كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تقرير استقصائي موسّع، عن معلومات جديدة تتعلق بمصير الصحافي الأمريكي أوستن تايس، الذي اختفى قرب العاصمة السورية دمشق عام 2012، مشيرة إلى أن مستشار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بسام الحسن، قال إن الأسد أمر بإعدامه عام 2013.
وبحسب التقرير، فإن فريقًا من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) زار سوريا في سبتمبر/أيلول الماضي للبحث عن آثار تايس في منطقة جبل قاسيون، حيث يُعتقد أنه كان محتجزًا في منشأة تابعة للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية، قبل أن يغادر الفريق بشكل مفاجئ إثر قصف إسرائيلي للمنطقة.
ونقلت "سي إن إن" عن بسام الحسن، وهو مستشار أمني سابق للأسد، قوله في لقاء سري مع مراسلتها في بيروت: "بالتأكيد، أوستن مات. أوستن مات"، مضيفًا أنه سلّم أمر الإعدام بنفسه إلى أحد مرؤوسيه بأمر مباشر من بشار الأسد.
وأضاف الحسن: "لا أريد حماية بشار الأسد، لأنه تخلى عنا وتركنا. هذا الأمر يتعلق بالرئيس بشار فقط".
لكن التقرير أشار إلى أن الحسن فشل في اختبار كشف الكذب الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأن روايته احتوت على ثغرات عدّة، رغم إصراره على أن تايس أُعدم قبل أكثر من عقد.
ووفقًا لمسؤولين سابقين تحدثوا للشبكة، فإن تايس احتُجز بداية في مجمع للحرس الجمهوري يُعرف باسم "الطاحونة" في دمشق، وكان تحت إشراف مباشر من الحسن، بينما أشرف على التحقيق معه ضابط الاستخبارات صفوان بهلول، الذي قال: “استجوبتُ تايس ثلاث مرات. كان هادئًا وشجاعًا ومتعاونًا، وتحدثنا حتى عن الموسيقى”.
وبحسب شهادات متعددة، فإن الفيديو الشهير لتايس الذي ظهر فيه مقيّد العينين تم تصويره عام 2012 في منطقة جبلية قرب الحدود اللبنانية، على يد عناصر من النظام السوري متنكرين بزي جهاديين، لإيهام العالم بأن الصحافي محتجز لدى جماعة متطرفة.
وأشار بهلول إلى أن تايس تمكن لاحقًا من الهرب مستخدمًا صابونًا ومنشفة لتجاوز الأسلاك والزجاج، لكنه أُعيد القبض عليه بعد يومٍ واحد فقط، وسُلّم إلى ميليشيا الدفاع الوطني التي كان يرأسها الحسن، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخباره تمامًا.
وأكد غسان نصور، القائد السابق في الحرس الجمهوري، في اتصال مع الشبكة من الإمارات، أن المعتقل الذي كان فيه تايس “لم يكن سجنًا رسميًا، بل منشأة احتجاز مؤقتة”، مضيفًا أن “الجنود لم يكونوا يدركون من هو السجين المهم لديهم”.
ووفق تقرير “سي إن إن”، فقد اعتبر الأسد تايس ورقة تفاوض مع واشنطن، لكن بعد هروبه، يُعتقد أنه أمر بتصفيته شخصيًا.
وقال اللواء اللبناني المتقاعد عباس إبراهيم، الذي قاد وساطات عدة خلال عهدي أوباما وترامب، إن “الأمريكيين كانوا مستعدين لدفع أي ثمن لاستعادة تايس، لكن النظام السوري ربما لم يعد يمتلك هذه الورقة بعد فترة قصيرة من اختفائه”.
وفي المقابل، ما زالت عائلة تايس متمسكة بالأمل. وقالت والدته ديبرا تايس في بيان للشبكة: “أوستن تايس على قيد الحياة. نتطلع إلى رؤيته حرًا طليقًا”.
وختم التقرير بأن الغموض ما زال يكتنف مصير تايس رغم مرور 13 عامًا على اختفائه، مشيرًا إلى أن تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي ما تزال مستمرة “في محاولة لتحقيق بعض العدالة في هذا الملف المعقد”.