذا ما فاز ممداني في انتخابات الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، فسيكون أول عمدة مسلم في تاريخ نيويورك، ووجهًا جديدًا للجيل السياسي الصاعد في الولايات المتحدة، الذي يرفع شعار العدالة والمساواة للجميع.